الأقباط متحدون - هل جاء أوان المصالحة مع الإرهاب؟!
أخر تحديث ١٧:٢٨ | الخميس ٩ يوليو ٢٠١٥ | ٢أبيب ١٧٣١ ش | العدد ٣٦١٦السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل جاء أوان المصالحة مع الإرهاب؟!

مكرم محمد أحمد
مكرم محمد أحمد

 استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسى بابتسامته الواثقة وهو يخاطب القوات المسلحة فى سيناء، بعد يومين من أحداث الأربعاء المجيد، مرتدياً بذته العسكرية، أن يبعث برسالة طمأنينة وتفاؤل لكل المصريين، تؤكد للجميع أن القوات المسلحة قادرة على اقتلاع جذور جماعات الإرهاب من سيناء بعد أن حققت فى معارك الأربعاء نصراً عظيماً، كبّد الإرهابيين خسائر مهولة وثقتها شرائط الفيديو التى أذاعها المتحدث العسكرى، وأفسد مخططاً شريراً، بدأ باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات بسيارة مفخخة وضعت إلى جوار بيته فى مصر الجديدة، ومحاولة تفجير سيارتين مفخختين فى مدينة 6 أكتوبر مساء اليوم نفسه، وبلغ المخطط الشرير ذروته فى هذا الهجوم المتزامن الذى شنه أكثر من 300 إرهابى صبيحة اليوم الثانى لعملية الاغتيال، مسلحين بمدافع «آر بى جى» وهاونات وصواريخ ومدافع مضادة للطائرات على أكثر من 14 موقعاً وكميناً للقوات المسلحة حول منطقة الشيخ زويد، فى عملية نوعية جديدة استهدفت السيطرة على المدينة وإعلانها عاصمة لإمارة سيناء، لكن يقظة القوات المسلحة قطعت دابر العدوان، وأكدت للجميع أن ما حققه تنظيم «داعش» فى العراق باستيلائه مرة ثانية على محافظة الرمادى، وفى سوريا بسيطرته على محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، يستحيل أن يتكرر فى مصر ولو على مساحة بوصة واحدة، بفضل القوات المسلحة المصرية التى تملك قوة ردع هائلة، الموجود منها فوق أرض سيناء لا يتجاوز 1% من حجمها الكلى، كما أعلن القائد الأعلى للقوات المسلحة فى تحيته لجنوده البواسل.

 
وكما بعثت كلمة الرئيس السيسى، وظهوره وسط قواته المسلحة فى سيناء، رسالة ثقة وتفاؤل لكل المصريين، انطوت كلمة السيسى على رسالة تحذير مباشر لكل قوى العدوان بأنها أبداً لن تحقق أى نجاح لأن القوات المسلحة تقف لها بالمرصاد، وعلى القتلة أن يعرفوا أنهم لن يفلتوا أبداً من القصاص العادل، كما انطوت كلمة الرئيس السيسى على رسالة قوية للعالم أجمع بأن مصر سوف تستمر فى حربها على الإرهاب دفاعاً عن أمنها واستقرارها، وعن أمن الشرق الأوسط واستقراره، التزاماً بمسئوليتها عن الأمن العربى وعن قيم الإسلام الصحيح، وتراث الحضارة المصرية الذى يجعل من العمران والبناء وليس الهدم والتدمير رسالة الإنسان على الأرض، لأن مصر لم تكن أبداً على طول تاريخها قوة عدوان، كما أن جيشها الوطنى لم يكن أبداً قوة قهر واحتلال رغم أنه أقدم جيوش العالم وأشدها عراقة، خاض كل معاركه دفاعاً عن أمن مصر ضد غارات المغول والتتار والفرس والروم والفرنجة والإسرائيليين الذين تقاطروا على أبواب مصر الشرقية، أملاً فى السيطرة على هذا الموقع الحيوى الذى يشكل صرة العالم وملتقى مواصلاته وتجارته وحضاراته.
 
