الأقباط متحدون - أزمة كهرباء، أم أزمة أخلاق؟
أخر تحديث ٠١:٢٣ | الأحد ٩ اغسطس ٢٠١٥ | ٣مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٤٧السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أزمة كهرباء، أم أزمة أخلاق؟

د.عبدالخالق حسين
العراق بلد الأزمات منذ بداية كتابة التاريخ وإلى اليوم. وعلى رأس هذه الأزمات هي الأزمة الأخلاقية التي انحدرت إلى الدرك الأسفل خلال أربعين سنة من حكم الفاشية البعثية، حتى أعادوا العراق إلى ما قبل تكوين الشعوب وتأسيس الدول. واليوم نسمع عن أزمة الكهرباء واحتجاجات الجماهير في مختلف محافظات العراق. فلماذا هذه الأزمة؟
 
من نافلة القول، أن أهم شرط من شروط الديمقراطية في أي بلد، هو توافر حرية التعبير والتفكير، وحق الجماهير في التظاهر للتعبير عن مطالبها، وانتقاد الحكومة على عجزها في أداء وظائفها بشكل مقبول يستجيب لاحتياجات الناس. لذلك، وخلافاً لما يشيع الإعلام المضاد، يمكن القول أن الديمقراطية موجودة في العراق بدليل تمتع الناس بحرية التظاهر وانتقاد الحكومة علناً وفي وسائل الإعلام، دون أي خوف من زوار الفجر، والاعتقال، أو التعذيب والإبادة كما كان يحصل في عهد حكم البعث الفاشي، وما يؤكد ذلك هو استمرار تظاهرات واسعة في اغلب المحافظات للتنديد بنقص الكهرباء، وسوء الخدمات، وإدارة البلاد، والفساد الاداري والمالي الذي يجتاح مؤسسات الدولة. 
 
فهذه التظاهرات علامة صحية تدل على سلامة وعي الجماهير بحقوقها، وعدم السكوت والخنوع عن الظلم من جهة، والتزام الحكومة وأجهزتها الأمنية باحترام حق الجماهير في التظاهر الذي كفله لهم الدستور من جهة أخرى. وفي هذا الخصوص يقول توماس جيفرسون: "إذا كان الشعب يخاف من الحكومة فهذه ديكتاتورية، أما إذا كانت الحكومة تخاف من الشعب فهذه ديمقراطية". والحمد لله أننا نعيش في عصر تخاف فيه الحكومة من الشعب.
 
ولكن المشكلة التي يواجهها الشعب العراقي هي ليس النقص في حرية التعبير والتظاهر، بل هناك أزمة أخلاق وضمير، وغياب الشعور بالمسؤولية والوطنية لدى نسبة غير قليلة من المشاركين في (حكومة الوحدة الوطنية) أو (الشراكة الوطنية)، وإذا كنت ضد هذه التسميات فقل: (حكومة المحاصصة الطائفية والعرقية). 
فالخوف هنا ليس من التظاهر والمطالبة بالحقوق المشروعة، بل الخوف من استغلال هذه التظاهرات والمطالب المشروعة، من قبل بعض السياسيين من أعداء الديمقراطية ومن دعاة لعبة "حكومة المقبولية" لأغراض سياسية غير مشروعة. إذ هكذا بدأت الاعتصامات في ساحات مدن المحافظات الغربية قبل عامين بمطالب مشروعة، مثل: إيجاد العمل للعاطلين، وتوفير الخدمات...الخ، ثم تطورت إلى المطالبة بإسقاط الحكومة، وإلغاء الدستور، والجيش، و(بغداد إلنا وما ننطيها)، و(عائدون يا بغداد)، و(تحرير بغداد من الصفويين)... إلى آخر قائمة الشعارات الطائفية البعثية الفاشية، وتبين أن البعثيين الدواعش هم الذين كانوا وراء هذه الاعتصامات وقيادتها، ومن هذه الساحات أقاموا ورش تفخيخ السيارات لتفجيرها في بغداد والمحافظات الأخرى وقتل الجماهير. فالعدو البعثي يتمتع بخبرة واسعة جداً في التضليل، واستغلال الأزمات ومشاعر الجماهير وتجييرها لصالحه ولأغراضه الدنيئة. وفي هذا الخصوص اعترف القيادي البعثي السابق، عبدالباقي السعدون أن "حزب البعث المنحل  يضم 62 فصيلاً اجراميا تحت مسميات مختلفة تواجدت في محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى وكركوك."(1)
 
والجدير بالذكر، أن الديمقراطية العراقية تحمل بذور أزمتها، وربما فنائها معها، ومن أهم بذور هذا الفناء هو أن أمر تشكيل الحكومة ليس بيد العراقيين، بل بيد أمريكا التي فرضت تشكيل الحكومة من جميع الكتل السياسية بمن فيها تلك التي تريد إفشال الديمقراطية، بذريعة أنها تريد حكومة شاملة لجميع المكونات والكيانات السياسية دون عزل وتهميش أي مكون! (قول حق يراد به باطل). فالمعروف في جميع العالم أن لا ديمقراطية بدون معارضة ديمقراطية قانونية تراقب الحكومة وتحاسبها. يعني أن تتشكل الحكومة إما من حزب واحد إذا فاز بأغلبية مطلقة (أكثر من 50% من المقاعد) في البرلمان، أو حكومة إئتلافية تتشكل من حزبين أو أكثر في حالة عدم فوز أي حزب أو كتلة سياسية بالأغلبية المطلقة، يعني تشكيل حكومة الأغلبية.
لكن العراق هو البلد الوحيد في العالم وربما الثاني بعد لبنان، الذي يجب أن تتشكل حكومته من جميع الكتل السياسية بما فيها تلك التي تريد إسقاط الحكومة وإفشال العملية السياسية وإعادة الوضع إلى ما قبل 2003، أي إعادة البعث وتحت أي اسم آخر، وبغطاء ديمقراطي مزيف. 
 
ولذلك بات واضحاً أن هذه الأزمات (الكهرباء وتفشي الفساد الإداري والرشوة...الخ)، هي أزمات من صنع المشاركين في الحكومة من أعداء العراق الجديد، ومن بينهم وزير الكهرباء. فأزمة الكهرباء هي ليست نتاج نقص في الأموال، أو البرامج أو الخطط ، بل هي أزمة متعمدة تم خلقها بقصد سيئ من قبل نفس الأشخاص الذين تم استيزارهم وفق شروط المحاصصة، وهؤلاء قصدهم ليس حل أزمة الكهرباء بل لخلقها من أجل حرمان الجماهير من الطاقة الكهربائية وخاصة في أشد أشهر الصيف حرارة، حيث صعدت الحرارة في بعض المناطق فوق 50 درجة مئوية، لإثارة سخط الجماهير وتفجير غضبها، وبالتالي توظيف هذا السخط الجماهيري ضد الحكومة وإسقاط العملية السياسية برمتها.
 
وهذا الكلام ليس ناتجاً عن رأي حاقد، أو شخص لا يفهم في شؤون الطاقة والشأن العام... الخ، فهذه الأزمة هي مشكلة عامة يمكن أن يفهمها أي مواطن بسيط من أمثالي. لذا أدرج أدناه رابط فيديو، لتقرير مصور من مراسل قناة الحرة عن أجهزة تم شراءها واستيرادها قبل أكثر من عامين، تكفي لبناء عدة محاطات كهربائية لإنتاج 4 آلاف ميغاواط تغطي حاجة العراق. تُركت هذه الأجهزة والمعدات مكدسة في العراء في ميناء أم قصر منذ عامين، معرضة للتلف في ظروف جوية قاسية، دون أن تقوم وزارة الكهرباء أو أية جهة مسؤولة بنقلها ولتنفيذ الأغراض المطلوبة من شرائها، والتي كلفت خزينة الدولة مليارات الدولارات. ليس هذا فحسب بل وقامت وزارة الكهرباء، وكما جاء في التقرير، بحل (المديرية العامة لمشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية في الجنوب) كإجراء لخلق الأزمة، وإلقاء أكثر من ألف عامل وموظف في أحضان البطالة. إن لم يكن هذا الإهمال جريمة، فما هي الجريمة؟ أترك الحكم للقراء بعد مشاهدتهم لهذا الفيديو، يرجى فتح الرابط.
 
فيديو (3.41 دقيقة) عن أحد أسباب أزمة الكهرباء في العراق
https://www.facebook.com/122114117829827/videos/vb.122114117829827/954191271288770/?type=2&theater 

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  

http://www.abdulkhaliqhussein.nl /
ــــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة

1- عبد الباقي السعدون: الصرخي مرتبط بالدوري وللبعث موقعان وفضائيتان

http://www.ara.shafaaq.com/22517

2- سالم مشكور: الكهرباء و..الايادي الخفية 
http://imn.iq/articles/view.3617/

3- لناطق باسم الحكومة: نحذر من استغلال التظاهرات وتسييسها
http://www.akhbaar.org/home/2015/8/195872.html
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter