بقلم : خالد منتصر | الخميس ٢٢ اكتوبر ٢٠١٥ -
٠٦:
٠٨ م +02:00 EET
حزب النور
حزب النور أكبر ممثل للأحزاب السلفية فى مصر سقط وبفضيحة مدوية ونجح نجاحاً منقطع الجماهير!! وكان صوت ارتطامه بأسفلت الإسكندرية شبيهاً بالانفجار، خاصة أنها معقله الأساسى ومنبته الأصلى وحلفه الدافئ، لكن هل كل هذا يبعث على الاطمئنان ويجعلنا نذهب إلى أَسِرَّتنا ونحتضن وسائدنا لنحلم أحلاماً سعيدة؟
بالقطع لا، فالحزب السلفى بالفعل تبدد، أو بالأصح يتبدد، لكن المزاج السلفى للمجتمع المصرى يتمدد وبشدة وقسوة وعنف وعشوائية، المزاج السلفى تمدد وتوغل وانتشر، حتى فى تصرفاتنا الصغيرة، صارت كلمة آلو أو صباح الخير فى التليفون سبة وجريمة وعارا وخطيئة، عندما يسمعها من على الطرف الآخر تجده يرد بفظاظة وتأنيب وصوت مرتفع وكأنه يصفعك بلسانه: «السلام عليكم»، وكأننا مازلنا فى زمن التربص والتوجس وغارات القبائل على الخيمة والزوجة والناقة لقلة الكلأ وندرة المياه، اختفى السبوع لتحل محله العقيقة، يدخل عليك المريض العيادة وعندما يشاهد «دبلة» ذهبا فى أصبعك يشك فيك ويسأل الممرضة بعد خروجه والكشف عليه، هل الدكتور مسلم أم لامؤاخذة نصرانى؟!
انتشار البنوك الإسلامية التى تطلق أسماء تستعيرها من بطون صفحات مكتوبة منذ ألف سنة تعبر عن معاملات صارت فى متحف التاريخ، وذلك لجذب ذوى المزاج السلفى، مثل المرابحة والصك الإسلامى.. إلخ، تحضر زفافاً يطلقون عليه زفافاً إسلامياً يجلس فيه الرجال منفصلين ومعزولين عن النساء، حتى لا يختلط الحابل بالنابل ويهيج أهل العريس على أقارب العروس!! وخذ عندك سلسلة طويلة لا تنتهى من الكوافير الإسلامى، للمايوه الإسلامى، للديفيليه الإسلامى، للشاطئ الخاص الإسلامى.. إلخ، تصعد الطيارة، فتجد دعاء الركوب وتسمع مفردات مثل «منقلبون» وأنت فوق السحاب، ومن الممكن أن تكون الطائرة بها مسيحيون وبوذيون لم يستأذنهم أحد فى إقحام مفردات ليست فى قاموسهم وفرض سلوكيات ليست من فروضهم الدينية أو حتى قناعاتهم، على سبيل المثال رفض المضيفات تقديم الخمر لراكب أجنبى مثلاً دافع فلوس لمصر للطيران علشان يستريح وتلبى رغباته!!
وعلى فكرة كان يحدث هذا منذ وقت قريب، وكان الأزهر موجوداً وكانت الناس مؤمنة برضه، بل كانوا أكثر أخلاقاً واحتراماً من زماننا ذى المزاج السلفى، يزورنا على سبيل المثال واحد من أشهر نجوم هوليوود مورجان فريمان لتصوير فيلم، بعد طول غياب من السينما العالمية التى كانت تصور دائماً فى المغرب، التى تحتضنهم بمنتهى الترحاب، جاء لمصر هذا النجم العظيم الذى تكفى لقطة من أفلامه لعمل دعاية سياحية تساوى شغل هيئة الاستعلامات المصرية لمدة نصف قرن من الزمان، هل تعرفون كيف استقبلناه؟ استقبلناه بعبارة:
«لو جبت سيرة ربنا مش حنسيبك!!»، وكأن الرجل أتى إلى مصر ليعلن إلحاده فى صحن الأزهر الشريف!! كوميديا سوداء من بشر يرتدون البدلة وتحتها الجلباب الأفغانى، يحلقون ذقونهم، بينما تنمو لحاهم إلى الداخل.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع