الأقباط متحدون - «كان عنده سرطان فى المخ وخف!»
أخر تحديث ١١:٢٨ | الاربعاء ٩ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢٩ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«كان عنده سرطان فى المخ وخف!»

خالد منتصر
خالد منتصر

هذه الجملة كانت المستحيل الرابع بعد الغول والعنقاء والخل الوفى!! لم يدر فى خيالنا قط أن نستيقظ يوماً ما لنسمع تلك العبارة «كان عندى سرطان فى المخ وخف!»، ولكنها حدثت، قالها الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر البالغ من العمر 91 عاماً أمام محبيه فى قداس الكنيسة، وأعلنها الأطباء المعالجون له بعد أن قرأوا أشعة الرنين المغناطيسى وظلوا يبحثون عن الأربع لطعات أو تكتلات أو بصمات الورم، معجزة علمية ظل الأطباء مشدوهين أمامها، فلم يكن سقف توقعاتهم قد ارتفع إلى هذا المستوى على الإطلاق، كانت أقصى أمانيهم أن ينكمش الورم، أن يصبح «كارتر» قادراً على إكمال رحلة حياته بنصف جهد وربع ورم، و«أهى ماشية»، لكن العلم طموح فضولى عنيد محلق يسعى دائماً للأفضل ويرفض قبول الأمر الواقع، وما عندوش «أهى ماشية»، قصة مرض «كارتر» قصة عجيبة غريبة مدهشة، البداية سرطان جلد أو ما يسمى الميلانوما، وهى كلمة مرعبة، خاصة للأوروبيين والأمريكان من ذوى البشرة الفاتحة اللون الشقراء، وأطباء الأمراض الجلدية هناك يتعاملون مع النمش والحسنات التى أحياناً ما تغطى ظهر ووجه الجنس الأبيض تعاملاً حذراً يصل إلى حد الوسواس القهرى، وتحذيرات حمامات الشمس وكبت هوس اللون البرونزى وتوصيات الصن بلوك.. إلخ تملأ الصحف والبرامج هناك، «كارتر» كان عنده الميلانوما وكمان المرحلة الرابعة منه، ترجمتها الطبية هوبلس كاس «hopeless case» لا أمل لا شفاء، خاصة أن طابور مصابى السرطان فى عائلته طويل وملىء بأصعب الأنواع فى العلاج مثل سرطان البنكرياس، قبل الرجل بالأمر الواقع، وخضع للعلاج التقليدى، ثم فوجئ الأطباء بالسرطان يرسل ثانوياته من الجلد إلى الكبد، قرر الجراحون إزالة جزء من الكبد واستكمال العلاج، مر الوقت وإذا بالأشعة الروتينية التى تجرى للرئيس الأسبق دورياً يجد الأطباء فيها أربع ثانويات سرطانية فى المخ الذى لا ينفع معه بتر ولا يستطيعون له لمساً بمشرط!! ما الحل إذاً؟، كان الحل هو اللجوء لدواء جديد له فلسفة جديدة فى العلاج، والعلم بدايته فكرة وعبقريته ليست فى المادة الفعالة للدواء، ولكنها فى التفكير خارج الصندوق التقليدى، إنه العلاج المناعى

«Immune therapy» المختلف تماماً عن الكيموثيرابى أو العلاج الكيماوى، وحتى عن العلاج الموجه، إنه تحفيز جهاز المناعة الذاتى وخلايا «تى» القوية التى وظيفتها التهام العدو الغريب الشرس، قرر الأطباء علاج «كارتر» بدواء اسمه «Keytruda» الذى وافقت عليه هيئة الدواء الأمريكية 2014، ودون الدخول فى تفاصيل معقدة سنحاول أن نتعرف على طريقة عمل هذا الدواء بطريقة مبسطة أرجو ألا تكون مخلة، الخلية السرطانية الخادعة اللئيمة تحول جيناً معيناً إلى جين آخر، هذا الجين يجعل الخلية تخبر جهاز المناعة بأنها سليمة بنفس الطريقة التى قالها محمود فرج فى فيلم «فجر الإسلام»!! عندما يتم الضحك على جهاز المناعة يترك خلية الورم عائداً أدراجه هامساً لنفسه: «وأنا ما لى شلت يدى إنها سليمة»، هذا الدواء يزيل هذا الخداع ويخلع منها هذا القناع ويفشل هذه الخطة، ويقول لجهاز المناعة «الخلية دى بتضحك عليك» فتذهب خلايا جهاز المناعة وتنقض عليها وتلتهمها، إنها فلسفة جديدة هى تحفيز جهاز المناعة الذاتى لأداء عمله الأصلى الذى أهمله وأحال نفسه إلى معاشه بإرادته، وأتوقع خلال سنوات أن يوضع العلاج الكيماوى على الرف، ولكن سيتأخر هذا التدخل بالأدوية المناعية نتيجة تكاليفها الباهظة، فهذا العقار يتكلف 150 ألف دولار!!!، بالطبع من الممكن أن يموت «كارتر» بسرطان تانى بعد مدة، لكن المهم أن الأمل وزرع بذور التفاؤل موجودة وستحصد دوماً النجاح، السؤال: أين موقعنا نحن من الإعراب ونحن نرفض حتى الآن أن نشارك هذه الشركات فى تجاربها العلمية بدعوى إحنا ما حدش يتدخل فى شغلنا ويحتلنا وتحت الشعار الخادع نحن لسنا فئران تجارب، وهى كلمة باطل أريد بها باطل أيضاً!، فهذه الشركات لم تترك الأمريكان دون تجارب وجاءت عندنا لتجرب فينا، بل مرت التجارب عندهم بكل المراحل المنضبطة هناك، ونحن الذين نحتاج استكمالها معهم وليسوا هم المحتاجين، للأسف نحن فقراء الفكر وفقراء المال وغرقى، وكمان بنرفض مساعدة العلماء الحقيقيين ونركل طوق النجاة الذى يرسلونه إلينا.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع