الأقباط متحدون - الدراسات العليا فى مصر.. «بوروروم»
أخر تحديث ٠٥:٢٢ | السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥ | ١٣بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الدراسات العليا فى مصر.. «بوروروم»

رامي جلال
رامي جلال

 الدراسات العليا عندنا مثل الأعمال السفلى لا وجود لها. وهى تبدأ بعام تمهيدى لا معنى له إلا تحصيل الأموال من الطلاب، وممارسة بعض الدكاترة لمراهقتهم الأكاديمية (الكثيرون محترمون، لكن البعض لا يحضر أو لا يشرح أو لا يفيد).

 
فى عام جامعى واحد (2013/2014)، قُيد فى برامج الماجستير والدكتوراه بمصر 137 ألفاً للأولى، و47 ألفاً للثانية (مائتا ألف بنى آدم، بزيادة 35 ألفا عن العام السابق، و77 ألفا عن الأسبق). فيما حصل فى العام نفسه على درجتى الماجستير والدكتوراه 15 ألفاً للأولى و6 آلاف للثانية (21 ألف رأس تُضاف لرؤوس العلم، بزيادة 3 آلاف عن العام السابق، و6 آلاف عن الأسبق).أى أنه فى عام جامعى واحد (2013/2014) أضيف للبحث العلمى واحد وعشرون ألف رسالة، ومعظمها رسائل مصابة بداء الاستسقاء، لذلك نجد الواحدة منها متضخمة، وهى ليست أعراض «حمل» للعلم، لكنه سوء هضم للمعارف يؤدى للانتفاخ، فمتوسط حجم الرسالة فى مصر مرعب ويُعد بمئات الصفحات، أى أنه فى العام المذكور وحده أضيفت للبحث العلمى فى مصر عدة ملايين من الصفحات (حوالى 400 طن من العِلم!).
 
«الرسائل المكلبظة» لا توجد إلا عندنا، وهى قائمة على نظرية «شىء لزوم الشىء»، فإن قرأت رسالة علمية تناقش مثلاً ظاهرة «البوروروم» فى مصر، فسوف تقرأ فصولاً عن معنى «البوروروم» لغة ومفهومه اصطلاحاً، ثم «البوروروم» عند شعوب البحر المتوسط، و«البوروروم» فيما بين النهرين، والفرق بين «البوروروم العادي» و«البوروروم أبو سكسوكة»، وتأثيرات «البوروروم» على النفس البشرية، ثم «البوروروم» وظاهرة الاحتباس الحرارى، كل ذلك والرسالة لم تضف أى جديد عن «البوروروم» ولم تدخل فى صلب موضوعها. بعدها ستجد فصلاً يتيماً يجلس فى النهاية خجلان من نفسه يناقش بسرعة الموضوع الأساسى للرسالة، ثم يتمتع «الباحث» بجرأة لا مصدر لها ليختم «بحثه» بنتائج وربما توصيات.
 
عند مناقشة الرسالة، تقوم اللجنة بنقد ونقض المحتوى الهزيل، فيشعر المتابع أن الباحث هالك لا محالة، لكن فى النهاية تُقال الجملة الشهيرة «قررت اللجنة منح فلان الدرجة». أعتقد أن الحصول على «درجة سلم» أصعب من ذلك بكثير!
 
«البوروروم» يثبت أن أعظم اختراع بشرى حديث هو «القص واللزق»، فغالبية الرسائل العلمية المصرية هى إعادة إنتاج لما أنتجه الآخرون؛ فنحن لا ننتج جديدا بل نجدد المُنتج! وأظن أن البراعة الحقيقية للكثير من الباحثين تتجلى فى مرحلة التنسيق والطباعة واختيار الخطوط ووضع الصور، والتجليد الفاخر والكتابة المُذهبة، هنا يتعب الباحث فعلاً ويشقى ليخرج منتجه «العلمى» على أفضل ما يكون.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع