الأقباط متحدون - الأخيار والأشرار وزمن الإرهاب الوسطى الجميل
أخر تحديث ٠٠:٥٦ | الاربعاء ١٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ٦ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الأخيار والأشرار وزمن الإرهاب الوسطى الجميل

خالد منتصر
خالد منتصر

كاد وزير الخارجية الروسى يُجَن وهو يحاول فهم التقسيم الأمريكانى للإرهابيين إلى إرهابيين أخيار طيبين كيوت وآخرين أشرار وحشين كُخة!!، مما ذكرنى بصديقى وهو يحكى بأسى وشجن ونوستالجيا قائلاً: «فين زمن الإرهاب الوسطى الجميل»!!، واستمر فى شريط ذكرياته «فين لما كان الإرهابى آخره قنبلة جنب مدرسة أو رصاصة فى قلب وزير، دلوقتى بيدخل بعربية مفخخة يحصد أرواح مئات، ماكناش نعرف يعنى ايه انتحارى...» ثم يتنهد قائلاً: «هيييه دنيا»،

وهمٌ وهلاوس يريدوننا أن نعيش فيه، الأمريكان سوّقوا لنا هذا الفهم وتلك الأسطورة وداست مراكز أبحاثهم السياسية على أدمغتنا وبططتها وفلطحتها، وبالطبع ساهم بعض الكتاب السماسرة فى مصر من ذوى اللكنة الأمريكية أيام حكم الإخوان فى بيع هذا الفهم من خلال مقولة أننا والحمد لله كنا ننعم تحت حكم المعتدلين من تيار الإسلام السياسى، وأن الحمائم هم الذين كانوا يحكمون لا الصقور، لدرجة أن أكاديمياً كبيراً يدرّس لطلبة الجامعة الأمريكية علم السياسة وكان من قبل من المقربين للجنة السياسات ونال شهرة وحظوة كبيرة بعد 25 يناير دخل فى جدل معى على صفحات تلك الجريدة انتهت بمغادرته للجريدة، كانت نقطة الخلاف بينى وبينه هى قوله إن هناك جناحاً فى الإخوان مثل البلتاجى والكتاتنى.. إلخ نستطيع الاعتماد عليه لأنه جناح معتدل، وكانت وجهة نظرى أن الإخوان فكرة هى بالضرورة ستقود إلى التطرف والإرهاب إن آجلاً أو عاجلاً، ومن هو يظهر اليوم بمظهر الطيب الكيوت، غداً سيحرض على قتل ويضرب مولوتوف ويعد المصريين بأن الإرهاب سيقف فى سيناء فى نفس اللحظة التى يتراجع فيها السيسى مما يعنى أن ريموت كونترول الإرهاب مع سيادته!، هذه نقطة خلاف جذرية وأتعجب وأندهش كيف يقع باحث سياسى فى مستنقع السذاجة بهذا الشكل، المشكلة هى غياب البعد التاريخى فى قراءة الإسلام السياسى والتعامل معه، هذا البعد للأسف كان غائباً عن معظم شباب التحرير وفيرمونت ممن وضعوا أيديهم فى أيدى الإخوان تحت لافتة اللى فات مات وإحنا ولاد النهارده، ونسوا أو تناسوا أن التعامل مع ظاهرة الإسلام السياسى لا توجد فيه عبارة إحنا ولاد النهارده،

ذلك لسبب بسيط وهو أنهم لا يعيشون النهارده إلا بمنطق ألف سنة مضت، من تجده طيباً ولطيفاً وكيوتاً اليوم، هو فقط يعيش مرحلة الكمون الإرهابى أو الإرهاب المؤجل، فالفكرة التى أقسم على الذوبان فيها وأقسم على احترامها والقتال فى سبيلها حتى الموت على المصحف والمسدس، هى جنين إرهابى، بذرة مخصبة بالتطرف والتكفير وكراهية الآخر والعيش فى ضلالات وهلاوس نقاء الفرقة الناجية والجماعة الربانية الوحيدة على ظهر هذا الكوكب بل فى المجرة كلها!!، لا يوجد فى الإرهاب أبيض وأسود، الإرهاب نوع واحد ودائماً يبدأ بفكرة، ولن يجدى معه إلا تجفيف المنابع، ولعبة إقناعنا بدخول متاهة «بلاها داعش خد إخوان» أو «استحملوا القطبيين عشان مايجيلكمش الإرهابيين» أو «جهنم مرسى ولا جنة أبوبكر البغدادى»... إلى آخر هذه الألعاب التى تعتمد على المغالطات المنطقية وتخدير العواطف والتلاعب بالألفاظ، هى لعبة تعتمد على الرهان على ذاكرة السمك المصرية لكنها الآن صارت لعبة خائبة لأن الخواجة جوجل ربنا يستره ويعمر بيته أنقذ ذاكرتنا السمكية وجعلها خالدة خلود النقوش الهيروغليفية والوشم المصرى الذى لا يمحوه الليزر الأمريكى الإخوانى التركى القطرى.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع