الغرب شرير، يكيد لنا، ويضمر الشر نحونا، التاريخ والواقع يؤكدان هذه الحقيقة، فذلك هو الغرب الذى استعمرنا، واستنزف ثرواتنا، وهو فى كل الأحوال لا يريد لنا أية نهضة أو تقدم، لأن فى ذلك تهديداً لمصالحه. الطريقة التى عالج بها الغرب كارثة سقوط الطائرة الروسية تؤكد بالفعل أنه شرير، فقد انتظر حتى وصل الرئيس «السيسى» إلى لندن، ثم بدأ فى الإفصاح عما لديه من معلومات استخباراتية تؤكد سقوط الطائرة بتفجير، وسارعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى اتخاذ قرارات أرادت من خلالها أن تمنح انطباعاً للعالم أن ثمة خطراً من نوع ما يلوح فى الأفق السيناوى، ووصل الأمر إلى روسيا نفسها التى رفضت فى البداية الرواية الإنجليزية لسقوط الطائرة، لكنها استسلمت بعد ساعات وعزفت على لحن الغرب.
الغرب شرير، لكن «إحنا نستاهل» ما يحدث لنا، وليس من الحكمة ولا المنطق أن تطلب من هذا الغرب أن يعمل ضد مصالحه، وليس من الكياسة أن تطلب منه التعامى عن ثغرات الأداء لديك، وتحزن وتبتئس عندما يستغلها، ويناور بها عليك، وتتأفف عندما يستغل نقاط ضعفك، ويحاول النفاذ من خلالها إلى تحقيق أهدافه. إنه شرير ومتآمر، وذلك رأيك فيه، إنك تؤمن أنه ثعلب، وتصرخ ليلاً ونهاراً بأن هذا المكار يتآمر عليك، ويضع الخطط، بل ولا تتوانى عن كشف هذه الخطط من أجل فضحه أمام العالمين، لكنك -ويا للعجب- تعرى ظهرك له، وتمنحه كل الفرص كى ينفذ كل مخططاته التى تصرخ أنت نفسك بأنه يكيد لك بها!.
لعلك تابعت ما تداولته بعض الصحف والمواقع من تقارير غربية حول الإهمال الأمنى فى مطار شرم الشيخ. ذكرت بعض التقارير ملاحظات بعض السائحين عن أن بعض الموظفين ورجال الأمن يستغرقون فى التسلى بلعبة «كاندى كراش»، وتحدث أحد السائحين البريطانيين عن حصول بعض رجال الأمن لدينا على رشاوى (20 جنيه استرلينى) لإعفاء السائح من طوابير التفتيش. ربما كان هذا الكلام غير دقيق أو مبالغ فيه، لأن الأمر لو كان فى «العشرين جنيه استرلينى» فما أيسر أن ينفذ داعش -ومن وراءه- عملياته الإرهابية، لكن الكل يعلم أن هذا حالنا، وأن الإهمال والفساد نخر فى عظام كافة مؤسسات الدولة. أعلم أن القيادة السياسية أعطت تعليماتها بالتحقيق مع الموظفين ورجال الأمن بمطار شرم الشيخ، لكنها خطوة جاءت بعد وقوع الواقعة، والبطء عيب واضح فى أداء الرئاسة. وأراهنك أن الأمن سينشط عدة أيام داخل المطار، ثم يعود «أبوك عند أخوك»، وأخشى أن أقول إننا بصدد سلطة لا تجيد النظر أبعد من موضع قدميها، وبإزاء أجهزة أمنية تجيد التماس العذر لنفسها فى كل المواقف، وبالتالى فبإمكانك أن تراهن بضمير موجوع على أنها ستقع فى الخطأ نفسه مئات المرات، وسيكون للقيادة السياسية نفس رد الفعل فى كل مرة.
الغرب شرير.. ولعلك سمعت تلك الأحاديث التى امتلأت بها آذاننا عن الغرب الذى يخوض حروب الجيل الرابع والخامس ضدنا. ورغم ما فى هذا الكلام من مبالغة، إلا أنه لا يخلو من حقيقة أساسية، هى أن الغرب يكيد لنا، لكننى أجده لا يرهق نفسه كثيراً فى هذا الكيد، لأننا -باستمرار- جاهزون ونستاهل!.
نقلا عن الوطن