المحبة تجعلك مسيحيا ... أما ... الشريعة تجعلك فريسيا
بقلم :المهندس نبيل المقدس
كالعادة صادني حفيدي , وألقي عليّ هذه الجملة " المحبة تجعل الإنسان مسيحيا , أما الشريعة تجعلَهُ فريسيا " ... بصراحة إستفزني جدا حفيدي بهذه التأمل القوي , وصعبت عليّ نفسي أن حفيدي يتأمل مثل هذا التأمل وانا جالس امامه الحفيد , وهو الجد. !! وخصوصا قالها لي باللغة الإنجليزية لأنه تعود أن يقرأ ويدرس الكتاب المقدس بلغة مدرسته .. The Love Makes Man A Christian .. But The Law Makes Him A Pharisee .
أخذتني العنجهية فتواصلتُ معَهُ بما هو أبلغ فقلت : "المحبة تجعل المرء يستسلم للرب ويثق في نفسه ... أما الشريعة فتجعله يُجاهد ويتباهي بما يفعله " . رد عليّ بأبلغ منها وقال: " حياة المحبة مؤسسة علي المسيح ... أما الحياة بالشريعة مؤسسة علي الذات البشرية ". هذه حقيقة ... فحين تحفظ بندا من الشريعة فأنت تحفظ شكلياته الخارجية ... لكن عندما تحفظ المحبة فأنت لا تحفظ شكلياتها بل تعمل وفق متطلباتها الداخلية , وعلي هذا فإن المحبة هي أكثر تدقيقا وفاعلية من الشريعة , فحين تتمم الشريعة تكون قد انتهيت من الواجب المفروض عليك ... أما المحبة فلا يمكنك أن تنتهي من واجبك معها , فهي تتملكك في كل لحظة وترغمك علي عمل المزيد نحو الآخرين .
لا نستطيع أن نفرق بين المحبة والنعمة التي وهبها الله لجميع الأمم من خلال كفارة يسوع علي الصليب . فعندما نتمعن في ما قاله الوحي علي لسان بولس في رسالته إلي تيطس 2 : 11 - 12 " لأنه قد ظهرت نعمة الله المُخَلِصَة ُ لجميع الناس ... مُعلمة إيانا أن ننكر الفُجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوي في العالم الحاضر ." فلو تقبلنا نعمة محبة الله نتعلم أن نتقبل ضبط النفس . من هذه النقطة علينا أن نبدأ تغيير ردود أفعالنا ضد من يسيئون إلينا ... و هذا ما تمليه علينا نعمة المحبة ... فقيام البابا بالإعتذار عن الألم الذي شعروا به إخوتنا في الوطن لذِكْرِنَِا لهم بعض التساؤلات الموجودة في كلمات كتابهم , لكي نحاول أن نبعد بعض الكلمات التي تحض علي كراهيتهم لنا ... كذلك هذا البيان المشترك الذي سوف يوقعه كل من البابا وشيخ الأزهر حول شجبهما عن ما ألم قلوب المصريين مسلمين ومسيحيين في الفترة الأخيرة ، وقد أكدا سويًا علي أن الدين "خط أحمر" ولا يجوز المساس به، وأكَّدا علي رفضهما لأي تصريحات تمس عقائد المصريين، وناشدا كل المصريين الإلتزام بوحدتهم الوطنية شعبًا واحدًا، ووطنًا واحدًا . كل هذه التصرفات من البابا ما إلا تشديد علي نعمة المحبة ... وربما نجد ان الكثيرين منهم يظنون أن هذا التشديد علي نعمة المحبة والتي تمثلت في إعتذار البابا هو ضعف فينا . لكن هذا الإعتقاد هو علي جانب كبير من الخطأ ... فقد عبّر بولس عن هذه الفكرة في رسالة رومية 5 : 17 "لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولي كثيرا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح." وهذا يعني أن الذين ينالون نعمة المحبة سيملكون في الحياة , اي ان الحياة بمحورها وجوهرها تقع تحت سيادتهم ..!
نعمة المحبة تـُقيدك بقيود أشد بكثير مما تـُقيدك به قيود الواجبات والإلتزامات ( الشريعة). صحيح ان نعمة المحبة هي نعمة مجانية لكنها ما إن تأخذها حتي تجد نفسك مُجبرا أن تكون المُعطي إلي الأبد مثل من أعطاها لك. أما الشريعة تجعلك ناموسيا هزيلا أو فريسيا متكبرا , وكلاهما غير مجديان إذ لا حاجة إليهما. لذلك ان كل من قبل نعمة محبة يسوع المسيح تزداد قوته ويصير أكثر ثمرا ويتفوق علي من إجتاحتهُ الشريعة ... فلا حدود ولا قيود لهذه النعمة بأن تفيض مِن مَنْ إستلمها علي الجميع.
أخيرا أحب أن اعلن " أن كل ديانات العالم الأخري , نجد فيها أن الإنسان يبحث عن الله وهذا عن طريق الطقوس والشرائع ... أما في المسيحية نجد أن الله يبحث عن الإنسان من خلال محبته الفادية ... فنحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا."
الإنجيل لم يكن ابدا عبارة عن بنود او شروط أو شرائع أو حتي نصيحة طيبة ... بل هو بشارة طيبة . الإنجيل لم يضع قوانين إزدراء وقتل كل من لا يؤمن بهِ ... بل جاء للسلام وبالنعمة .
أخيرا أوجه كلمتي إلي حفيدي .. وأقول له :
++ نعمة المحبة الأبدية تجعلني إنسانا سويــــــــــــا ً ..... أما الشريعة الحرفية فتجعلني إرهابيـــــــــــا ً.....!! ++
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :