كتب - محرر الأقباط متحدون
رواية
مجموعة النيل العربية
أهم ما يميز تجربة الروائي مصطفى البلكي هو الاجتهاد والدأب، يشهد على ذلك حصوله على العديد من الجوائز، واصداره لعدد وافر من الأعمال ما بين الرواية والقصة وأدب الطفل.
وفي روايته سيرة الناطوري التي تقع في حوالي 140 صفحة، يأخذنا البلكي الى مجتمع الصعيد الذي ينتمي اليه، وهو مجتمع حافل بالنماذج التي تظل محفورة في الذاكرة.
كما تستعيد الرواية علاقة الحفيد ب الجد في لحظة انكسار هذا الجد المهيب، وهي لحظة ممزوجة بالحنين والأسى واستعادة نموذج الأب.
هزيمة الجد/البطل تلقي بظلالها النفسية والاجتماعية والسياسية على واقعنا المعيش.. عن علاقتنا بالبيت او الدار كبديل ورمز للوطن نفسه.. من خانوا ومن باعوا ومن شمتوا في الهزيمة!
وهل المأساة في موت الناطوري الكبير ام في الهوان؟ نحن امام الراوي الحفيد ممثلا للمستقبل.. الحكم الذي يقيم الماضي ويعيد قراءته املا في الفهم.. بمنطق الرواي العليم الذي يستعين بلغة فصيحة لا تخلو من مفردان عامية صعيدية خصوصا في بعض الحوارات، ومحاولة بناء النص بمنطق الحكي الشعبي وهو ما تدل عليه عناوين مثل: زهيرة حكاية القريللا، الربع: حكاية لها العجب، صاحب الشيلة العم سليم.
تتحرك عين الرواي لالتقاط نماذج مختلفة من هذا المجتمع المصغر المنهار بانهيار كبيره. وعن عالم الرواية يقول الروائي محسن يونس:
يكتب البلكي بطريقة المتسلل الذي ربما يعرف المكان ولكنه على حذر من الاندفاع نحو التورط الكامل، فهو المتأمل للأفعال، وطارح او المستمع للأسئلة والتي قام عليها البناء الروائي، وليس القتل الفردي هنا هو المحرك للأحداث، ولكنه الموت لما نسميه النخوة في الحفاظ على ارضك التي هي في عرف اهلنا عرضك، فويل لمن يفرط فيه، فسوف يلاحقه العار ولن يجلله الا الهوان.
ومن اجواء الرواية نقرأ:
للصبح حضوره في براح التصليبة، حيث الوجوه الكثيرة المغسولة بشمس الصباح، والحركة التي لا تهدأ ابدا، وطغيان فكرة الركض خلف اشخاص بعينهم. احاول بكل قواي الخروج من تلك الدائرة اللعينة، السابح فيها فكري منذ لحظات وصول دبيب خطوات قدمي سكرة الى هنا، عيون كثيرة كانت بمقدورها انتشالي من البحر المتلاعبة امواجه بزورقي، في السابق كنت اول من يحضر الى المكان، اظل في مكاني بعيدا عن الواقفين، في انتظار ياقوتة، فاذا ما جاءت، اتحرك، وأدخل نفس السيارة التي دخلتها، اما الآن، عيناي تتعلقان بعيون كثيرة، لا تملك نفس السحر.