واصل سعر الدولار بالسوق السوداء تغريده بعيداً ضارباً بعرض الحائط كل الإجراءات والسياسات الحكومية والنقدية عرض الحائط، حيث وصل اليوم، بحسب متعاملون لدى بعض الصرافات، إلى 8.95 جنيه في حين استقر سعره لدى البنوك عند 7.80 جنيها، في ظل شكوى من المستوردين بعدم تدبير البنوك للسيولة المطلوبة
وبرأ مصرفيون، رئيس الوزراء شريف إسماعيل من تسبب تصريحاته الأخيرة حول تقدير سعر الدولار بالموازنة الجديدة في التسبب بأزمة في توافر الدولار، مؤكدين أن ذلك أمر اعتيادي يجرى أثناء وضع كل موازنة.
وأشار الخبراء إلى ضرورة وسرعة التصدي للسوق السوداء التي باتت تسيطر على النقد الأجنبي وتتحكم في الأسعار وتمثل تخوف حقيقي لدى المستوردين والمستثمرين، فيما تباينت آرائهم حول جدوى تعويم الجنيه.
الدكتور تامر ممتاز، عميد الاقتصاديين الأفارقة والخبير المصرفي، أكد أن وجود السوق السوداء للعملة تضر بالمقام الأول المواطن البسيط ومصالحه، إذ أن وجودها يعني تحكم عدد قليل من الأفراد في سعر العملة بدلاً من الجهات الرسمية، وذلك يمنحهم أرباح وهمية تفوق ما يحققه الجهاز المصرفي.
وأوضح أن المتحكمون بالسوق السوداء يعملون على تعطيش السوق لرفع سعر الدولار بما يترتب عليه بالنهاية تضاعف أسعار السلع الأساسية التي تمس المواطن البسيط.
وشدد ممتاز على أن تجريم التعامل مع السوق السوداء وتعظيم العقوبات سيكون بلا طائل نظراً لافتقاد مصر للنظام المتكامل لمراقبة دخول وإيرادات المواطنين، مشيراً إلى أن ضعف مراجعة الإقرارات الضريبية وغياب النظام المحاسبي المتكامل الذي يمكن الدولة من التعرف على المصروفات والإيرادات بجانب عدم وجود نظام دفع إلكتروني، عوامل تضعف من إمكانية محاسبة ومراقبة المتعاملين.
وتابع أن التعامل في السوق السوداء يظل معترف به ضمنياً من البنك المركزي لعدم تدبيره للعملة وذلك يعود لأنه يضع أسعاراً صورية، مؤكداً أن الحل يكمن في رفع السعر إلى مستواه الحقيقي ويتم تعويم الجنيه حتى يكون هناك إيرادات بما يمكن البنك المركزي من تولي زمام الأمور وضبط السوق وإنهاء الفرق الذي يضر بالمواطن البسيط.
وقال إن السوق السوداء استوحشت بشدة في الفترة السابقة ولابد من التصدي لها بقوة قبل أن تتسبب في أزمة للاقتصاد، وذلك لن يتأتي إلا بتعويم الجنيه تدريجياً حتى الوصول للسعر الذي يحقق إيرادات للدولة، مؤكداً أن ذلك يوجه ضربة قوية لكل من يحتفظ بالدولار، لأنه بالنهاية سيخضع لقوى العرض والطلب.
من جانبه قال الدكتور، هشام إبراهيم، إن تصريحات رئيس الوزراء شريف إسماعيل حول وضع تقدير سعر الدولار بالموازنة الجديدة عند 8.25 جنيه أسيء تفسيرها، موضحاً أن وضع سعر تقديري للدولار أمر اعتيادي يحدث عند وضع أي موازنة التي تتم بالجنيه ويجتمع فيها موازنات الوزارات والجهات الحكومية المختلفة المعبر عنها بالجنيه أيضاً، لكن هناك بعض البنود يعبر عنها بالدولار وبالتالي يجب وضع سعر تقديري للتغير في العملة.
وأضاف أنه لو تم تقدير السعر عند حده الحالي وتحرك سعر الصرف فيما بعد سيتسبب ذلك في مشكلة بالموازنة وللجهات الحكومية، مشيراً إلى أنه كلما زاد السعر التقديري بالموازنة كلما كان ذلك أكثر راحة وحرية للحكومة، مؤكداً أنه حتى لو تم وضع سعر تقديري أكبر فذلك لا يمثل مشكلة إذا أن الفوائض التي ستنتج ستمثل وفرة بالموازنة.
ويرى إبراهيم أن تخفيض الجنيه خلال الفترة القادمة سيكون أمر مستبعد حيث لم تتحمل الدولة التخفيضات التي أجراها هشام رامز وتم تعوض 20 قرش منذ قدوم المحافظ الجديد طارق عامر، مضيفاً أن تحريك سعر الصرف يتطلب توافر أهداف محددة.
وأكد أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي ستساعد بشكل كبير على توفير النقد الأجنبي وهو ما سيتم استشعاره مع الوقت نظراً لأن هناك بعض الإجراءات المطلوبة التي لم يبدأ البنك المركزي في التحرك بها حتى الآن، محدداً فترة 6 شهور تبدأ من الآن حتى يتجلى انفراج أزمة العملة.