قرأنا اقتباسات من كتاب طلعت حرب الذى كتبه رداً على قاسم أمين، ترسخ لقهر المرأة من خلال استدعاء معلومات علمية زائفة لتمنح مصداقية وفزاعة لمن يعارض، أقول: ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه كلام طلعت حرب بكلام متطرفى هذا الزمان ممن يريدون عودة عقارب الساعة للوراء، ولذلك فالرد على كلام الاقتصادى الكبير مهم فى الوقت الحالى لأنه يحمل فى طياته الرد على حجج أعداء المرأة والكارهين لها فى الوقت الحاضر.
لم يكن طلعت حرب محتاجاً إلى كل هذا التعسف فى التقاط الفروق التشريحية لبيان أن المرأة تختلف عن الرجل، وبرغم عدم دقة المعلومات الطبية أو بالأصح استخدامها فى غير موضعها لبيان تدنى المرأة وليس اختلافها، برغم ذلك فنحن ننادى بالمساواة وليس بالتطابق أو التماثل وهما معنيان مختلفان تماماً، فالتماثل يعنى أن نقوم بعمليات تحويل جنسى للسيدات ليتحولن إلى رجال وهذا مطلب مرفوض من السيدات قبل الرجال، لأن المرأة تعتز بأنوثتها وبما يطلق عليه طلعت حرب ضعفاً، أما المساواة فهى شىء آخر وهى تعنى أن كل هذه الأشياء الوهمية لا تعنى أن تعامل المرأة كجارية أو ككائن أدنى لأن عضلاتها أقل أو وزنها أخف أو متوسط طولها أقصر إلى آخر هذه الحجج الواهية، فكل هذا الكلام كان مقبولاً لو كنا نتكلم عن كائن لجر المحراث أو الساقية أو الدخول فى مباريات مصارعة، ولكننا نتحدث عن مجتمع أصبحت العضلات فيه شيئاً هامشياً، وأصبحت قوة التحمل لها مقاييس ومعايير أخرى أدق وأشمل، وأتساءل عن قوة التحمل وأقول لدعاة قهر المرأة كم من الرجال من الممكن أن يتحمل توتر وإرهاق الحمل والولادة؟، بل كم من الرجال يستطيع أن يستيقظ الليل بجانب طفل يبكى بلا سبب مفهوم وعندما ينام يستيقظ بعد نصف ساعة؟!!، وكم من الرجال يسهر ويتحمل ويعانى مثل المرأة؟، إذن التحجج بأن الطبيعة ونواميس الكون والفطرة قد جعلت من تدنى المرأة أمراً طبيعياً لا بد أن يُقبَل ولا بد ألا نحاول تغييره، هذه الحجج عن قوة التحمل باتت موضة قديمة لأنها تعتمد على مفهوم واحد ومعين وذكورى عن قوة التحمل التى يضعها البعض كوسيلة إفحام وفزاعة فى وجه كل من يدافع عن المرأة، برغم أن قوة التحمل معنى متعدد الأطياف لا يخضع لمثل هذا التقسيم التعسفى المتشدد.
نأتى إلى قضية وزن المخ التى تتردد فى جميع الكتابات التى تتصيد كل ما من شأنه تحقير المرأة، وأعتقد أنها مسألة كوميدية، فمن يستطيع أن يؤكد فى الطب أن المخ الأثقل هو الأحسن تفكيراً بفرض صحة المعلومة التى تقول إن مخ الرجل دائماً أثقل، فالتفكير والإدراك والتحليل المنطقى والتصرف السليم واتخاذ القرار كلها عمليات غاية فى التعقيد لا تؤخذ بمثل هذا التبسيط والسطحية، وإلا كان جميع الرجال أذكى من جميع النساء كشىء حتمى وبديهى، وكنا قد كذبنا عيوننا ونحن نقرأ أسماء الأوائل على الثانوية العامة التى تكتسحها البنات كل سنة، وأريد لهؤلاء الذين يرددون مثل هذه الحجج أن يتذكروا الحسم فى قرارات مسز تاتشر الحديدية التى وقعت على قرار حرب الفوكلاند بأعصاب باردة يحسدها عليها الرجال، أو أنديرا غاندى التى لمت شتات الهند وقادته بكل ذكاء وحسم ولم تؤثر عليها المسائل البيولوجية ولم تنتقص من حسم المسئولة السياسية ورجاحة عقلها، ولمن ينكر قوة المرأة عليه أن يعرف الحاكم الحقيقى لأقوى دولة فى العالم فى زمن ما قبل أوباما ويتذكر جيداً اسم كونداليزا رايس!، إن نموذجاً واحداً كان يكفى لإثبات تهافت هذه الحجج ولكننا أردنا أن نذكر المزيد حتى نرفع الغمامة عن العيون المنكرة والرافضة لوجود المرأة من أصله.
نقلا عن الوطن