الأقباط متحدون - تقدم واضح للأحزاب وتراجع كبير للمستقلين وتمثيل غير مسبوق للمرشحين الأقباط فى جولة الإعادة
أخر تحديث ١٦:٥٨ | الثلاثاء ٢٧ اكتوبر ٢٠١٥ | ١٧ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٢٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تقدم واضح للأحزاب وتراجع كبير للمستقلين وتمثيل غير مسبوق للمرشحين الأقباط فى جولة الإعادة

ضياء رشوان
ضياء رشوان

تناولنا فى الجزء الأول من هذا التحليل لنتائج الجولة الأولى من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المؤشرات الأساسية سواء تعلقت بالمرشحين أو التصويت أو الأصوات الباطلة. ونتناول فى الجزء الحالى عدداً من القضايا النوعية التى ارتبطت بهذه الجولة ونتجت عنها مؤشرات مهمة، بعضها غير مسبوق، فيما يتعلق بها.

أولاً: تقدم الأحزاب الواضح وتراجع المستقلين الكبير

قبل انتهاء الجولة الأولى للمرحلة الأولى للانتخابات، بل قبل بدء إجراءات الانتخابات نفسها، شاع انطباع، تحول لدى البعض كتابة أو شفاهة إلى ما يشبه الحقيقة، بأن تكوين مجلس النواب القادم سيكون فى غالبيته الساحقة من المستقلين، خاصة المترشحين على المقاعد الفردية. واستند هذا الانطباع على حقيقتين تاريخيتين: الأولى هى ضآلة مشاركة الأحزاب السياسية بمرشحيها فى المقاعد الفردية ونجاحهم فى الفوز بها فى انتخابات مجلس الشعب السابقة، فلم يزد عدد المنتمين لكافة الأحزاب المصرية فى عضوية هذا المجلس فى انتخابات ٢٠٠٠ على ١٦ عضواً وبلغ ١٧ عضواً فى انتخابات ٢٠٠٥. والحقيقة الثانية هى الضعف المعروف والمتواصل للأحزاب السياسية عموماً، بدءاً من منتصف ثمانينيات القرن الماضى، سواء فى أعداد عضويتها أو أنشطتها أو تزايد الصراعات الداخلية والانشقاقات بها.

وقد حال هذا الانطباع خلال المراحل الأولية لإجراء انتخابات مجلس النواب الحالية دون أن يلحظ كثير من الدارسين والمراقبين التغيرات النوعية التى طرأت مؤخراً على الخريطة الحزبية المصرية، وانعكاس هذا على أعداد المترشحين من الأحزاب على المقاعد الفردية بوجه خاص، فضلاً عن المنضمين منها للقوائم الانتخابية السبع التى خاضت انتخابات المرحلة الأولى فى دائرتى الصعيد وغرب الدلتا. فالانطباع السائد المشار إليه ظل مرتبطاً بخريطة الأحزاب التقليدية التى ظهرت للوجود فى ظل عهد مبارك، ولم يمتد للأحزاب الجديدة التى نشأت بعد ثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١ و٣٠ يونيو ٢٠١٣ والتى وصل عددها إجمالاً لما يقارب ١١٠ أحزاب.

وتؤكد الأرقام الواردة فى الجدول رقم (١) والمركب بمعرفة الباحث من واقع البيانات الرسمية للجنة العليا للانتخابات أن واقع تواجد الأحزاب فى الترشيحات للمقاعد الفردية يسير بعكس الانطباع السائد بعدم مشاركتها فيها بصورة غير مسبوقة فى الانتخابات التشريعية المصرية. فالعدد الإجمالى للمرشحين على هذه المقاعد بلغ فى المرحلة الأولى ٢٥٤٨ مترشحاً، منهم حسب الجدول ٨٨٣ ينتمون للأحزاب السياسية، أى بنسبة بلغت ٣٤.٧% من إجمالى هؤلاء المترشحين. ومن ثم يبلغ عدد المرشحين المستقلين لهذه المقاعد الفردية ١٦٦٥ مترشحاً بنسبة ٦٥.٣% من إجمالى المترشحين.

ويوضح الجدول أن الأحزاب الجديدة التى نشأت بعد ثورتى يناير ويونيو قد احتلت الغالبية العظمى من المترشحين عنها للمقاعد الفردية، ويأتى حزب الوفد الجديد كاستثناء وحيد من بين أحزاب ما قبل ثورة يناير فى المرتبة الرابعة بعدد ٧٧ مرشحاً يمثلون نحو ٨.٧% من إجمالى عدد مرشحى الأحزاب السياسية للمقاعد الفردية. أما الأحزاب الثلاثة الأكثر ترشيحاً وتسبق حزب الوفد فهى حزب المصريين الأحرار بعدد ١١٣ مرشحاً يمثلون نسبة ١٣.٨% من مرشحى كافة الأحزاب ويليه حزب النور بعدد ٩١ مرشحاً بنسبة ١٠.٣% ثم حزب مستقبل وطن بعدد ٨٩ مرشحاً بنسبة ١٠% تقريباً من إجمالى مرشحى الأحزاب.

أما توزيع مرشحى الأحزاب على محافظات المرحلة الأولى الأربع عشرة فيوضحه الجدول رقم (٢)، والذى يبدو منه أن أكثر المحافظات ترشيحاً للأحزاب على المقاعد الفردية بالقياس إلى العدد الإجمالى للمتنافسين عليها هى محافظة الوادى الجديد بنسبة ٦٠%، ثم الأقصر بنسبة ٤٦.١%، وتليها محافظة قنا بنسبة ٤١.٧%، وبعدها بنى سويف بنسبة ٣٨.٥%. أما أقل المحافظات فهى مطروح بنسبة ٩.٧% وقبلها الإسكندرية بنسبة ٢٨.٨% تقريباً. وتطرح هذه الأرقام مؤشرات مهمة فيما يخص وجود الأحزاب ونشاطها بين الريف والحضر، حيث يبدو واضحاً أنها تتواجد أكثر فى المحافظات ذات الطابع الريفى وتضعف فى ثانى مدن البلاد الحضرية، وهى الإسكندرية، ما يدفع إلى إعادة دراسة الفرضية القديمة التى ترى أن الأحزاب تنشط وتتواجد أكثر فى المناطق الحضرية منها فى الريفية، والسعى إلى معرفة أسباب هذا الوضع الجديد، الاجتماعية والسياسية.

وقد أتت نتائج جولة انتخابات المرحلة الأولى لكى تؤكد التقدم الواضح لمرشحى الأحزاب السياسية، ليس فقط فى عدد المرشحين، بل وفى عدد من تأهلوا منهم لدور الإعادة. فبداية من بين أربعة مرشحين فازوا فى الجولة الأولى، كان هناك ثلاثة مستقلين وواحد ينتمى لحزب مستقبل وطن بمحافظة الوادى الجديد. أما فيما يخص من دخلوا الإعادة من مرشحى الأحزاب، فقد بلغ عددهم ٢١٣ مرشحاً حزبياً يمثلون نسبة ٤٨% تقريباً من عدد المرشحين المتنافسين فى الإعادة وهو ٤٤٤ مرشحاً، بينما بلغ عدد المستقلين فى هذه الجولة ٢٣١ مرشحاً بنسبة ٥٢% من الإجمالى. ولاشك أن هذه هى المرة الأولى التى يصل فيها مرشحو الأحزاب لهذه النسبة العالية، وأيضاً الأولى التى يصل فيها المرشحون المستقلون لهذا المستوى المنخفض من المشاركة فى الإعادة.

ومن زاوية أخرى وبحسب الجدول السابق (رقم ٣)، فإن نسبة من وصل لدور الإعادة من إجمالى مرشحى الأحزاب فى المرحلة الثانية للمقاعد الفردية بلغت ٢٤% منهم بعدد ٢١٣ مرشحاً، بينما بلغ عدد المستقلين الداخلين للإعادة ٢٣١ مرشحاً يمثلون نسبة ١٣.٩% فقط من إجمالى عددهم فى المرحلة الأولى والبالغ ١٦٦٥ مرشحاً، أى أن نسبة مرشحى الأحزاب الذين وصلوا للإعادة من إجمالى عددهم تصل لنحو ضعف نسبة المستقلين من إجمالى عددهم. ويوضح الجدول أنه من بين الأحزاب الأربعة الأكثر ترشيحا للمقاعد الفردية، أتى حزب المصريين الأحرار الأعلى تمثيلاً فى جولة الإعادة بالعدد المطلق، والذى بلغ ٦٤ مرشحاً أو بالنسبة التى بلغت ٥٦.٦% من إجمالى مرشحيه، وتلاه حزب مستقبل وطن بعدد ٤٦ مرشحاً وبنسبة ٥١.٧% ثم حزب النور بعدد ٢٣ مرشحاً وبنسبة ٢٥.٣% ومعه حزب الوفد بعدد ٢١ مرشحاً بنسبة ٢٧.٣%. ويعنى هذا مع بقية بيانات الجدول السابق (٣) أن الغالبية الساحقة من مرشحى الأحزاب للمقاعد الفردية الذين وصلوا لجولة الإعادة ينتمون إلى الأحزاب الجديدة التى نشأت بعد ثورتى يناير ويونيو، ولم يحافظ على موقعه النسبى فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ترشيحاً ووصولاً للإعادة من الأحزاب القديمة السابقة على الثورتين سوى حزب الوفد الجديد.

ويوضح الجدول رقم (٤) توزيع مرشحى الأحزاب عدداً ونسبة على المحافظات الأربع عشرة فى جولة الإعادة، ويبدو منه نتيجة عامة تؤكد الاستخلاصات السابقة بخصوص عدد المرشحين الحزبيين فى المحافظات، وهى أن الداخلين منهم لجولة الإعادة يتركزون أكثر فى المحافظات الريفية، مثل الأقصر والمنيا وقنا فى الصعيد، والبحيرة فى غرب الدلتا، بينما تأتى المحافظة الحضرية الثانية حجماً على مستوى الجمهورية، أى الإسكندرية، بنسبة أقل من المحافظات ذات الطابع الريفى. ولاشك أن هذه النتيجة تستحق تفسيراً لها ربما يكون مكانه دراسة أخرى حول أسباب انتشار الأحزاب الجديدة ونجاحها فى إدارة انتخابات مجلس النواب بالصورة التى وردت فى الدراسة الحالية.

ثانياً المرأة والأقباط والإسلاميون

بعيداً عن المقاعد المخصصة للمرأة فى القوائم الانتخابية بحكم القانون والبالغ عددها فى المرحلة الأولى ٢٨ سيدة نجحن جميعاً من قائمة فى حب مصر، فإن عدد من ترشحن منهن على المقاعد الفردية للمرحلة الأولى تراوح حول رقم ٩٠ مرشحة. وقد وصل للإعادة منهن ١١ مرشحة بنسبة تقارب ١٣% ممن ترشحن ولا تزيد على ٢.٥% من عدد المرشحين الداخلين لجولة الإعادة والبالغ ٤٤٤ مرشحاً. والملاحظ أن محافظة الجيزة انفردت وحدها بسبع مرشحات دخل الإعادة منهن ثلاث فى دائرة واحدة حضرية هى دائرة إمبابة، وواحدة فى العمرانية، بينما أتت المرشحات الثلاث الأخريات فى دوائر ريفية أو شبه ريفية وهى البدرشين وأبوالنمرس والوراق. وتوزعت بقية المرشحات بين أسوان بمرشحة واحدة والبحيرة بمرشحة واحدة، بينما حظت الإسكندرية الأكثر حضرية بمرشحتين فقط. وعلى الرغم من قلة عدد ونسبة السيدات المشاركات فى جولة الإعادة، إلا أنه يبدو كبيراً للغاية بالمقارنة بكافة الانتخابات التشريعية السابقة فى مصر.

ويحيلنا هذا إلى ظاهرة أخرى جديدة ذات وجهين فى المرحلة الأولى للانتخابات الحالية وهى تتعلق بالمرشحين الأقباط ومرشحى حزب النور السلفى. فحسب جدول رقم (٥) بلغ عدد المرشحين الأقباط الذين وصلوا للإعادة ٢٤ مرشحاً يمثلون ٥.٤% من إجمالى المرشحين الداخلين إليها وعددهم ٤٤٤ مرشحاً، وهو عدد ونسبة غير مسبوقين فى كافة الانتخابات البرلمانية المصرية منذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، خاصة أن هناك واقعة غير مسبوقة فى دائرة بندر ملوى بمحافظة المنيا ذات المقعد الواحد والذى يخوض جولة الإعادة عليه مرشحان قبطيان. ويبدو من الجدول أن محافظة المنيا هى الأكبر فى عدد المرشحين الأقباط بعدد ١٠ مرشحين يمثلون خمس المرشحين الداخلين للإعادة فى المحافظة، وتلتها كل من الجيزة وأسيوط والإسكندرية بأعداد ٤ و٣ و٢ مرشحين على التوالى. ولا يبدو من المؤشرات المتاحة ما يرجح وجود عوامل جديدة لهذا التمثيل غير المسبوق للمرشحين الأقباط فى جولة الإعادة سوى أمرين، الأول هو وجود إقبال قبطى على التصويت فى هذه الانتخابات، والثانى هو عدم تصويت قطاعات من المصريين على أساس دينى، وهو ما يؤكده أن نسبة الأقباط فى غالبية الدوائر التى يعيد فيها مرشحون أقباط ليست كبيرة إلى الحد الذى يفسر وصولهم للإعادة بالتصويت القبطى وحده.

وهنا يظهر المؤشر الأخير للجولة الأولى والخاص بحزب النور السلفى، فالحزب قد خسر فى انتخابات القائمة فى غرب الدلتا وفقد بهذا ١٥ مقعداً محتملاً، بينما دخل الإعادة منه ٢٣ مرشحاً فقط، كانت أغلبيتهم الساحقة فى محافظة البحيرة المعقل التقليدى للتيار السلفى بعدد بلغ ١١ مرشحاً، أى ما يقارب نصف عدد المرشحين عن الحزب الذين دخلوا الإعادة على مستوى الجمهورية. ولاشك أن الأداء العنيف والإرهابى لجماعة الإخوان والحملات الشعبية والإعلامية التى شنت ضد حزب النور والخلط بينه وبين الإخوان، كانت من العوامل المهمة التى أدت إلى وصوله لهذا المستوى المنخفض فى نتائج الجولة الأولى من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية.

نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع