الجمعة ٤ سبتمبر ٢٠١٥ -
٥٦:
٠٩ ص +02:00 EET
أرشيفية
بقلم - مجدي جورج
يتدفق اللاجئين السوريين علي الشواطئ الأوروبية مستخدمين في ذلك كل السبل والطرق حتي الخطير والمميت منها وقد رأت أعيننا كثير من المشاهد لأناس لقوا حتفهم في لجج المياة وآخرهم الطفل السوري الذي لفظه البحر علي الشواطئ التركية والذي ابكي منظره القلوب قبل العيون .
وقد اثبتت هذه التجربة المريرة مدي إنسانية الغرب الذي استقبلت شعوبه وحكامه اللاجئين السوريين والعراقيين وما اختلط بهم من لاجئين من مختلف بقاع المعمورة بالورود والأطعمة وزجاجات المياه وأثبتت من الناحية الاخري لا إنسانية وتحجر قلوب وعقول أمة العرب من الخليج الي المحيط .
ولكن هذه المعاملة الانسانية العالية جداً من الغرب تحمل في طياتها مخاطر كثيرة جداً علي الشرق الاوسط وسكانه وعلي الغرب وسكانه أيضاً فما تفعله ألمانيا والنمسا وايرلندا وغيرها من الدول الأوروبية يعالج العرض ولا يقترب علي الإطلاق من المرض الذي إدي الي هذه الكارثة الانسانية ، فان كنا لا تستطيع ان ننكر إنسانية الغرب ولاحرصه علي حياة الانسان اي كان دينه او اصله او جنسه الا اننا لا نستطيع ان نتغاضي عن الآتي ؛-
اولا ان قرار استقبال المهاجرين وفتح حدود دول الغرب ازال الحرج كل الحرج عن الدول العربية ودول الجوار وخصوصا الدول البترولية التي فجرت الأزمة بمساعدة المتطرفين من جبهة النصرة وداعش وغيرها واهم هذه الدول السعودية وقطر فهذه الدول التي تعوم علي ثروات من النفط والتي تملك مئات المليارات من الدولارات كاحتياطيات ليس للاجيال الحالية فقط بل للأجيال الفادمة لم تكلف نفسها بفتح حدودها لاستقبال ولو الف لاجئ من هؤلاء ولم يحرك أعلام هذه الدول ولا حكامه ساكنا مع كل المناظر المأساوية التي تداولتها وسائل الاعلام وآخرها صورة الطفل السوري الذي وجدوه غارقا علي احد الشواطئ التركية فهذه الصورة هزت العالم وجعلت هولاند يجتمع مع ميركل اليوم لبحث هذه الأزمة الانسانيه ولكنها لم تحرك للحكام العرب عموما وحكام الخليج خصوصا ساكنا. ولم نقرا الا ان السعودية لديها استعداد لتمويل بناء ٢٠٠ مسجد بألمانيا تلبية لاحتياجات المهاجرين وكأنه لا يكفي العالم من ماسي بسبب الوهابية التي نشروها فيه فيريدون استغلال هذه الأزمة لنشر المزيد من تطرفهم ، فلو كانوا حسنوا النية مثلا ولم يكن باستطاعتهم استقبال هؤلاء المهاجرين لقالوا اننا مستعدين لبناء مدارس ومستشفيات ومساكن لهم .
ثانيا تدخل ألمانيا والنمسا وسماحهم باستقبال مئات الالاف من المهاجرين ازال الحرج أيضاً عن الولايات المتحدة أقوي قوة في العالم التي تستطيع لو إرادت ان تتدخل وتفرض علي أصدقائها بالمنطقة القبول بحلول مناسبة للازمة السورية ولكن التدخل الأوربي رفع عنها الحرج وأبطل اي اقتراحات او حلول ممكن ان تقدمها لحل الأزمة .
ثالثا ان ما فعلته ألمانيا والنمسا وباقي الدول الأوربية سيؤخر حل الأزمة السورية لان القضية تحولت من أزمة وطن يقسم وبلد يحترق في آتون الحرب الأهلية ( المرض ) الي أزمة مجموعة من اللاجئين( العرض) وطالما تم حل أزمة اللاجئين سينسي العالم الأزمة الأصلية فالعالم تدخل لعلاج العرض ونسي او تناسي المرض تماماً وأصبحت الأزمة السورية أزمة لاجئين تماماً مثلها مثل القضية الفلسطينية التي تحولت من أزمة بلد مقسم الي أزمة مجموعة لاجئين هنا وهناك .
رابعا تدخل ألمانيا والنمسا حقق أهداف داعش التي تريد إفراغ سوريا والعراق من مختلف طوائفه ماعدا من يوافق ويتوافق مع سلوكها وتطرفها وهذا سيضر بسوريا والعراق واستقبال دول الغرب لهذه الأعداد سيشجع غيرهم حتي من المقيمين في مناطق أمنه للمخاطرة وترك الأوطان طمعا في حلم الجنة والنعيم الاوروبي .
خامسا ان الاستقبال الجماعي لللاجئين السوريين سيشجع الحالمين بالنعيم الاوروبي من مختلف دول العالم ليحذو حذو السوريين ويخاطروا بأنفسهم لعبور المتوسط والوصول للشواطئ الأوربية هذا كله مع عدم استعداد هؤلاء الوافدين للقبول بالمعايير الغربية ولا الاندماج في هذه الأوطان الجديدة وقد نقلت لنا مواقع الانترنت المختلفة كيف رفض اللاجئين السوريين مساعدات عينية لهم لان البوليس الألماني قدمها لهم في علب عليها ملصقات الصليب الأحمر فقد وصل فكرهم المتطرف لدرجة ان الفرد فيهم من الممكن ان يموت جوعاً ولا يأكل مأكولات عليها ملصق للصليب الأحمر ، وهذا الرفض للقيم الغربية سيخلق تطرف مضاد حيث ينشط اليمين في ألمانيا من خلال النازيين الجدد وفي النمسا أيضاً حيث لا نستطيع ان ننسي ان الشعب النمساوي اختار هايدر اليميني كمستشار له منذ عدة أعوام .
لا نستطيع ان ننكر ان الموقف الإنساني للأوربيين ولكن للاسف هم عالجوا العرض ولم يقتربوا من المرض ومرض سوريا هو الحرب المشتعلة هناك وقد آن الأوان ليتدخل المجتمع الدولي ويقضي علي التطرف الذي تواجد هناك وكي يفرض هذا المجتمع حلوله علي جميع أطراف الأزمة كي ينعم سكانه بالأمن والامان في أوطانهم .
مجدي جورج
Magdigeorge2005@hotmail.com
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع