كتب : كارلوس أنيس
يرجع تاريخ تأسيس البحرية المصرية او القوات التى تدافع عن سواحل مصر بشكل عام إلى الحقبة الفرعونية القديمة وتطورت عبر الزمن والعصور وصولاً إلى العصر الحديث فى "عهد محمد" على الذى أسس ثانى اكبر أسطول فى العالم وقتها ، ومر الأسطول البحرى المصرى بمراحل هزيمة كثيرة لكنه استطاع فى كل مرة ان يبنى نفسه ويعود اقوى من ذى قبل ، وعلى هذا تعتبر القوات البحرية أقوى سلاح بحرية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتحتل المرتبة السابعة عالمياً من حيث عدد السفن ، كما تعتبر من أكبر وأعرق الأسلحة البحرية في العالم.
اهم المعارك والإنجازات التى خاضتها قواتنا المسلحة المصرية خلال تاريخها الحديث
حرب "دمياط" 1956م
العدوان الثلاثى على مصر فى 1956م خلف الكثير من قصص البطولة التى حفرت نفسها بقوة فى ذاكرة وقلوب المصريين ولعل قواتنا البحرية حاذت على جانب كبير من هذه البطولات ، وإذا كانت الفدائية بطولة وتضحية ، فالذكاء مع الفدائية عبقرية وشجاعة ، ويذكر لنا التاريخ إنه فى 1 نوفمبر 1956م تمكن قائد الفرقاطة "رشيد" الصاغ بحري "سعد عبد العزيز أبو الوفا" قرر أن يخطوة فى واحدة من اكثر التيكتيكات خطورة ومجازفة لكنها شديدة الذكاء ، فلما اشتد الحصار عليه من قبل البحرية البريطانية وسلاح الجو الإسرائيلي ، عمل على التسلل خلال مياه الأحمر من مينائه فى الوقت التى كانت فيه قوات البحرية البريطانية تغطى محيط ميناء شرم الشيخ استعداداً لقصفه والسيطرة عليه ، حيث نجح فى الفرار والوصول إلى ميناء "الواجهة" بالمملكة العربية السعودية.
وفى هذه الأثناء تصل خمس طائرات إسرائيلية في اليوم التالي لضرب الفرقاطة "رشيد" في مرساها المعتاد "بشرم الشيخ" وإغراقها ولما لم تجدها وكان مكانها المدمرة البريطانية كرين في مدخل نيرانها ظنتها الفرقاطة المصرية وأصابتها إصابات خطيرة بينما أسقطت المدمرة كرين إحدى الطائرات الإسرائيلية ،وهكذا ضرب بطلنا العصفورين بحجر.
الاستنزاف من الحفار إلى إيلات
البحرية المصرية و" إيلات"
تعتبر المدمرة إيلات من أشهر المدمرات فى تاريخ البحرية الإسرائيلية لكن لها باع طويل فى تاريخ الصراعات مع البحرية المصرية ، فقد حاولت أكثر من مرة فى أعقاب 1967م الدخول إلى المياه الإقليمية المصرية ولكن نجحت قواتنا المصرية فى الأخير ، بضرب المدمرة إيلات خلال محاولة لها للتحرش بالمياه الإقليمية لمصر عن طريق زورقين صواريخ فى يوم "21 اكتوبر 1967م " ونجحت فى إغراق المدمرة "إيلات" والمدمرة "يافو" وتم اختيار هذا اليوم كعيداً قومياً للبحرية المصرية.
الهجوم الأول
كما نجحت فى الضفادع البشرية فى اختراق ميناء إيلات مرتين فى عقر دار إسرائيل فى عملية تعد الأولى لمجموعة الضفادع البشرية والأولى فى الشرق الأوسط بأكمله ، فقد نجحت فى 15 نوفمبر 1969م فى تدمير السفنتين "هيدروما" و " داليا" ، كان الشهيد الوحيد في العملية الرقيب محمد فوزي البرقوقي الذي آثر استكمال الغطس وعدم الصعود للسطح ليستنشق الهواء حتى لا تنكشف العملية وتفشل، حيث قام زميله نبيل محمود عبد الوهاب بسحب جثته والسباحة بها لمسافة 14 كم في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البحرية في العالم، وضعاً صوب عينيه كرامة مصر وكرامة صديقه الشهيد الذى خشى من حالة نجاح القوات الإسرائيلية بالإمساك به أن يمثلوا بجثته أمام العالم مستعرضين كيف قاموا بقتله.
الهجوم الثانى
وفى 5 فبراير 1970م ، نجحت مخابرتنا المصرية فى رصد المدمرتين بيت شيفع" و"بيت يام" ، وبالتعاون مع المخابرات الأردنية ، نجحت قواتنا البحرية الخاصة فى إغراق "بيت يام" بلغم واحد ، ولكن لم تنجح فى إغراق " بيت شيفع" حيث تفادى الأسرائلين ما حدث مع المدمرة الأولى وأمروا بنقل "بيت شيفع إلى مياه ضحلة حتى لا تغرق ولكن نجح اللغمين فى إصابتها بتلفيات وخسائر فادحة.
الهجوم الثالث
للمرة الثانية لم تنجح قواتنا فى إغراق "بيت شيفع" وعلى هذا تسند المهمة للمرة الثالثة فى مايو 1970م إلى مجموعة من رجال الضفادع البشرية لإغراق "بيت شيفع" ، وينجح وحوش البحر فى الوصول إلى ميناء إيلات وتثبيت لغمين وتم ضبطهم للانفجار بعد 12 ساعة من وقت تثبيتهم حتى تكون "بيت شيفع" فى الميناء خلال لحظة التفجير ، ولكن اللغمين ينفجروا قبل موعدهم وقبل وصول "بيت شيفع" ، ولكن يصيب اللغمين القوات الإسرائيلية بخسائر كبيرة فقد تم تدمير رصيفها الحربى ، كما تم القضاء على عدد كبير من رجال البحرية الإسرائيلية.
حفار "كينتنج"
عملية الحفار تعد من ابرز انجازات قواتنا فى السلاح البحرى ، والجدير بالذكر أنه كان امر مباشراً من الرئيس جمال عبد الناصر ، ففى أثناء تفحصه للجرائد قرء خبر عن استئجار إسرائيل لحفار بترول للعمل بمنطقة خليج السويس فى محاولة من الصهاينة لإزلال مصر ، لكن "الناصر" يأمر بتفجير الحفار ، وبعد التكتيك والتخطيط تنجح الضفادع البشرية فى تفجير الحفار خارج الحدود المصرية فى 8 مارس 1970م خلال رسو الحفار بساحل العاج دون ترك اى اثر يفيد بأن مصر هى المسؤلة عن ذلك التفجير فى عملية تحسب لقواتنا البحرية ومخابرتنا المصرية العظيمة.
خلال حرب اكتوبر
نجحت القوات البحرية لمصرية فى السيطرة على السواحل الإقليمية طيلة فترة الحرب ، كما نجحت فى السيطرة على مضيق باب المندب ، اولذى يعد الطريق الرئيسى للملاحة البحرية لإسرائيل التى تأثرت بفعل الرقابة التى فرضتها مصر على المضيق وأصبح ميناء إيلات ذو قيمة لعد استطاعة اى سفن الوصول له مما أثر على الحركة الاقتصادية والإستراتيجية للعدو.
كما كان له دور فى عمليات الأنزال على سواحل سيناء الشمالية وضرب العديد من النقاط الإستراتيجية الخاصة بالعدو وتدمير حفاراً للبترول بمنطقة بلاعيم ، ونجحت فى حرمان قوات الاحتلال من اهم سلعة إستراتيجية وهى البترول ، والتى كانوا يستنفذوها من خلال خليج السويس المصرى ، ونجحت القوات البحرية في السيطرة على مسرح العمليات البحرية بامتداد 1600 كم على السواحل المصرية و400 كم على السواحل الإسرائيلية لتؤمن أجناب الجيش المصري الذي يخوض معركة التحرير في سيناء وتحيط به مساحات مائية هائلة من الشمال والجنوب.
بعد الحرب "البحرية" تباشر الحماية وباب المندب تحت النظر
فى تاريخنا الحديث اندلعت ثورة 25 يناير ، وكان للقوات البحرية عبأ كبير فى حماية النقاط الإستراتيجية والساحلية لمصر التى تبلغ طول سواحلها الى 2000 كم ، وحماية مجرى قناة السويس الملاحى والمنشآت البترولية من هاجمات إرهابية أو خلافه ، كما كان لها دور فى تأمين العمليات الأنتخابية الأخيرة ، وحماية الاستقرار الملاحى بمصر.
الأزمة اليمنية السعودية
فى أعقاب الأزمة التى اندلعت باليمن فى 2015 ومحاولة السيطرة الحوثية الإيرانية على اليمن ، قامت الدول العربية بالتحرك بقيادة السعودية حتى تحمى مصالحها فى المنطقة وقد شاركتها مصر خلال ما اطلقت عليه الممكلة السعودية اسم "عاصفة الحزم" ، حيث قامت مصر بتولي مهمة تأمين المرور الملاحي بالمضيق عن طريق 4 قطع بحرية منتشرة بمحيطه لمنع السيطرة الإيرانية أو الحوثية عليه ، وذلك لتحجيم دور إيران الداعم للحوثيين وتقليص قوتهم العسكرية التي تهدد الملاحة العالمية في مضيق باب المندب.
الاستعدادات مستمرة
يقوم سلاح البحرية المصرية بعملية تطوير مستمرة لآلياته وتكتيكاته وتسليحه ، عن طريق عقد المناورات المشتركة مع دول الجوار مثل السعودية وغيرها من الدول العربية ، ومع الحلفاء من روسيا وأمريكا بهدف نقل أحدث التكتيكات والمعدات الحربية إليها ، كما تعمل على تدعيم قواتها بأحدث الأسلحة والقطع البحرية الحديثة لمباشرة دورها الرائد فى حماية سواحل مصر.