صلاح هاشم: تاريخ مصر أثبت فشل "العنف" في تحقيق المطالب
هاشم: على الدولة إقامة كيانات "ديمقراطية" سليمة واستغلال ذكرى الثورة في "التصالح"
محرر الأقباط متحدون
دعا الدكتور صلاح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط وأمين عام الاتحاد المصري لسياسات التنمية والحماية الاجتماعية، إلى نبذ الانقسام بين المصريين واستغلال ذكرى ثورة 25 يناير في الدعوة إلى تغيير الذات بدلا من التحريض على العنف، خاصة أن تاريخ مصر أثبت فشل "العنف" في تحقيق المطالب سواء الشعبية أو السياسية، مشددًا على ضرورة التصالح مع "الأحرارغير المجيشين" الذين لا زالوا يتمتعون بنعمة الفَهم والتعقل ولم يلوثوا أيديهم بدماء أبرياء.
وأوضح "هاشم"، في بيان للاتحاد اليوم الاثنين بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، أن الكوارث التي توالت على الوطن مع توالي الثوار إلى الميادين في 25 يناير، أحدثت "تمزقًا" كبيرا في النسيج الاجتماعي، وأنه مع كم الفساد والتحديات جاء الرئيس نفسه إلى كرسي السلطة، دون أن يملك خطة حاسمة للمواجهة، أو إجابات قاطعة على السؤال: ما هو السبيل للخروج من أزمة الانقسام؟.
وتساءل: هل يملك الرئيس ومستشاروه خطة أو روشتة سياسية فعالة؛ لمواجهة حالة الانقسام الحادة التي أصابت مصر بعد 25 يناير وازدادت حدة بعد 30 يونيو؟.. أم أن سيناريو الحشد والحشد المضاد الذي باتت تشهده مصر في مطلع كل عام ميلادي سوف يستمر إلى أجل غير معروف؟، وهل يرغب الرئيس ورجاله والإخوان وأنصارهم في السير في اتجاه المصالحة؟.
وأشار هاشم، إلى أن وجود رجالا من المقربين للرئيس وبعض القوى السياسية لا يقبلون "المصالحة"، بل يرفضون حتى مجرد الحديث عنها، مع إصرار جماعة الإخوان المسلمين بدعم "قَطَري وتركي" على عدم التفكير فيها، يقلل من فرص الاستقرار والتآخي، وعلى الرئيس إيجاد الطريق الأمثل للم شمل المصريين ووقف الاحتقان.
ولفت إلى أنه لا يمكن الرهان على البعد الأمني وحده في استعادة اللحمة الشعبية، ويجب على الدولة إقامة كيانات "ديمقراطية" سليمة، تتكامل داخلها كل الشرائح والتيارات والقوى الوطنية، فإذا نجحت الدولة في ذلك، استطاعت أن تضع قدميها بثبات على الطريق الصحيح لـ"التنمية"، أما ثقافة "الإقصاء" والتهميش فمصدرها دائما هو الإحساس بـ"فائض القوة"، الذي يقود إلى الإحساس بإمكانية الاستغناء عن الآخر، والضحية دائما هو "الوطن"!.
وذكر أن مصر مرت بثلاث مراحل للتغيير أولها "الانقلاب" على النظام "الملكي"؛ بدعوى الفقر والفساد؛ حيث كانت البطالة لا تتعدى 2%، وكان الجنيه المصري يساوي 4.80 دولارات، وكانت حدود الدولة المصرية هي مصر والسودان، وكانت القاهرة هي أجمل مدن العالم، وكانت بريطانيا مَدِينَة لمصر بنحو 23 مليار دولار!، وكانت النتيجة أن احتلال سيناء في 67، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب حتى وصلت 29% في نهاية عهد السادات، وتراجعت قيمة الجنيه المصري أمام الدولار ليصبح الجنيه يساوي 2.5 دولار في أواخر حكم عبد الناصر و1.7 في نهاية حكم السادات، وارتفعت ديون مصر الخارجية بنهاية حكم عبد الناصر حتى وصلت 5 مليارات دولار، وتضاعفت 6 أضعاف بنهاية حكم السادات حتى وصلت 30 مليار دولار، واختفت العواصم المصرية من قوائم أجمل مدن العالم، وارتفعت معدلات الفقر حتى تسببت في انتفاضة الفقراء عام 1977!.
واستكمل أن المرحلة الثانية كانت التغيير بـ"الاغتيالات"؛ حيث تم اغتيال الرئيس أنور السادات بدعوى خنوعه لإسرائيل، وكانت النتيجة تولي محمد حسني مبارك الحكم الذي اتسم عصره بأنه أكثر عصور مصر فسادًا؛ وارتفعت أرصدة الديون الخارجية في نهاية حكمه لتصل إلى 45 مليار دولار؛ حيث خسرت مصر في عام 2010م فقط ما يقرب من 231 مليون دولار؛ بسبب تصدير الغاز لإسرائيل، وخسرت 39 مليون جنيه؛ بسبب الفساد المالي والإداري، واحتلت مصر المرتبة 115 من 180 دولة من حيث معدلات الفساد، واستمرت قيمة الجنيه المصري في الانخفاض أمام الدولار حتى صار الدولار في نهاية حكم مبارك يساوي 5.40 جنيهات!.
وتابع "هاشم": أما التجربة الثالثة في التغيير فكانت بـ"الثورة"؛ حيث قام المصريون بثورتين، أسقطوا خلالهما نظام مبارك، تراجعت مصر خلالها اقتصاديًا وصحيًا وتعليميًا وسياسيًا ودوليًا بشكل كبير، ووصل فيها الفساد إلى "الرُّكَب".. وأفضت ثورة يناير إلى وصول "الإخوان" المسلمين إلى الحكم، وخلال عام واحد توقفت خلالها كل ماكينات الاقتصاد عن الإنتاج، إلا أرحام النساء التي أنجبت في هذا العام 2.4 مليون طفل!، وفي عهدهم تراجعت مصر تنمويا حتى حصلت على المرتبة 113 من 177 دولة، كما شهدت تراجعا كبيرا في الانضباط الأمني، وارتفاعا متزايدا في معدلات الجريمة إلى 200%!.
وأوضح أن تولي الرئيس "عبد الفتاح السيسي" للحكم، مع تراكم كمٍ هائل من الفساد على مر سنوات مضت، بالاضافة إلى شعور المصريين بأنه يعمل لوحده في ظل تحديات وانقسامات داخلية وتهديدات خارجية وإقليمية، ساهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات الفقر والجريمة والبطالة، وارتفعت أرصدة الديون الخارجية في نهاية 2015 إلى 2 بليون دولار، واستمر الجنيه في الانخفاض حتى أصبح الدولار يساوي 8.5 جنيهات!.
ورأى أن التجارب الثلاثة فشلت؛ لأنها اتخذت الطريق الأسهل وهو التغيير بـ"العنف"، من خلال تحميل الأنظمة الحاكمة كل أسباب التخلف والانهزامية والفقر والفساد التي يعيشها المصريون، واعتقدوا أن الحل يكمن في تغييرها، وتناسوا ربما عن غير عمدٍ، أن الحل في تغيير"ثقافة" الشعب المساهمة بشكل كبير في إنتاج المفسدين.