وربما يتفهم الإنسان جزع البعض وقلقه من حرب يمكن أن يطول أمدها، وقودها الأساسى دماء المصريين الذين يتساقطون على الجانبين، لكن ما الذى كان يمكن أن تفعله مصر حيال عدوان غاشم، يحاصرها شرقاً فى سيناء وغرباً فى ليبيا، ويواصل جرائمه فى الداخل دون رادع، يزرع الشحنات الناسفة فى كل مكان، ويستخدم السيارات المفخخة فى تدمير أهداف وطنية، ويغتال النائب العام بشحنة متفجرات تصل إلى نصف طن فى عملية تقطر خسة ونذالة، ويدمر أبراج الكهرباء كى يسود الظلام أرجاء الوطن، ويحاول أن يقتطع سيناء من أرض مصر ليحقق هدفاً عجز عن تحقيقه التتار والمغول والرومان والفرنجة، ويستهدف الجيش المصرى حائط الصد المنيع الذى يصون أمن مصر فى إطار مخطط خارجى تمكن من تصفية معظم الجيوش العربية، وينكر على المصريين حقهم فى أن يكون لهم وطن يحبونه ويدافعون عنه لأنه لا يؤمن بالأوطان، ويبعث بتهديداته إلى رجال الجيش والقضاء والإعلام فى مخطط شرير يستهدف تكميم الأفواه، ويستعين على ارتكاب جرائمه التى وصلت إلى حد التواطؤ والخيانة بالشريعة والقرآن، يضلل البسطاء، ويكفر مخالفيه، خياره الأوحد إما أن نحكم مصر أو نقتل أهلها!
 
وعلى هؤلاء الذين يعانون بعض الجزع والقلق خوفاً من أن يطول أمد الحرب على الإرهاب أن يسألوا أنفسهم، هل يستحق المصريون كل هذا العقاب لمجرد أنهم رفضوا حكم المرشد والجماعة فى تظاهرة عمت طول البلاد وعرضها، تجاوز عددها 30 مليون نسمة وتكاد تشكل جمعية عمومية للشعب المصرى، مع أن المصريين رفضوا عودة الاعتقالات العشوائية لجماعة الإخوان كى لا يتكرر ما حدث فى الستينيات، كما رفضوا كل صور العقاب الجماعى لأعضاء الجماعة، وتركوا كل أفرادها الذين لم يرتكبوا جرائم ضد وطنهم وليس على أيديهم آثار دماء مصرية مطلقى السراح، يعيشون حياتهم العادية وسط الناس، ولم يغلقوا أبداً الأبواب فى وجه من يريد العودة عن طريق العنف، رغم عمليات التصعيد الأخيرة من جانب الجماعة التى بدأت باغتيال النائب العام، ووصلت ذروتها فى عدوانهم المتزامن على عدد من مواقع وتحصينات القوات المسلحة شمال سيناء لإعلان مدينة الشيخ زويد عاصمة لإمارتهم الكاذبة!
 
ومن أسف أن يخرج البعض فى توقيت غير مناسب يطالبون بهدنة عاجلة يتوقف خلالها الحرب على الإرهاب، ويتم الإفراج عن المسجونين الذين لم تبدأ بعد محاكمتهم، ويجلس الجانبان، الحكم وجماعة الإخوان، إلى مائدة التفاوض لتحقيق مصالحة وطنية تحقن دماء المصريين! بدلاً من أن يطالبوا الإرهابيين بوقف أعمال العنف، وإعلان قبولهم لما ارتضاه المصريون فى 30 يونيو، وتأكيد التزامهم العلنى بضرورة مراجعة أفكارهم ورؤاهم إن ارتضوا التعايش مع المصريين، مواطنين عاديين يخضعون لحكم القانون، لهم كل حقوق المواطنة وعليهم كل واجباتها، كما فعلت الجماعة الإسلامية قبل عقد واحد عندما وجدت نفسها أمام حائط مسدود بعد 18 عاماً من جهاد كاذب ارتكبوا خلالها جرائم نكراء ندموا على ارتكابها ويطلبون الآن من الله المغفرة والرحمة.
 
وعندما تسأل هذا البعض إن كان فى إمكان الحكم أن يقبل ذلك دون أن يكون محط غضب وسخط غالبية المصريين، لأنه أهدر انتصارات القوات المسلحة، واشترى بدماء الشهداء الأبرار ثمناً بخساً، يأتيك الرد الجاهز، العنف يولد المزيد من العنف ومن الضرورى أن نقطع هذه الحلقة الشريرة، وربما يكون ذلك واجب الدولة لأن الدولة لا بد أن تكون أكثر عقلانية ورشداً من الجماعة!
 
وبرغم صحة هذا المنطق من الناحية الصورية، فإننا أمام وضع مختلف يحتم أن يكون القول الفصل لإرادة هذا الشعب الذى يرفض التصالح مع الجماعة وحلفائها، ما لم تكن بداية هذه المصالحة إعلاناً من جانب واحد بوقف كل أعمال العنف واعتذاراً شاملاً لكل المصريين عن الجرائم التى ارتكبت فى حقهم، وقبول حكم القانون على الجميع، وما من شك فى فساد أى جهود للمصالحة لا تلتزم بالعدل وأول شروط العدل أن يتوقف المعتدون عن عدوانهم.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع