السبت ٢٦ ديسمبر ٢٠١٥ -
٠٤:
١٠ م +03:00 EEST
كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
من منا ينسى ماتعرضت له كنيسة سيدة النجاة بتاريخ 31 أكتوبر عام 2010 ، حيث واجهت هجوما مسلحا من قبل تنظيم القاعدة أثناء قداس الأحد،وتم احتجاز 120 مواطناً من المصلين والكهنة، كرهائن ، وطالبوا بالإفراج عن سجناء من القاعدة في العراق ومصر.وعلى مدار ساعتين، وسط ضجة طائرات الهليكوبتر الأميركية والعراقية ودوي الرصاص، حررت قوات الجيش والشرطة إلى جانب قوة يطلق عليها "الفرقة الذهبية" ، الرهائن ، بعد إغلاق تام لمنطقة الكرادة حيث الكنيسة.وكان المسلحون قد قتلوا أحد القساوسة ، وهددوا بقتل الرهائن مالم تلبى مطالبهم ، وانتهت العملية بتفجير الانتحاريين أنفسهم داخل الكنيسة متسببين بقتل العشرات ولم يبق منهم سوى صور جمعت في لوحة كبيرة أمام الكنيسة توقد لهم الشموع بين الحين والآخر وفي الأعياد وأيام الأحاد..
ورغم تحذير " القاعدة " بأن الهجوم القادم سيكون في مصر ، لم تتحرك داخلية " العادلي " التحرك الجيد تحسباً لصدق التهديد ، وأثناء احتفال أقباط كنيسة القديسين بالأسكندرية بقدوم عام ميلادي جديد مساء 31 ديسمبر من نفس العام ، كانت العملية الإرهابية البشعة الشهيرة وسالت الدماء على جدران الكنيسة ، وكان ضحيتها 21 شهيد و97 مصاباً .. وتوالت الأحداث الإرهابية والاعتداءات على الكنائس .. حرق وتدمير وهدم وصولاً لحادث الوراق ، وكوارث التهجير القسري وفرض الإتاوات على المواطنين المسيحيين ، وصولاً لكوارث زمن حكم الإخوان ، وماحدث بعد فض اعتصامات رابعة الإرهابية ..
وعربياً ، كانت التوجيهات التي يُجمع أهل التحليل السياسي لوضع المسيحيين في الشرق أنها تأتي في سياق مؤامرة غربية أمريكية ، ليكون الذهاب هذه المرة إلى مدينة "معلولا"وشرق سوريا ، والمعروف أنها المنطقة التي يتحدث أهلها اللغة الأرامية التي كان يتحدث بها السيد المسيح ، فكان الهجوم على الكنائس والمواقع التراثية التاريخية الرائعة ، وكأنه المطلوب القضاء على ذلك التراث الحضاري النادر ( وهو ما يذكرنا بما حدث لمتحف ملوي من تدمير وسرقة وتبديد لمحتوياته ) ، وتم سرقة الأيقونات المسيحية والاتجار فيها في الأسواق التركية ، ولعله توجه أمريكي للنيل من وجه الحضارة في المشرق ، بالإضافة لتحقيق هدف إخلاء سوريا من المسيحيين حيث يرونهم أصحاب بأس ، ففي "معلولا" أكثر من مليون مسيحى يرفضون سياسات الولايات المتحدة الأمريكية و ينتمون للعرب فكان دعم احتجاز الراهبات ، ومن قبلهم كان اختطاف كهنة !!
و كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد قطعت علاقتها بدولة الفاتيكان غضباً من إعلان تعاطف قداسة بابا الفاتيكان مع ضحايا العنف الطائفي في "معلولا" وغيرها ، وهو ما يدعم فكرة المخطط الأمريكي المحفز لجماعات التطرف في المنطقة لتحقيق الفوضى والتقسيم وإضعاف الجيوش العربية ، وتحقق لهم ما أرادوا في العراق ، تشكيل الجيش الحر في سوريا من ميلشيات التطرف أتت من دول حاضنة وراعية للإرهاب.
وهذا اليقين من صحة التوجه الأمريكي يتأكد لنا من الموقف السلبي من جانب الإدارة الأمريكية إزاء أحداث حرق وهدم وتدمير العشرات من الكنائس المصرية ، بينما هاجت وماجت وأعلنت عن عظيم غضبها من إصدار الحكومة المصرية لقانون التظاهر ، وأعربت عن قلقها البالغ من قمع المعارضة على أبواب مجلس الشورى ، أما حوادث التهجير القسري للمسيحيين واستهداف أمنهم ، فيبدو أنه من مصادر سعادتهم !!!
وفي هذا الإطار أود الإشارة لانعقاد مؤتمر تحت عنوان " مسيحيي المشرق.. هواجس وتحديات" منذ أكثر من 3 سنوات..قال عنه الصحفي " علي سعد "لقد حمل المسيحيون المشرقيون همومهم وهواجسهم إلى لبنان حيث عُقد المؤتمر العام الأول لمسيحيي المشرق في مركز حوار الحضارات العالمي بالربوة. المؤتمر بحجم الحضور والمشاركة الفاعلة بدا كأنه انعكاس واضح لقلق المسيحيين من تناقص وجودهم في الشرق، نتيجة المشاكل المتراكمة التي تعاني منها المنطقة.
لقد ذكر دهام محمد العزاوي عضو مفوضية حقوق الإنسان والخبير في شؤون المسيحيين في العراق أن ما يعانيه العراقيون المسيحيون اليوم يشبه إلى حد كبير ما يسمى في كتب التاريخ "الاضطهاد الأربعيني".واعتبر أن المسيحيين يتعرضون الآن في العراق لـ"إبادة جماعية"، محذرا من أن استمرار الوضع الراهن لخمس سنوات أخرى سيهدد بانقراض المكون المسيحي في هذا البلد.
وأكد العزاوي أن المسيحيين جزء أساسي من المجتمع العراقي، لافتا إلى وجود محاولات لوصف المنظومة القيمية للإسلام بأنها ضد الآخر.وختم الخبير بالقول إن ما يحصل اليوم للمسيحيين لا يمت لقيم الإسلام بأي صلة.
ويقول الأب مانويل مسلم عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس وراعي كنيسة اللاتين في قطاع غزة سابقا، إن فرح عيد الميلاد هو فرح عربي إسلامي في فلسطين، ولفت إلى أن المسيحيين كانت أعدادهم في العالم العربي تقدر بنحو ثلاثين مليونا، مضيفا أنها تقلصت كثيرا اليوم.ورغم إقراره بأن المسيحيين كابدوا الخوف منذ زمن بعيد، فإنه شدد على ضرورة أن يتجذروا في أرضهم بدل أن يغادروها.وخلص إلى القول "نحن أحفاد صلاح الدين، سنقاتل مع المسلمين لبقاء شعبنا هنا، وسنحمي أرضنا، ونريد من المسلم أن يوفر لأخيه المسيحي قانونا مبنيا على الجغرافيا والتاريخ والحضارة".
لقد بات على الكنيسة المصرية أن تدعو لدعم اتحاد للكنائس على المستوى الإقليمي وأن تقوم بدور ريادي بالتعاون مع الأزهر الشريف والفاتيكان لوقف ومواجهة مايحدث للمسيحيين العرب في المنطقة ، أم بات عليهم البحث عن أوطان بديلة؟!!