الأقباط متحدون - لن ينتصر التخلف ونحن داخل السجن ولكن والسجن داخلنا
أخر تحديث ٠٤:٠١ | السبت ٢ ابريل ٢٠١٦ | ٢٤برمهات ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٨٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لن ينتصر التخلف ونحن داخل السجن ولكن والسجن داخلنا

خالد منتصر
خالد منتصر

أخطر تداعيات الحكم بحبس فاطمة ناعوت ثلاث سنوات ليس الزنزانة الخارجية إنما هى الزنزانة الداخلية، قضبان الزنزانة الخارجية تسجن الجسد إنما قضبان زنزانة الداخل تحبس الروح، غرض المحتسبين الجدد ليس إطلاقاً الحفاظ على قواعد الدين أو الذود عن قواعد الأخلاق، لكنه الحفاظ على مكاسب الدنيا وعائد البيزنس، إن سماسرة الدين من أصحاب بوتيكات الفتاوى بدأوا يكسبون المليارات ويسكنون القصور الفارهة ويركبون الهامر والفور باى فور، لذلك فقد فاقت شراستهم وتعدت كل الحدود، وصار فجر الخصومة دستورهم واغتيال الخصم والمخالف المعنوى قانونهم، الغرض الأساسى من الملاحقات ورفع الدعاوى وتقديم البلاغات وجرجرة المثقفين فى المحاكم والرقص على جثثهم فى الزنازين،

الغرض هو كما يقول العامة دبح القطة للمثقفين، إنه الترويع بعصا الدين وشعارات الشريعة وسيف الازدراء، الغرض جعل المثقف يتكلم بنصف لسان ويكتب بربع قلم، تضييق ثقوب الغربال الإبداعى، بحيث لا يمر إلا ما يرضى عنه الوهابيون، وبالطبع ما يرضى عنه هؤلاء دائماً خالى الدسم الإبداعى والفكرى والثقافى، لا طعم له ولا لون ولا رائحة، جاف كجفاف مشاعرهم، قاس كقلوبهم المتحجرة، متكلس كعقولهم الحجرية، هم يريدون ارتعاشك أيها المبدع حين تكتب أو ترسم، هم يحلمون بارتعاش أوتار حنجرتك حين تغنى ووهن ريشة جيتارك حين تعزف، وانكسار ريشتك حين تلون وترسم، يريدون زرع قضبان الزنزانة فى قلبك وأسوارها داخل جمجمتك وقشرة مخك، فتتحول نبضاتك العصبية إلى ألواح ثلج لتكون قمة إبداعك نظماً رتيباً كألفية بن مالك أو رسماً رديئاً كإعلانات موالد أقطابهم أو نغماً مملاً كتلاوة وهابييهم الكئيبة! أن تصبح درويشاً مثلهم أو خداماً لتخلفهم أو حامل أختام عفنهم الفكرى وإلا طردوك من جنتهم ولاحقوك بسيف التكفير حتى تتوقف عن التفكير،

احذروا زنازين الداخل التى ستنمو كمخالب السرطان بداخل وجدانكم، فتتصحر الروح ويجف مداد المشاعر وتصاب خلايا الإبداع لديكم بالشلل، هم يستطيعون جرجرتنا إلى زنازين السجون بمساعدة قانون جائر ودولة متواطئة ومؤسسات دينية محفزة ومشجعة ونخبة صامتة خرساء عاجزة ومثقف عنين لا يلقح إلا رحم «فيس بوك» وبويضة «تويتر»! زنزانة الداخل التى يبنيها ويشيدها المحتسبون الجدد داخل كل مبدع من خرسانة القمع وفولاذ الفاشية، تضيق جدرانها يوماً بعد يوم، وتجعل الطائر الحبيس صاحب أجنحة الإبداع بريشها الملون المزركش غير قادر على الطيران، حتى بعد فتح باب الزنزانة لن يطير، لأنه حينها سيظن أن الطيران جريمة، وأن التحليق ضرب من الجنون،

بل إن مجرد الارتفاع عن أرض الزنزانة الباردة المشققة الملوثة هو نوع من الحماقة وخيانة العشره! بالطبع سجن الجسد ولو ساعة هو عقوبة عبثية قاسية مروعة لأى مبدع، لكن الخسارة الحقيقية التى ستجعلنا نفقد روح التمرد وجسارة الإبداع هى سجن الروح والوجدان، هى فى زنزانة الداخل التى ستحملها معك كالوشم أينما ارتحلت، تسرى كهرباؤها السرية فى أوصالك فتصيبك بوسواس قهرى يخاف من كل كلمة ويفزع من أى إيماءة ويرتعش من التلميح ويرتعد من المجاز والخيال، هم سيحتفلون بالنصر ليس يوم وضعنا جميعاً داخل السجون ولكنه يوم أن نضع السجون داخلنا.
تقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع