.. وتدعو لضمان سلامة مدنيي حمص النازحين مؤخراً إلى حماة وإدلب
كتب - محرر الأقباط متحدون
تعرب المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن عميق إدانتها للقصف المكثف لقوات النظام السوري وحلفائه على غوطتي دمشق الشرقية والغربية يوم أمس، وهو القصف الذي استخدمت فيه الغارات الجوية وصواريخ أرض – أرض وبراميل متفجرة، ونال من المدنيين في المنطقتين، بما في ذلك الأطفال في محيط مدارسهم، وخاصة في دوما وسقبا وداريا.
ويأتي ذلك في ظل التصعيد الميداني الذي تشهده مختلف محاور القتال في أنحاء سوريا اتصالاً بالمسار الهش للتسوية الجاري منذ اجتماع فيينا، والذي دفع بكل الأطراف لاستباق المسار بمحاولات للسيطرة على مزيد من المناطق وكسب المزيد من الأراضي تمهيداً للمساومة خلال المفاوضات المرتقبة، والتي لا تتوافر لها ضمانات للتسوية الجادة، في وقت لا تتورع مختلف الأطراف عن ارتكاب المزيد من جرائم الحرب لتحقيق أهدافها، بما في ذلك الضغط باستهداف المدنيين أو استغلالهم كدروع بشرية من خلال التمركز بين الكثافات المدنية.
فوفقاً لمصادر المنظمة الميدانية، شهدت الأيام العشرة الماضية تصاعداً في وتيرة القتال في محيط حلب ودير الزور والغوطة الشرقية وإدلب ودرعا، كما عملت مختلف الأطراف على حشد المزيد من القوات والأسلحة على الأرض باستقدام عشرات الآلاف من المقاتلين من خارج البلاد، وجلب كميات هائلة من العتاد والسلاح النوعي، ورغم أنها ظاهرة متزايدة خلال الشهور الثلاثة الماضية، إلا أن مؤشراتها أصبحت ملحوظة للغاية مؤخراً.
وشكل الاتفاق الخاص بإخلاء منطقة الوعر (حمص) من المقاتلين المعارضين للنظام أحد النماذج الدالة على ذلك، حيث سمح الاتفاق بخروج المقاتلين وأسرهم وبعض الحالات الصحية الحرجة، وإجبار المدنيين على التوجه إلى ريف حماة وريف إدلب في مناطق تمركز الجماعات المسلحة في المنطقتين، وهو ما يُعرض سلامتهم للخطر خلال أعمال القتال والقصف لهذه المناطق.
وكان 7 أطفال قد قتلوا خلال الأيام العشرة السابقة من بين قرابة 43 شخصاً غالبيتهم من المدنيين في ريف حمص الشمالي نتيجة الغارات الجوية اللتي شملت كذلك ريف حمص الشرقي، ولم يكن ممكناً التوصل لأعداد الضحايا في ريف حمص الشرقي.
وتسجل مصادر حقوقية سقوط قرابة 20 مدنياً من بين نحو 50 قتيلاً في القصف والمعارك الدائرة في محيط حلب ودير الزور وإدلب يوم أمس.
وفي هذا الإطار، فإن المنظمة تجدد التأكيد أنه لا يمكن التغاضي عن جرائم الحرب التي ترتكبها مختلف الأطراف، وخاصة التي تقع بحق المدنيين غير المنخرطين في القتال، وتشدد على أهمية وضع حد فوري لأعمال القتال الجارية في البلاد لمنع سفك المزيد من دماء المدنيين، وتدين بشدة استغلال المدنيين في أعمال القتال.
لقد أدى اختطاف الثورة السلمية السورية في نهاية العام 2011 إلى نزاع مسلح دام بلغ يقارب ضحاياه اليوم حاجز الـ 300 ألف إنسان وغالبيتهم من المدنيين، وأطلق هذا النزاع سلسلة مضطردة من الحروب بالوكالة التي حولت البلد إلى مركز للحرب الإقليمية المذهبية، وبؤرة رئيسية للإرهاب الدولي المتنوع، وفضاءً للصراع الدولي المتنامي.
واضطردت مع هذا النزاع وتيرة اللجوء والنزوح في سوريا والذي دفع المنطقة العربية إلى احتلال المرتبة الأولى عالمياً في اللجوء والنزوح، بما يشمل فعلياً نحو نصف الشعب السوري.
ولم يعد الوضع الراهن يشكل تهديداً فقط للأوضاع في نطاق بلدان الجوار الإقليمي، بل وبات يهدد المنطقة وجوارها الإقليمي بأتون حرب عالمية جديدة ستكون لها آثارها الوخيمة على البشرية، ودلل على ذلك بوضوح تنامي الجرائم الإرهابية إلى قلب أوروبا، واستنساخ الأوضاع القائمة في سوريا والعراق في مناطق أبعد جغرافيا كما في ليبيا واليمن.
وتوقن المنظمة أن أي جهد دولي لا يلتزم بمعايير حقوق الإنسان وغاياتها لن يؤتي ثماراً يمكن التعويل عليها، وإنما سيضاعف الأزمة العالمية الراهنة.
وتؤكد المنظمة أن أي تسوية للنزاع القائمة لن تكون قابلة للاستمرار والحياة ما لم تكن مقرونة بمحاسبة مختلف الأطراف المتورطة في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب والفظاعات التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.