مجدي جورج
تناول الاعلام خلال الساعات القليلة الماضية انباء قيام انصار بيت المقدس بهجمات متزامنة علي اكثر من عشرة كمائن للقوات المسلحة ، وسواء كان عدد المهاجمين من التكفيرين ٧٠ تكفيري كما قال بيان القوات المسلحة ام كان ٣٠٠ تكفيري علي حسب بياناتهم ، وسواء صدقت بياناتهم باستسهاد ٧٠ جندي وضابط مصري ام صدقت بيناتنا بان شهداء قواتنا المسلحة هم فقط سبعة عشر . فهذا كله ليس مجالنا الان ولكن مجالنا فقط هو داعش وأخواتها .
فهل نجحت داعش فعلا في الدخول لبلادنا وبناء فرع لها في سيناء اسمه انصار بيت المقدس ؟ ام اننا نحن الاصل ونحن من اسسننا داعش وأخواتها ؟
وهل كانت مبايعة بيت المقدس لداعش منذ عام مبايعة فرع للاصل ام ان الاصل عاد لموطنه ؟
تعالوا نعود معا قليلا للوراء لنري ان التطرف للاسف هو فكر مصري ، صناعة مصرية خالصة ساندها في أغلب الأحيان التمويل السعودي منذ تألف السادات مع ملوك ال سعود وتحالفهما لإرسال الشباب المصري بتمويل سعودي لقتال السوفيت في أفغانستان .
فداعش ( دولة الخلافة الاسلاميه بالعراق والشام ) التي يعاني الجميع من ويلاتها اليوم قد نشأت من لدن القاعدة في بلاد الرافدين التي كان يرأسها ابو مصعب الزرقاوي والتي كانت مرتبطة وموالية للقاعدة برئاسة اسامة بن لادن .
وبن لادن استقي أفكاره المتشددة المتطرفة من عبدالله عزام الذي صاحبه في أفغانستان وباكستان اثناء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وعبد الله عزام هذا الفلسطيني المنتمي للاخوان المسلمين نهل من منابع الأزهر الشريف الذي نال منه الدكتوراه في سبعينات القرن الماضي
، بالاضافة الي ان بن لادن تأثر كثيراً بأفكار الدكتور عمر عبد الرحمن اثناء تواجد عمر عبد الرحمن بباكستان لتشجيع الشباب علي الجهاد في مواجهة السوفيت وعمر عبد الرحمن دارس وأستاذ بالأزهر وهو مفتي الجماعات الاسلامية التي قتلت السادات ، بالاضافة الي ذلك فان الساعد الأيمن لبن لادن وخليفته من بعده في ترؤس القاعدة هو المصري ايمن الظواهري الذي اثر كثيراً بأفكاره المتطرفة في بن لادن .
اذا لا نستطيع ان ندعي ونقول ان بيت المقدس فرع من فروع داعش فنحن أساس التطرف والعنف وقد عاد الاصل الي بيته ، نحن الذين زرعنا التطرف في كل بقاع الارض .
انظروا الي الجزائر وعشرية الدم والدموع او العشرية السوداء من ١٩٩١ الي ٢٠٠٢. وهو الارهاب الظلامي الذي استهدف البلاد فاردي عشرات الاف من القتلي فهل تعرفوا ان اكبر مسئولين فيه وهما عباس مدني وعلي بلحاج زعيما الجبهة الاسلامية للإنقاذ تلقيا تعليمهما ودروسهما الدينية علي يد مبعوث مصري اخواني للجزائر وهو الشيخ محمد الغزالي وصحبه لفترة بالتدريس في الجامعات الجزائرية الشيخ القرضاوي وقد شهدت سنوات إقامتهما بالجزائر بدايات ما سمي بالصحوة الاسلامية عند الشباب الجزائري والذين شاركوا فيما بعد بصفة أساسية في قتل السكان الجزائريين .
تعالوا ننتقل جنوبا لأفريقيا السوداء وتحديدا نيجيريا حيث تعبث بها جماعة بوكو حرام ( والتي تعني التعاليم الغربية حرام ) فمن أين استمد زعيمها ابو بكر شيكاو تعليمه وأفكاره ؟
لقد استمدها من تعليمه بالأزهر .
بلمختار بلمختار هذا الجزائري الذي قاتل في الجزائر وفي ليبيا ومالي والذي قيل انه قتل في غارة أمريكية تلقي تعليمه بالأزهر .
زعماء حركة الشباب الاسلامي في الصومال التي ارتكبت العديد من المجازر في كينيا والصومال يقال ان زعيمها تلقي علومه بالأزهر .
ولو حاولنا ان نعدد كم الارهابيين المتأثرين بتعاليم الأزهر لاحتجنا لمجلدات .
هل أزيدكم من الشعر بيتا وأقول لكم ليت التطرف توقف عند خريجي الأزهر فقط في مصر ولكن للاسف التطرف اصبح أسلوب حياة لان أفكار الأزهر المتطرفة انتقلت خلال الأربعين عاما الماضية الي الاعلام والتعليم والثقافة فتشربت الغالبية العظمي من المصريين للاسف بثقافة التطرف بحيث اصبح اغلب المصريين دواعش ينتظرون الفرصة المناسبة لإخراج الداعشي الكامن داخلهم ، وهذا ما ظهر في سيناء فبرغم وجود نماذج جيدة هناك رفضت وجود التكفيرين بيتهم ، الا ان هناك نسبة اكبر تشجع انصار بيت المقدس ، بل ان هناك نسبة من أبناء القبائل تشارك معها في قتال الجيش، بحيث وجد التكفيريين هناك بيئة ملائمة لهم وهذا هو سر عدم قدرة الجيش علي القضاء عليهم نهائيا منذ عامين .
لا الطائرات ولا الدبابات ولا الجيش ولا الشرطة هي العامل الأساسي في القضاء علي الارهاب قضاءا تاما مبرما وان كان لاغتي عن ذلك حاليا . بل العامل الأساسي للقضاء علي الارهاب هو ثورة دينية كاملة ، إصلاح ديني كالذي حدث في اوروبا منذ قرون . لن ينفعنا تغيير الخطاب الديتي والعقلية الحافظة للتراث موجودة وكتب التراث موجودة يمكن الرجوع اليها في اي وقت ، بل ما نحتاجه هو حركة إصلاح شاملة واذا لم ننفذها الان فسنضطر إسفين لتنفيذها مستقبلا كي يقبلنا العالم الذي يتفرج علي مأستنا اليوم ونحن نقتل بعضنا بعضنا تحت شعار الدين .
Magdigeorge2005@hotmail.com