السبت ٢٣ يناير ٢٠١٦ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
السيسي
د. مينا ملاك عازر
أرادوا عدم مضايقة الرئيس، أرادوا ألا يعرقلوه، أرادوا أن يعدوا الطريق له، ويمهدوا السبيل، ويزيلوا الصعوبات والعقبات الكائود، ويفجروا الجبال، فاختاروا له معاونين من الشعب نواب عنه، وأما نواب الشعب فأرادوا التمحك في شعبية الرئيس فبايعوا الرئيس وانحنوا لكل ما يقربهم من كرسيهم ومنصبهم وحصانتهم، وادعوا أنهم يريدون خدمة الشعب وأنهم يتفاهمون مع الرئيس ويسيرون معه جنباً لجنب نحو الأفضل، وضغطوا على أنفسهم لفعل ما لا طاقة لأحد به، ناقشوا عدد لا بأس به من القوانين، قدموا للرئيس كل غالي وثمين ونفيس في سبيل أن يُنجحوا طريقه ونحو أن تكون مصر أد الدنيا لأنها أم الدنيا.
ولكن وفجأة رفضوا قانون الخدمة المدنية، وفي ذلك سيناريوهين، إما شعور من النواب بأن الرفض الشعبي المتزايد للقانون قد يضفي عليهم شرعية بدل من تلك التي فقدوها بعد عروضهم الهزيلة والهذلية التي قدموها في عرضهم الأول للبرلمان شوه والذي دفعهم لوقف البث عن الجلسات لستر ما تبقى من عورات لم تُفضح ولحمرة الخجل التي بدت على وجوه بعض العقلاء.
والسيناريو الآخر، أن الرئيس منذ البداية يعرف أنه قانون مرفوض شعبياً ولم يرد التدخل في إلغاءه وترك ذلك لمجلس النواب لكي يبدو أنه مجلس رافض وليس مهاود على طول الخط. السيناريو هذا أكثر مأساوية فأنه يرسخ روح المؤامرة التي استشعرها الكثيرون، ولعلي منهم في بعض الأحيان، والموائمة هنا ليست مؤامرة خارجية وليست بيد الرئيس، ولأنها لعبة السياسة، اللعبة التي إن كان السيناريو هذا حقيقي فإنني أرفع القبعة للرئييس السيسي لحكمته في لعبه هذه اللعبة السياسية التي تنم عن وعي سياسي وحكمة، فالسياسة هكذا، ولا أحد يدعي أن السياسة بها هذا القدر المتفائل من النزاهة.
تحية للرئيس السيسي، لو كان هو مخطط السيناريو الثاني، ولو كان فعلاً السيناريو الثاني هو الذي تم، ولكن إن كان النواب هم الذين خرجوا عن النص ورفضوا قانون الخدمة المدنية فهنا السؤال، هل سيعاقب المسؤول عن إيصالهم لمنصة نيابة الشعب؟ وتركيب هذه التركيبة البرلمانية التي أدت لخذلان الرئيس وحكومته، وفتت في عضد وزير التخطيط أشرف العربي الذي تبنى هذا القانون وعقد عليه آمال كبيرة.
ليست قضيتي القانون ممتاز أو سيئ، ليست قضيتي أبداً تلك الإضرابات والاعتراضات عليه، لكن قضيتي الحقيقية هل كان رفض البرلمان للقانون بالتوافق أم بالخروج عن النص، لأن كل من الوضعين يعني لي الكثير، ويعني للمتابعين والمتخصصين في الشأن البرلماني والسياسة الداخلية المصرية الكثير، دعونا نرى الحقيقة لأنها حتماً ستنجلي وينقشع الظلام عن كل المستور، ونعرف هل قتل الدب صاحبه بحبه له حين لم يحسن الاختيار لنواب ادعوا حب الرئيس أم أن النواب نفذوا ما أراده دب الرئيس؟
المختصر المفيد يا رب استر.