بقلم : ماجد الراهب
المجوس كلمة مأخوذة عن كلمة " ماجو " الفارسية ، والتي تعني كاهنًا أو عالمًا بالفلك وهم من بلاد فارس ( ايران حاليا ) وكانوا حكماء يدينوا بالزرادتشية .
وقد تعرفوا على الديانة اليهودية نتيجة إختلاطهم باليهود الذين كانوا فى فارس أيام السبى ، كما عاش دانيال النبى هناك وقد ولد غالبًا في أورشليم وسبي إلى بابل وهو صبى صغير سنة 606 ق.م
وقد ذكرهم دانيال فى سفره (1 : 20) ( 5: 11- 12) .
زيارة المجوس للطفل يسوع
وكان لزيارة المجوس لبيت لحم دوراً هاماً والتى ورد ذكرها فى إنجيل متى ( 2: 1- 9 ) " ولمَّا وُلِدَ يسوعُ في بَيتَ لَحمِ اليهودِيَّة ، في أيَّامِ المَلِكِ هيرودُس ، إِذا مَجوسٌ قدِمُوا أُورَشليمَ مِنَ المَشرِقِ 2 وقالوا : أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه . 3 فلمَّا بلَغَ الخَبَرُ المَلِكَ هيرودُس ، اِضْطَرَبَ واضطَرَبَت مَعه أُورَشليمُ كُلُّها. 4 فَجَمَعَ عُظَماءَ الكَهَنَةِ وكَتَبَةَ الشَّعْبِ كُلَّهم واستَخْبَرهم أَين يُولَدُ المسيح . 5 فقالوا له : في بَيتَ لَحمِ اليَهودِيَّة ، فقَد أُوحِيَ إِلى النَّبِيِّ فكَتب 6 وأَنتِ يا بَيتَ لَحمُ ، أَرضَ يَهوذا لَسْتِ أَصغَرَ وِلاياتِ يَهوذا فَمِنكِ يَخرُجُ الوالي الَّذي يَرْعى شَعْبي إِسرائيل . 7 فدَعا هيرودُسُ الَمجوسَ سِرّاً وتَحقَّقَ مِنْهم في أَيِّ وَقْتٍ ظهَرَ النَّجْم . 8 ثُمَّ أَرْسَلَهم إِلى بَيتَ لَحمَ وقال: اِذْهَبوا فابحَثوا عنِ الطِّفْلِ بَحْثاً دَقيقاً، فإِذا وَجَدْتُموه فأَخبِروني لأذهَبَ أَنا أَيضاً وأَسجُدَ له " ، تعلن ثلاث حقائق :
اولا: تعلن زيارة المجوس حقيقة شخصية الطفل الوليد باعتباره " المسيح المنتظر " تحقيقاً للنبوءات العديدة .
ثانياً: تعلن زيارة المجوس أن يسوع المسيح لم يأت لليهود فقط بل للأمم أيضاً .
ثالثا: تعلن زيارة المجوس التناقض بين ايمانهم المذهل وعدم ايمان الشعب اليهودي . فبينما قدّم هؤلاء المجوس الغرباء الإكرام والسجود للمسيح المولود، فإن هيرودس ورؤساء الكهنة دبّروا مؤامرة لقتل الطفل يسوع .
تقدمات المجوس
قدم المجوس ثلاثة هدايا ذهب ولبان ومر وهذه الهدايا لها تفسير رمزى يخص السيد المسيح الذهب واللبان كونه ملك وكاهن والمر الذى يشير إلى آلامه .
ونحن ماذا قدمنا
الذهب هو أنقى الخامات الطبيعية وله بريق يخطف الابصار ويمكن تشكيله ، فهل نحن مطالبون بتقديم ذهب أم يجب أن نصير ذهبا ليقبلنا .
نحن لا بد أن نصير ذهبا بطهارة نفوسنا وأروحنا ونقاء قلوبنا وعقولنا ونخطف الابصار بسيرتنا العطرة ومسلكنا وسط البشر ، ذهبا فى تعاملاتنا بدون غش بدون تدليس بدون رتوش .
هل مازلنا نحافظ على نقاء نفوسنا ولم نختلط بالنحاس والمعادن الأقل نقاء من أجل أن نساير أهل العالم ونستطيع الحياة وسطه ؟؟
هل نحن مطالبون بتقديم بخور أم يجب أن نصير نحن بخورا ليقبلنا .
البخور هو مـادة صمغية نباتية ، اذا احرقت فاحت منهـا رائحة زكية .
فهل نحن نقبل أن نحترق من أجله لكى تفوح منا رائحة بنوته ، هل مازلنا أزكى رائحة وسط هذا العالم يشتمها الأخرون فيمجدوه ؟؟
هل نحن مطالبون بتقديم المر أم نصير نحن مرا ليقبلنا .
المر عبارة عن خليط متجانس من مواد راتنجية وصموغ وزيت طيار تفرزها سيقان نبات البيلسان ولاستخراج المر من السيقان هو تجريح ساق الشجرة فتخرج منه هذه العصارة المعروفة بالمر .
والمرّ هو رمز للألم ، وهو أيضاً عطر، هو عطر سائل ولذلك قيل في سفر الأناشيد " معطرة بالمر واللبان " ( نش 3: 6 ) والمر في رائحته عطر، وفي مذاقه مر ، ولكن له فائدة عظيمة فى التداوى وتسكين الألم .
فهل نحن نقبل أن نجرح ليخرج منا المر لنداوى الآخرين كما فعل مخلصنا وداوى البشرية كلها بآلامه .
إن أجمل ما في الحياة ، هو الألم لأجل الله مثال السيد المسيح على الصليب ، كان ذهباً ولباناً ومراً فإن أردت أن تملك معه ، أصعد على الصليب فالصليب هو صورة تقدمات المجوس .
أنت يارب قدّمت من أجلي كل شيء. أما أنا فأثمن ما أقدّمه هو قلبي .
أنت قلت " يا بني أعطني قلبك " فكثيرون يقدمون للرب عطايا هي من خارج قلوبهم فيارب أعطني أن أقدم من قلبي أي شيء مهما كان قليلاً ، أعطني أن أكون لك ذهباً ولباناً ومراً .