الأقباط متحدون - نبوءة «الزرقاوى» ومحاربة «داعش»
أخر تحديث ١١:٥٣ | الخميس ١٠ ديسمبر ٢٠١٥ | ٣٠ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نبوءة «الزرقاوى» ومحاربة «داعش»

 نشوى الحوفى
نشوى الحوفى

 استوقفنى ذلك التقرير الأمنى لمؤسسة أمنية أمريكية منذ يومين، وتداولته وسائل الإعلام العالمية، يؤكد فيه تضاعف أعداد المقاتلين المنضمين إلى تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق، ليتراوح بين 27 ألفاً و31 ألف مقاتل. وفنّد التقرير جنسيات المقاتلين، مشيراً إلى انتماء 5 آلاف منهم إلى أوروبا الغربية، من بينهم 1700 فرنسى، بينما لم يزد عدد المنتمين إلى أمريكا الشمالية على 280، أما منطقة الشرق الأوسط فانتمى إليها نحو 8240 مقاتلاً من المنتمين إلى «داعش»، من بينهم 2000 من السعودية، فى الوقت الذى ينتمى فيه 6000 مقاتل إلى بلاد المغرب العربى. ولم تغب روسيا عن المشهد الداعشى، وفقاً للتقرير الأمنى، حيث ينتمى نحو 2400 مقاتل إليها، بينما يوجد 2100 تركى بين مقاتلى «التنظيم».

لم تكن الأرقام وحدها هى التى استوقفتنى فى التقرير الأمنى المذكور، لكن كانت جنسيات أعضائه أيضاً مثيرة، ففرنسا التى تقود الحرية فى أوروبا الغربية فى الفكر والسياسة والحياة، كانت الأعلى مساهمة بين دول أوروبا الغربية فى خروج مقاتلين منها، كما أن روسيا التى حاربت الإرهاب فى الشيشان فى تسعينات القرن الماضى بقوة، وتتبنى سياسة أمنية صارمة، لم تسلم هى الأخرى من خروج الإرهاب من تحت عباءتها. كما أن قوة الاقتصاد فى أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية لم تحُل بين الناس والانتماء إلى الإرهاب، وهو ما يعنى ببساطة أن علينا مراجعة فرضيات مسبّبات الإرهاب التى لم تعد تنحصر فى الفقر الاقتصادى والديكتاتورية السياسية، بل تعدتها إلى أسباب أخرى تكشف عنها جنسيات وأعمار المنتمين إلى «التنظيم»، وتؤكدها آلته الإعلامية التى تروّج لفكر المعركة الكبرى مع قوى الظلم العالمية، ونهاية العالم باستدراج تلك القوى الطاغية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى منطقة بلاد الشام، وتحديداً فى سوريا. وهى نبوءة قديمة أعلنها أبومصعب الزرقاوى عند غزو الغرب للعراق بقيادة أمريكا عام 2003، حين قال إن تلك هى بداية النهاية، وإن العراق ستكون مقبرة الظالمين. ولذا يطرح السؤال نفسه: كيف سيواجه العالم تنامى هذا «التنظيم» الذى هدّد أمن الدول التى صنعته بعد أن فتت دول المنطقة؟

الإجابة عن هذا السؤال لا تزال غامضة، على الرغم من كل القوات العسكرية التى جاءت إلى منطقتنا تحت دعوى محاربة «داعش». والسبب ببساطة هو تداخل أهداف محاربة «داعش» مع أهداف السياسة الأخرى للدول ذاتها التى تحارب «التنظيم» المزعوم، فالولايات المتحدة التى شكّلت تحالفاً عالمياً من أربعين دولة فى نهاية عام 2014 للقضاء على «داعش» لم تستطع حسم القضية، كما أعلنت. كما أن روسيا التى دخلت على خط الصراع جاءت لحماية مصالحها، بينما فرنسا جاءت لتنتقم ممن هدّد أمنها الداخلى. ليس هذا وحسب، بل إن جميع الدول المشاركة فى تحالفات لمحاربة «داعش» تعلم تمام العلم أنها لن تقضى عليه، ولا على تواتر المقاتلين المنضمين إليه، إلا بجهود حاسمة لا لمكافحة التطرف فقط، ولكن لنشر العدالة التى تخلدها الولايات المتحدة فى أحد شوارع عاصمتها واشنطن بعبارة للبابا «بول»، بابا الفاتيكان الأسبق، يقول فيها «إنْ أردت السلام فاصنع العدالة». لذا يطرح السؤال ذاته: هل سيسعى الغرب ودول القتال والمصالح لتحقيق العدالة؟ أم أنها ستندفع إلى المزيد من الظلم والتسلح وسفك الدماء، ليزداد التطرف والإرهاب من كل الأطراف فى سباق محموم نحو معركة يقودها وهم فرض الأمان على العالم من جانب قوى أدمنت الدمار، ووهم تنفيذ مشيئة الله من جانب قلوب أدمنت التكفير؟

أميل إلى الإجابة الثانية، لطبيعة البشر التى قال عنها ربى فى وصف جامع مانع عن الإنسان «إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا»، فلتندفع آلة الحرب لتدمر وتقتل المزيد من الأبرياء بيد من يظن أنه يُؤمّن، ومن يظن أنه مُؤمِن.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع