لا أذكر متى استشهد المستشار هشام بركات، وقتها كنت خارج العاصمة وداخل البلاد لكني كنت مدرك أن النائب العام استشهد إذ لم أكن مع وزير الداخلية ولا أحد من رجالاته الذين تذكروا حين ضاق عليهم الخناق فاختاروا الإعلان عن القضية في وقت يناسبهم، قبضوا على المتهمين وهم الذين سافروا وذهبوا وعادوا والبلاد وحدودها في يد أمينة.
ومنذ أن استشهد النائب العام إلى أن تم تسمية ميدان رابعة باسمه، ووزير الداخلية يحاولوا إخباره بأن ثمة حدث جلل حدث، ومنذ أن تم تسمية الميدان باسم سيادة المستشار الجليل الراحل إلى أن أعلن وزير الداخلية عن القبض على الخلية التي تورطت في قتل المستشار الجليل، جرى على الأرض دم كثير وفير يكفي لإقالة عشر وزراء داخلية لكننا لأننا نبحث عن الاستقرار ففضلنا انتهاك حرمة المطار فأسقطوا الطائرة وكله في سبيل الاستقرار وإبقاء الوزير لأجل آخر.
وتبدو المسألة أكثر أهمية من القبض على قتلة الشهيد الصائم من أن نوجد للوزير منصب آخر يبقيه في أمان كما أوجدنا لسلفه منصب آخر مستشار رئيس الوزراء الأمني، وهو ما فعلناه للأسبق عندما عيناه مستشاراً أمنياً للرئيس السيسي الذي هو الآخر من خلفية أمنية عسكرية.
وفي مصر مستشارين أمنيين ووزير داخلية وعديد من مساعدي وزير الداخلية والعديد من أمناء الشرطة، وقتلة المستشار هشام بركات عاينوا منطقة الجريمة لعدة أسابيع وسافروا عدة مرات بعدد مساعدي الوزير ونفذوا عمليات، وسلم لي على الداخلية.
وتبقى الداخلية تواري الخارجية، ففي الوقت الذي يتدثر العالم كله بالخارجية فوق الداخلية، تجدنا نحن نوقف وزير الداخلية وحده فى المواجهة وهو يتهم جهة قل عصابة بدولة عربية خارجية في غياب من رجال وزارة الخارجية لأن الأهم في هذا البلد الآمن وزارة الداخلية والأمن والمتانة.
وتبدو بركات حماس في مقتل المستشار هشام بركات حينما انست الناس جرائم الداخلية وبعض رجالها، ووضعت في عيوننا حصوات ملح لأن الداخلية تقاوم إرهاب دولي وجماعة إرهابية منقلبة على السلطة الفلسطينية، ولعل وزير الداخلية يدعو لحماس وبركاتها في صحوه ومنامه لإنقاذها إياه من أن يصبح كبش فدا لأعمال متهورة من أمناء شرطة وضباط متعجرفين وترهل أمني أدى لمقتل النائب العام على أيدي متهمين اجتهدوا أكثر مما اجتهد الأمن المصري نفسه، وسلم لي على المستشارين الأمنيين ووزير الداخلية وطاقم المساعدين.
المختصر المفيد مصر دولة مدنية وليست دولة أمنية ولكن السبوبة خلتها لا تحصل تبقى مدنية ولا أمنية.