الأقباط متحدون - هل ستبيع الحكومة الفول والفلافل ثانية؟!
أخر تحديث ٠٧:٣٧ | الاربعاء ١٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ٦ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

هل ستبيع الحكومة الفول والفلافل ثانية؟!

أ-د-نادر نور الدين محمد
أ-د-نادر نور الدين محمد

هل من المعقول عندما تزيد نسبة البطالة فى مصر أن يكون الحل التوسع فى إنشاء المقاهى لتستوعب جلوس وسهر الشباب العاطل؟! وهل يجوز أن تبيع الحكومات ساندوتشات وسلطة طحينة؟! وهل لهذا مثيل فى العالم؟ هل رأينا حكومة إنجلترا أو فرنسا تبيع ساندوتشات جمبرى وتشرف على سيارات بيع البطاطس المقرمشة فى الميادين العامة وتزودها بالخل والكاتشاب والقراطيس؟! هذه الأمور من المستحيل توافرها فى حكومات ترفع شعوبها إلى التحضر ولا تسمح أبداً بأن تجذبها الأحداث إلى أسفل مهما كانت الظروف. وكأن مصر لم تستوعب تجربة الميكروباص الأليمة والتى أصبحت تسيطر تماماً على الشارع المصرى فى جميع المحافظات وأصبح التعرض أو التصدى للخروقات المعتادة منها ينذر بحدوث مأساة وأعمال شغب وعنف.

ففى مقال الأسبوع الماضى عرضنا لوجبات وزارة التموين وعدم إعطائها لكل مستهلك حق اختيار تكوين وجبته طبقاً لنمط استهلاك كل أسرة، ولكننا فوجئنا بقرار جديد لوزير التموين يؤدى إلى الرجوع إلى الوراء لسنوات طوال وربما إلى عصر ما قبل الوالى محمد على لأن عصر الاحتلال الإنجليزى والفرنسى عمل على ارتداء طلاب المدارس والجامعات للبدلات الكاملة. القرار الصدمة كان الإعلان عن وجبة جمبرى بالأرز ومعها سلطة طحينة وملعقة وملح؟! الغريب فى الأمر أن الدولة ستعود إلى عصر بيعها لساندوتشات الفول والفلافل والسمك المقلى والمشوى والتى حدثت من خمسين عاماً فى عهد الرئيس السادات وتصدى لها الإعلام الناضج المتحضر بكل قوة وأصبحنا نتندر بحكومة الفول والفلافل إلى عهدنا هذا. الأمر يبدو أنه يتكرر بسبب الفكر العتيق لدى البعض ويمكن خلال الأيام المقبلة أن نسمع عن إبداع بتحويل عدد من المجمعات التعاونية التابعة للدولة إلى مطاعم تقدم الكشرى والفول والفلافل والمكرونة ووجبات الجمبرى السريعة ولا مانع من أن يصل التطوير إلى تقديم فتة الكوارع وما يتبعها من المومبار والفشة وغيرهما من سقط الحيوانات مادامت الدولة تبنت الفكر البيئة وآمنت بأن الاتجار فى الغذاء والساندوتشات والوجبات الجاهزة بضاعة مربحة لاتبور. ولا مانع من أن تقوم وزارة التموين بتقسيم موظفيها إلى إدارات عمل سلطة الطحينة والطماطم وإدارة مخللات الخيار والباذنجان وإدارة للكشرى وأخرى للكوارع والفتة ولحمة الراس وبذلك يصبح اسم الوزارة الرسمى هو وزارة الوجبات السريعة والساندوتشات Fast Food بدلاً من وزارة الإمداد بالغذاء Food Supply، ولا تمانع من أن تقدم عروضها لمحال الوجبات الجاهزة الشهيرة فى مصر لشرائها والقيام ببيع المقليات والمشويات وربما يتم الإعلان عن الكباب الشعبى من اللحوم السودانى والخراف الصومالى.

فلسفة تدخل الدول فى الأسواق يتم عبر طريقين الأول هو طريق التنمية برفع دخول المواطنين وتبنى خطط التنمية وتوفير فرص العمل فيزيد دخل الأفراد ويستطيعون تحمل ارتفاع أسعار الغذاء وتختفى الوقفات الفئوية المطالبة بزيادة الرواتب. الأمر الثانى يحدث أثناء فترات الركود وتراجع التنمية وتراجع السياحة كما هو الوضع فى مصر الآن وفيه تلجأ الحكومات إلى السيطرة على قفزات الأسعار فى الأسواق فلا يجد المواطن عناء فى توفير طعامه فيظهر الرضاء المؤقت عن آداء الحكومة بطريقة «اطعم الفم تستحى العين» بالسيطرة على الأسعار إلى أن تأتى التنمية والتوسع الصناعى والزراعى لأنهما سبل التنمية أما النشاط التجارى الداخلى فى البيع والشراء فلا يبنى دولاً ولا ينهض باقتصاد، وكلما زاد عدد البائعين تراجعت الدخول والأرباح وقد يؤدى الأمرإلى التناحر على لقمة العيش الضيقة المتاحة. ما تفعله الحكومة الحالية بناء على توصيات وزارة التموين وفكرها العتيق بتحويل شباب مصر إلى باعة جائلين سبق أن خاضته حكومة مبارك والسادات والحزب الوطنى وسرعان ما تراجعت عنه لأن أسواق بيع الخضار والفاكهة متشبعة تماماً ولا تحتاج إلى المزيد من البائعين وكل بائع جديد يدخل يتسبب فى خسارة الباقى وتراجع دخولهم، ويبدو أن مشروع السيارات المتنقلة لصاحبه د.خالد حنفى غير مدروس وبلا جدوى اقتصادية مثل جميع مشروعاته فى ميناء الحبوب واللحوم أم جنيه وعربيات الفول ومدينة السياحة والتسوق وجميعها طرقعات بنادق صوت فى فرح العمدة تنتج سياسات فرقعة.

تكاليف شراء السيارات الثلاجات كانت تكفى لفتح بعض المصانع المغلقة، كما أن البحث عن الأسعار الرخيصة يقتل الفلاح ويذبحه ويزيده فقراً لأن الهدف هو الوصول إلى السعر العادل للمستهلك والفلاح معاً، وما تقوم به سيارات ومنافذ القوات المسلحة والشرطة أمر محمود ويكفى.

تراجع أسعار حديد التسليح لم يحدث بسبب طرحه فى المجمعات، ولكنه يعكس تراجع النشاط الوحيد فى مصر لبناء العقارات ويعكس خيبة كبيرة أظهرها وزير التموين دون أن يدرى.
نقلا عن الدستور


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع