الأقباط متحدون - مهارة القبول
أخر تحديث ١٤:٤٠ | الثلاثاء ١٩ ابريل ٢٠١٦ | ١١برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

"مهارة القبول"

الانبا ارميا
الانبا ارميا

 "جلس حزينًا لا يعرِف الطريق إلى تحقيق أحلامه؛ فجميع الأمور لا تسير وَفق رغباته وآماله، ولم يعُد يدرى كيف يشق طريق الحياة! فلا شيء يتغير، فالبشر والمواقف والظروف، كل منها يبقى على حاله. ولم يجد سوى كلمتين تترددان وتصرخان فى فكره يشعر أنهما لا يهُزان وجدانه فقط بل الكون بأسره: "لا أمل"!! ثم أطرق برأسه فى صمت مُطبِق". واحد من أهم معوقات البشر فى رحلة الحياة أنهم يُريدون تغيير العالم من حولهم، وأن يسيروا وَفق رؤيتهم وآمالهم وأحلامهم حتى يتسنى لهم النجاح؛ إلا أن الأمور لا تستقيم هٰكذا، فبدلًا من سعيك نحو تغيير العالم، تعلَّم مهارة القَبول والارتفاع؛ يقولون: "لكى تنجح، فمن الضرورى أن تقبل العالم كما هو وترتفع فوقه".

أتوقف قليلًا عند معنى "تقبَّل العالم": فالقَبول هنا لا يعنى الاقتناع بمفاهيم العالم أو الحياة وَفقًا لها، وإنما يعنى "إدراك الواقع وفَهمه" والانطلاق من أرض الواقع ـ بكل ما تحمل من صعاب وأمور مرفوضة ـ إلى تحقيق الأمل المنشود أى "الارتفاع فوق الواقع" للوصول إلى تحقيق الآمال والأحلام. وهنا أود وضع بعض النقاط أمامك، قارئى العزيز:

• الانطلاق نحو النجاح وتحقيق ما تتمناه يبدأ من الواقع بإمكانياته، مهما كانت ضعيفة وقاصرة. إلا أنه يلزم الثقة والإيمان بالخير الذى تحمله وتسعى من أجله، مع إصرار وعزيمة لا يضعفان.

• لا تسعى لتغيير العالم من حولك، بل ابدأ أنت أولًا فى تغيير ذاتك إلى تلك الصورة التى تنشُدها وحينئذ تستطيع أن تؤثر فى الآخرين؛ يقول الكاتب الروائى الروسى "لِيُو تُولِستوى": "الكل يُريد تغيير العالم من حوله، لٰكن لا أحد يفكر فى تغيير نفسه". ابدأ بنفسك واعمَل فى صبر وستحقق ما تتمناه يومًا ما.

• إن أقوى طرق التغيير فى العالم والتأثير فيه يكمنان فى قوة القُدوة، والمحبة. فحين يكون الإنسان نفسه نموذجًا يُحتذى به، يرسُم الطريق والخَطوات التى تجعل الآخرين يتتبَّعونها برغبة صادقة، إذ يرَونها فى حياة معاشة وحقيقة تمارَس لا أقوال تتردد فقط.

أما المحبة فهى تلك الشمعة المضيئة التى تطرد ظلمة الحياة من أمام البشر فتجذبهم نحو تعديل حياتهم. إن قوة المحبة هى قوة التغيير التى تؤثر فى حياة الإنسان وأفكاره وسُلوكه، وكلما تقوَّت واتسعت، تغيَّر البشر بأكثر سهولة ويسر؛ لذٰلك، كُن قُدوةً، واحمل قلبًا يتسع للعالم بأسره. • لا تيأس فى طريق الحياة، وثِق أنك تحمل فى أعماقك قدرات وطاقات هائلة وضعها الله فيك لتستخدمها بحكمة فى النُّهوض عند التعثر والكَسر، وفى الانطلاق نحو أهدافك وما تتمناه من نجاح. يقولون : "الطريقة الشائعة لتخلِّى الناس عن قوتهم، هى اعتقادهم أنهم لا يملِكون أى قوة" !

ليكُن لك الثقة والإيمان فيما أُعطيتَ من مواهب لتعمل بها فتطبع آثارك فى طريق الحياة.

• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسيّ 

نقلا عن اليوم السابع

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع