الأقباط متحدون - شهر العمل لا الكسل
أخر تحديث ١٦:١٤ | الاثنين ٢٢ يونيو ٢٠١٥ | ١٥بؤونه ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٩٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

شهر العمل لا الكسل

شوقي علام
شوقي علام

من السلبيات الشديدة التى نتجت عن تكلس المفاهيم الخاطئة بعقول البعض، إن رمضان شهر للكسل وترك العمل وقلة الإنتاج، بحجة التفرغ للعبادة والقيام وقراءة القرآن، وهذا مفهوم غير صحيح، نحن بحاجة إلى تصحيحه ونحن نعيد بناء مصر الحضارة من جديد، ذلك أن انتشار المفاهيم المغلوطة وخاصة الدينية منها تضر بنا وبمصرنا غاية الإضرار.

إن شهر رمضان الكريم كان فى حياة أسلافنا الصالحين شهر عمل واجتهاد وشهر تشمير وجهاد، وإذا ما اعتقدنا أن من صحيح ديننا أن العمل عبادة من العبادات، علمنا أنه ما من عمل حلال إلا وهو يحقق مقصود الله تبارك وتعالى، من تحقيق خلافة الإنسان فى أرض الله لتعميرها وتذليلها لإخوانه، لتحقيق الغاية من وجوده وهى عبادة المولى سبحانه، فلا انفصال ولا انفصام بين دنيا ودين ومسجد ومصنع وحقل وخلوة، وكلها ميادين صلاح وإصلاح وعبادة وتوجه لله رب العالمين.

وقد أعلى الله تبارك وتعالى من قيمة العمل، وجعله محلا لنظره سبحانه ونظر رسوله صلى الله عليه وسلم وسائر المؤمنين «وقل اعلموا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» والنبى صلى الله عليه وسلم أعلى من قيمة العمل جدا حتى قال «إذا قامت القيامة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها» فالإنسان الذى عاين أهوال القيامة ودمار الكون من حوله وانتهاء كل شىء وصيرروته إلى ربه حتى تستوفى كل نفس حسابها، وهو أعظم مشهد يترآى للإنسان على الإطلاق «يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد» هذا الإنسان مأمور أن يستكمل غرس الفسيلة التى لن ينتفع بها أحد ولن تمهلها القيامة حتى تصير نخلة كبيرة مثمرة، لكنه العمل الذى هو قيمة معنوية فى نفسه، بغض النظر عما يجلبه من مال أو من نفع عاجل.

فكيف بالإنسان يترك عمله أو يتكاسل ويقصر فيه لأنه صائم؟
إن التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، بتسهيل مصالح الناس وقضاء حوائجهم وتييسير معاملاتهم ورحمتهم من زحمة ما يعانيه الإنسان المصرى إذا ما احتاج إلى الذهاب إلى مستشفى أو مصلحة حكومية، ليعدل فى الميزان عند الله ثوابا عظيما قد لا يحصل معشاره قارئ القرآن القائم بالليل المقصر فى أداء حقوق وظيفته، وما وكله الله بها من أمانات.

إن العامل فى مصنعه والمهندس فى موقعه والطبيب فى مستشفاه والضابط فى ميادين القتال وحفظ الأمن كلهم عباد لله تبارك وتعالى، قائمون بتحقيق أمره ومراده، ينالون من الثواب والأجر عند الله تعالى ما لا يعلمه إلا الله سبحانه، لأنهم كما قال عنهم الحبيب صلى الله عليه وسلم «إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم إلى الخير وحبب الخير إليهم هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة».

وفى الحديث الشريف أيضا «من فرج عن مسلم كربة فرج الله عن كربة من كربات يوم القيامة».
فكيف تنقلب الموازين وتختل عند بعض الناس حتى يحول رمضان من شهر للعمل والمجاهدة ومقاومة السلبيات والأخلاق الذميمة إلى شهر للكسل والدعة والنوم على المكاتب وممرات مصانع الإنتاج والتهرب من أداء الوظيفة، التى يتعاطى عليها أجرا يطعم منه ويطعم أولاده؟

كيف نجعل أن عمل الدنيا يتعارض مع عمل الدين، وكيف نتصور أن الله يتقبل منا تلاوة القرآن والختمات التى تؤدى فى وقت العمل وتعطل حركة الإنتاج ومصالح الناس؟

إن مصر العظيمة التى انتصرت بسواعد جنودها الذين رفضوا رخصة الإفطار فى حرب العاشر من رمضان وجاهدوا فى سبيل الله صائمين وحققوا بعرقهم ودمائهم أكبر ملحمة نصر فى التاريخ، هى التى ستنهض بسواعد أبنائها الصائمين.

نقلا عن الشروق


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع