فاجأت روسيا العالم وخاصة الولايات المتحدة بإطلاق سفن من أسطولها المرابط في بحر قزوين الأربعاء الماضي 26 صاروخا مجنحا بعيد المدى على مواقع تنظيم داعش في سوريا.
هذا الحدث العسكري الأبرز منذ بدء العملية الروسية في سوريا، أربك الأمريكيين وكان مفاجأة لم تتوقعها واشنطن التي انفردت باستعمال هذا النوع من السلاح في العمليات القتالية.
لم تجد واشنطن بديلا عن عبارات الدهشة والامتعاض للتعبير عن موقفها من هذه الخطوة غير المسبوقة لسبب بسيط هو أن روسيا لم تنتهك الاتفاقية الموقعة في عام 1987 بشأن تدمير الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، والتي حظرت استخدام الصواريخ التي تطلق من البر بمدى يتراوح من 500 إلى 5500 كيلو متر.
الولايات المتحدة بدورها كانت طورت منذ زمن بعيد صواريخها من نوع توماهوك ليصل مداها إلى 3000 كيلو متر، بل وانتهكت شروط هذه الاتفاقية من خلال العناصر الصاروخية في درعها الصاروخية التي تباشر نشرها في أوروبا.
أناطت موسكو هذه المهمة بأسطول بحر قزوين الذي أسسه القيصر بطرس الأكبر في عام 1722، حيث أطلقت 4 سفن 26 صاروخا روسيا من طراز "كاليبر" فئة "3M 14" المماثل للصواريخ الأمريكية من طراز توماهوك والذي يصل مداه إلى 2600 كيلو متر.
مسار صواريخ كاليبر من بحر قزوين حتى أهدافها في سوريا
هذه الصواريخ الموجهة والدقيقة والتي يسميها الناتو بـ "SS-N-27 "Sizzler، قطعت نحو 1500 كيلو متر في مسار توخى التحليق فوق أماكن غير مأهولة عبر الأراضي الإيرانية والعراقية قبل إصابة 11 هدفا لداعش في سوريا.
ما هي صواريخ كاليبر "3M 14"؟
إنها الجيل الثاني من الصواريخ الروسية الاستراتيجية المجنحة المماثلة للأمريكية من طراز توماهوك".
ويعتقد أن هذا الجيل الثاني من صواريخ كاليبر طورت بالاعتماد على صواريخ فئة 3М10 التابعة لمنظومة С-10 «Гранат» الذي دخل إلى الخدمة العسكرية القوات البحرية عام 1984 وزودت به عدة أنواع من الغواصات.
ويطلق هذا النوع الحديث من الصواريخ المجنحة بواسطة أجهزة طوربيدات عيار 533 ملم، ويصل مداها الأقصى إلى نحو 3000 كيلو متر.
وعرضت النماذج الأولى الاختبارية للصاروخ من فئة "3М14Э" بداية تسعينات القرن الماضي.
ويؤكد الخبراء أن الصواريخ من فئة " 3М14Э " وتلك التي استخدمت مؤخرا من نوع "3М14" نوهان مختلفان تماما إلا أنهما يشتركان في "منطق" استعمال واحد.
العديد من الخبراء الغربيين تمعنوا مليا في استعمال روسيا لأول مرة هذه الصواريخ المجنحة البعيدة المدى في عملية عسكرية وخرجوا باستنتاجات لافتة.
ورأى ديف ماجومدار المعلق العسكري في مجلة "The National Interest " أن إطلاق إسطول بحر قزوين لصواريخ كاليبر على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا كان مبعث دهشة كبيرة للكثيرين.
وأوضح الخبير العسكري أنه "على الرغم من أن الضربة الصاروخية قادتها السفينة الدورية "داغستان" التي يبلغ وزنها 1900 طن، إلا أن بقية السفن كانت صغيرة الحجم وتزن 950 طنا من طراز "بويان - إم".
وعبّر الخبير عن ثقته في أن سفينة من طراز "بويان - إم" تحمل 8 صواريخ من طراز "كاليبر إن كي" تتمتع بقوة نيران أكبر من السفن المستخدمة في البحرية الأمريكية، مضيفا أن السفن الحربية الوحيدة التي تتمتع بقوة نيران مماثلة هي المدمرات من طراز "Arleigh Burke" والسفن الحاملة للصواريخ من طراز "Ticonderoga "، لافتا إلى أن هذه الأنواع الأمريكية أكبر بكثير من السفن الروسية من طراز "بويان - إم" وأغلى تكلفة بكثير.