الأقباط متحدون - سى السيد مُحافظ أم السيد المُحافظ ؟!!!
أخر تحديث ١٧:٥٥ | الثلاثاء ٢٠ اكتوبر ٢٠١٥ | ١٠ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧١٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

سى السيد مُحافظ أم السيد المُحافظ ؟!!!

بقلم : حنان بديع ساويرس

 دائماً فى مصر عندما نتحدث عن المُحافظ نسبق لقب المُحافظ بكلمة " السيد " فتصبح " السيد المُحافظ " فالمُحافظ لفظ مُشتق من كلمة مُحافظة وهو المسؤول عن المُحافظة والمُخَوَل له تلبية كل إحتياجات أهلها وليس المقصود بالطبع أنه شخص مُحافظ أو أنه من عائلة مُحافظة !! كما أنه أيضاً ليس بمقصود من لفظ السيد بأنه سى السيد !! أى هو السيد المُحافظ وليس سى السيد مُحافظ !! عزيزى القارئ هذه المُقدمة التوضيحية التى بدأت بها مقالى عن تفسير معنى المُحافظ ووظيفته هى ليست بسذاجة منى ، وليست أيضاً شكاً فى مقدرة فهم القارئ الكريم لمعنى الكلمة ، لكنها مُقدمة إعتراضية عن ما قام به مُحافظ الفيوم مُتناسياً وظيفته ومهامها وإستبدالها بتربية أهل مُحافظته وتأديبهم وحثهم على التمسك بالعادات والتقاليد وإنتهار المواطنات لتواجدهن بتظاهرة ليلية والتحدث عن تربيته التى إعتاد عليها بأن السيدات لا يتحدثن فى وجود الرجال ووصفهن بالحريم .. فلا أدرى ماذنب المواطنين فى نشأته وتربيته العنصرية الذى يريد تعميمها وفرضها على المواطنين فى مُحاولة لإخماد مطالبهم المشروعة . فنحن فى القرن الحادى والعشرين و مازلنا نسمع مُصطلح "حريم " وهو مُصطلح تركى صَدَرته لنا الدولة العثمانية ضمن مُفردات وعادات مُتخلفة ودخيلة على مصر فإختلط الحابل بالنابل وبات المصريين يرددونها دون وعى .

. فعندما نسمع مثل هذه الكلمات من العامة أو البسطاء من محدودى الثقافة أو معدوميها فربما نلتمس لهم العذر لأنها ثقافة يتوارثها الجهلاء دون فهم لكن عندما نسمعها مِن مَن يُدعى مَسئولا فهذه هى الطامة الكبرى !!! فأكثر من نصف نساء مصر يكتسحن سوق العمل سواء المُتعلمات منهن أو الأميات وأغلبهن يعولن ذويهن سواء والدين أو أبناء أو أشقاء أو حتى أزواج لا يعملون أو لديهم مشاكل صحية .. ومنهن من يخرجن للعمل صباحاً أو مساءاً أو تضطرهن ظروف العمل للمبيت أو العودة للمنزل فى وقت مُتأخر كالممرضات والطبيبات والمضيفات وغيرهن الكثيرات ..
 

ومع ذلك يخرج علينا مُحافظ الفيوم فى مُحاولة منه لتهديد المواطنين بسحب الصرف الصحى من المحافظة بسبب تظاهرهم ، ليتحدث بشكل غير لائق مع إمرإة مُسنة قائلاً لها " لما الرجالة تتكلم الستات تقعد ساكتة "الصرف انا قلت داخل عندكم هنا وانا قلت كلمة واحدة اللى انت بتعملوه دا انا ممكن اسحب منكم الصرف دا النهاردة واحوله مكان تانى .. مُسطرداً كلماته المُستفزة موجهاً حديثه لنفس السيدة المُسنة قائلاً لها عيب يا حاجة فى رجالة عندكم فى البلد واقفة بتتكلم ... عيب اللى أحنا أتربينا عليه فى الريف والفلاحين أن الرجل لما يتكلم الست تسكت .. عيب تطلعوا حريمكم الساعة 2 بالليل . لم يَرعىَ إنتباهى فقط جرأة المُحافظ فى تهديد المواطنين عموما بأنه سيسحب عنهم الصرف الصحى لصالح مناطق آخرى وكأنه سيقوم بتوصيل مواسيىر الصرف الصحى من منزله الخاص وكأن مصر تكية !!! لكن ما أستفز مشاعرى بأنه لم يكتفِ بذلك بل أن " سى السيد المُحافظ " ولمزيد من جلب النزعة الذكورية عند الرجال الموجودين وإحراجهم وتأليبهم على نسائهن .. إنتهر السيدات المتواجدات موجهاً كلامه لإحداهن مُنتهراُ إياها مُشيراً لها بالصمت فى محضر الرجال !! فماذا أقول لمُحافظ مازال يعيش فى زمن الحريم وكلمة حريم مُشتقة من كلمة " تحريم " وكأن المرأة أملاك أو أموال أو منقولات يجب عدم المساس بها الا بأذن صاحبها !! فنرى المُحافظ يتفوه بلفظ لا يتفوه به سوى شخص أمى يريد سلب إرادة المرأة المصرية ليُخرس صوتها فربما يراه عورة بل يراها هى شخصياً عورة وليس لها حق الإعتراض !!!!

بل ليُخرس صوت المُتظاهرين من أجل شكواهم المشروعة فيلعب على المشاعر العُنصرية بين البسطاء لذا فقد إستخدم المقولة الشهيرة " فَرِق تَسُد " حتى يقوم بتأليب الرجال على النساء المُتظاهرات وما أسهل إستفزاز مشاعر الذكورة عند البسطاء من أهل الريف لا سيما إن كان الأمر يتعلق بالمرأة . فلا يهم الرجل هنا سوى أن يقوم بفض التظاهرات ضده حتى لو قام بإهانة سيدة مُسنة ربما تكون فى سن والدته فهو لم يتعلم قط إحترام كبار السن من الرجال والنساء على حد سواء وأن وظيفته الأساسية هى خدمة المواطنين وليست وظيفته أن يكون سيد عليهم !! فعندما تجرأت السيدة المُسنة لتشكو حالها وتطلب أدنى الحقوق الآدمية الا وهى وجود صرف صحى !! وجميعاً نعلم جيداً أن المرأة هى الأكثر تضرراً من عدم وجود صرف صحى لتواجدها مُعظم الوقت بالمنزل وهى المسؤولة عن تنظيف المنزل وأوانى الطهى وإعداد الطعام وغسل الملابس وغيرها من الأمور التى لا غِنى فيها عن وجود صرف صحى آدمى أثناء إتمامها ، فعندما تجرأت وتحدثت السيدة المُتضررة أمام " سى السيد المُحافظ " فما كان منه سوى أنه قام بإنتهارها ليقهرها ويخرس صوتها فى إهانة موجهة لكل إمرأة مصرية وكأنه يقولها بأعلى صوته بأنها ليس لها حق الشكوى كمواطنة مصرية لها ما لها وعليها ما عليها !! وبالتالى لا يحق لها التصويت فى الإنتخابات عموماً !!!! العيب يا سى السيد مُحافظ ليست فى حديث المرأة فى وجود الرجال !!!! لكن العيب فى عنصريتك التى تفخر بها وجعلتك تتحدث بشكل غير لائق مع سيدة مُسنة لتخرس صوتها فى محاولة لإلهاءها عن طلبها بحقوقها ولتكتم أنينها فتلومها لأنها تجرأت ونطقت فى وجود " الذكور " موبخاً إياها قائلاً لها عيب ياحاجة تتكلمى وفى رجالة بتتكلم .. لأن هذه السيدة وغيرها من أمهاتنا هى التى جعلت الرجال رجالا فعلمتهم الكلام فتحدثوا ليخرسوها!! عيب ياسى السيد مُحافظ !!!! أن تقول أن اللى أحنا أتربينا عليه فى الريف والفلاحين أن الرجل لما يتكلم الست تسكت .. فليس بذنبنا أن تفرض ثقافتك وتربيتك على المواطنين والمواطنات وأنت هنا تتحدث كمسؤول وليس كشخص عادى لتحدثنا عن تربيتك وما نشأت عليه من عنصرية لا ذنب للمواطن المطحون فيها حتى تقهر إمرأة بسيطة !! فبدلا من أن تحل مشكلة أبناء المُحافظة .. أخترت أن ترهبهم تارة وتحاول الوقيعة بين رجالهم ونساءهم تارة ، وتفرض وقت معين لخروج النساء فيه لتخرج بهم من مشكلتهم الحقيقية لقضية الأدب والأخلاق والإستهانة بالمرأة والتقليل من شأنها فى مُحاولة لإخراسها وترويعها بأن الوقت متأخر فلا يجوز لها الخروج رغم أنها كانت إمرأة كبيرة سناً وموجودة مع مجموعة كبيرة من المُتجمهرين وإختارت النزول فى هذا الوقت المتأخر لأنها توسمت فيك خيراً لإنصافها من رحلة الشقاء اليومى بسبب عدم وجود صرف صحى فلم تنزل فى نُزهة ليلية وهى الأولى لها الراحة فى منزلها لكنها لم تجد فيه الراحة المنشودة فخرجت مع آخرين تنشد الراحة التى لو وجدتها ما كانت إختارت بمحض إرادتها أن تتركه للتظاهر . فمتى تنتهى ثقافة سى السيد ..

عفواً جهالة سى السيد فى قهر المرأة لا سيما من المسؤولين والإعلاميين .. فالمرأة أصبحت لُقمة سائغة فى فم من يُطلق عليهم إعلاميين ، أو من يقال عنهم مسؤولين والمسؤولية منهم براء!! فقبل واقعة المُحافظ بعدة أيام ليست بقليلة حدثت حملة إعلامية شرسة ضد وزيرة الهجرة وشئون مصر بالخارج نبيلة مكرم عبد الشهيد ، بعدما أدت اليمين الدستوري أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي فى حكومة رئيس الوزراء شريف إسماعيل ، لإرتداءها فستان " نص كم" أثناء حلف اليمين ، حيث إنتقد مُقدم برنامج شهير ، الملابس التي كانت ترتديها الوزيرة عبر برنامجه بل راح يُقارن زيها بزى وزيرة التضامن الإجتماعى غادة والى ووزيرة التعاون الدولى سحر نصر ووصف ملابسهن على حد تعبيره "مقفول ولحد فين هو دا" .. قائلاً دا مش الرسمى .. مايصحش دا مش مكانه هنا ؟!! ولو رجعنا بالصورة الرئيس لقط الحكاية دى .. لا مش فى إجتماعات أو لقاءات الرئيس !! الحقيقة لا اجد تعليق أقوله على هذا الكلام الركيك الذى تفوه به هذا المدعو إعلامياً وهو يتلعثم فى الكلام ، ولا يوجد لديه حتى أسلوب الحديث الراقى ، فمعظم مُدعى الإعلام هذه الأيام نشعر معهم أنهم ليسوا فى قناة فضائية بل على مَسطبة أمام دارهم فى الريف ؟!!! فشعرت أن هذا المُذيع يتقمص دور ناظر مدرسة ثانوى بنات يشرف على طابور الصباح لا سيما عندما قال " دا مش مكانه هنا وكأنها كانت ترتدى مايوه للبحر مثلاً وليس فستان طويل !! . وعند مُقارنته لملابس وزيرة الهجرة بالوزيرتين الآخرتين وكأنه ضبط طالبة ترتدى ملابس مُخالفة فأخرجها من الطابور ليعنفها ويقارن ملابسها بملابس زميلاتها الطالبات لا سيما إذا كانت الطالبة المُخالفة لا ترتدى الحجاب فعنفها وقارنها بزميلاتها المُحجبات !!!!

بالطبع الوزيرتين الآخرتين لم يرتدين حجاب لكن تهكمه على الوزيرة بصورة فجة بأنها ترتدى "نصف كُم" يرجع بنا إلى السلفية الوهابية التى ملأت ربوع مصر وفرضت زياً موحداً على المصريات مُنذ آواخر سبعينيات القرن المُنصرم بفضل الرئيس المؤمن أنور السادات الذى تعاون مع الإخوان والسلفيين فزرعهم وزرع بذرة أفكارهم فخلعوه .. وبعد أن كانت مصر أول دولة بعد أوروبا يُحتذى بشياكة وأناقة شعبها لا سيما النساء وجدنا أنفسنا بين ليلة وضحاها وكأننا فى مدرسة كبرى للبنات يلتزم فيها نساء مصر بزى موحد ومن تخرج عنه تتهم بأبشع الإتهامات وأنها سافرة ومُتبرجة ، وكأن الزى الحالى هو الطبيعى رغم أن العكس صحيح فمصر لم تعرف الحجاب سوى من عقدين وقبلها كانت النساء فى مصر يرتدين الجيب والفساتين القصيرة سواء بأكمام أو نصف كم وأحياناً بدون أكمام وكنا لا نجد تحرش ولا ألفاظ خادشة للحياء كما يحدث الآن !! والأدهى أنه لم يتحدث فى بروتوكول الملابس بل كل غرضه إنتقاد "النص كُم " وكيف تلبس الوزيرة نص كم فى حضور الرئيس رغم أن الرئيس بشر وليس إله !! وقد أكدت الوزيرة بنفسها أن ملابسها أثناء القسم كانت مُناسبة والأكمام القصيرة لا تُعارض البروتوكول بل أن الأكمام الطويلة نوع من الحشمة فقط وأوضحت أنها كدبلوماسية تفهم جيداً فى البروتوكول .. وأعربت عن تأثرها بالهجوم عليها بهذا الشكل فى بلدها مصر وهى التى لم يحدث لها مثل ذلك من قبل فى الدول الأوروبية بل حتى العربية والخليجية التى عملت بها . والطامة الكبرى أن هذا المُذيع أراد بمكر غريب إلقاء الكرة فى ملعب الرئيس حتى يحرج الوزيرة تارة ويحرج الرئاسة تارة للفت نظرهم أن يأخذوا موقف من الوزيرة !! لذا قال والرئيس " لقطها " وكأنه دخل فى نوايا وقلب الرئيس وشعر أنه مُتحفظ لكنه التزم الصمت !! وفى واقعة آخرى سلط بعض من يدعون الإعلام أيضاً الضوء على الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الإجتماعى عند إلتقاطها صورة أثناء كلمة الرئيس السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد علقت الوزيرة على ذلك منوهة أنها كانت تلتقط صورة للرئيس السيسى خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك قائلة كل الناس كانت بتصور وتسجل هذه اللحظة وكنت أصور الرئيس السيسى لأنى كنت فخورة به ولم أكن أتصور سيلفى . كما ترون قُرائى الأعزاء أصبحت المرأة المصرية سواء كانت وزيرة أو إمرأة بسيطة .. شابة أو إمرأة مُسنة ... عُرضة للتهكم والإنتقاد بمُناسبة وغير مُناسبة تاركين أعمالها ونجاحها مُتطلعين إلى ملابسها وجسدها وصوتها وتصرفاتها .. مُتغافلين عن شكواها وآلامها وأنينها مُحاولين إحباطها وإختزالها فى جسد يجب عليها ستره وإلا .....

.. فماذا ننتظر من المُتحرشين فى الشارع ، والمُتحرشين أصبحوا فى صورة إعلاميين فالمرأة بين أنياب مُتحرش يقهرها فيُسلط الضوء على ملابسها وتصرفاتها حتى لو كانت مسئوولة وأعمالها تشهد لها. ياسادة لن تعلو مصر وترتقى إلا اذا تخلى هذا المُجتمع الذكورى عن دوره كواصى على المرأة وعدم شغل عقولهم " النص كُم " عفواً .. أقصد عدم شغل عقولهم " بالنص كُم " .. فكلنا أمل أن نستيقظ يوماً لا نجد فيه سى السيد !! سواء كان إعلامياً أو رب أسرة أو مسؤول أى أن كان حتى لو كان سى السيد المُحافظ !!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter