كان من المقرر أن تكون نهاية عام 1996 بداية المفاوضات حول الحل النهائى للقضية الفلسطينية، إلا أن المبادئ الحاكمة لهذا الحل لم تكن واضحة، والمفاوضات ذاتها حول المسائل الحساسة مثل إمكان بزوغ دولة فلسطينية، وترسيم الحدود، ومصير ملايين من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فى الشتات لم تكن موضع توافق مع الإسرائيليين. أضف إلى ذلك القنابل الإرهابية التى تنفجر فى شوارع إسرائيل. ومن هنا كان السؤال المثار من قِبل حركات السلام الإسرائيلية يكمن فى كيفية مواجهة المقاومة الشرسة ضد عملية السلام، بل فى كيفية التعامل مع خطر كامن فى أى سلام ينعقد فى الشرق الأوسط، وهو يدور حول أنظمة تسلطية غير مستقرة ليس فى إمكانها المحافظة على أى اتفاقية للسلام. ومع ذلك فقد دللت مصر، وهى من دول الشرق الأوسط، على أن المحافظة على معاهدة السلام ممكنة، بالرغم من اغتيال الرئيس السادات. وكان هذا دليلاً قوياً لإسرائيل على أنها ليست فى حاجة إلى الانتظار حتى تتحقق الديمقراطية فى دول المنطقة. فكل ما هو مطلوب هو تدعيم شعبى للمعاهدات فى فلسطين وإسرائيل. ولكن على الفلسطينيين بعد ذلك تحديد طبيعة النظام الذى سيحكمهم. إلا أن المفارقة هنا تكمن فى ضرورة انخراط الإسرائيليين مع الفلسطينيين فى تحديد هوية ذلك النظام. ولكن على حركة السلام الآن ألا تضغط على الفلسطينيين فى هذه المسألة، لأن مثل هذا الضغط يجرح الشعور بالكبرياء، ولكن عليها تدعيم القوى الديمقراطية فى المجتمع الفلسطينى. ولكن عليها أيضا أن تجمد نشاطها فى نهاية المطاف وتستثمر طاقتها فى مواجهة التحديات الجديدة دون أن تُسقط شعارها القائل «لا للعنف ونعم للسلام»، والأمر بعد ذلك متروك للمؤرخين فى تقييم نضال حركة السلام الآن، الذى استغرق أكثر من ربع قرن. وقبل ذلك لم يكن لدى إسرائيل سوى قلة من الشجعان الذين كانوا ينادون بالسلام. أما حركة السلام الإسرائيلية الحقيقية فلم تبدأ إلا إثر انتهاء حرب الأيام الستة فى عام 1967، حيث يمكن مقايضة السلام بالأرض المحتلة. وكان حزب العمل هو القائد لإنجاز هذه المقايضة، وكان على قناعة بأن ذهاب الرئيس السادات إلى القدس أول دليل على أن السلام ممكن. ومن هنا وُلدت حركة السلام الآن. وواجهت حركة صعود وهبوط، إلا أنها لم تتوارَ عن المسرح السياسى، بل أنجزت ثلاثة انتصارات: