الأقباط متحدون - سليم الأول..!!
أخر تحديث ١٣:٥٣ | الاربعاء ٢٠ ابريل ٢٠١٦ | ١٢برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

سليم الأول..!!

حلمي النمنم
حلمي النمنم

 العام القادم، يمر خمسمائة عام على الغزو والاحتلال العثمانى لمصر، ولا أظن أن هذه المناسبة يمكن أن تمر عابرة، لابد من التوقف عندها للبحث والدراسة، من المتخصصين والمعنين، سواء كانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية أو أقسام التاريخ بالجامعات وأقسام اللغات التركية، فضلاً عن مركز تاريخ مصر المعاصر بدار الكتب المصرية، ولجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، وكل من هو مهتم بتاريخ مصر وحاضرها ومستقبلها من أفراد أو جمعيات علمية وثقافية.

 
عندنا عشرات، بل مئات الباحثين، لديهم الأدوات العلمية والمنهجية، التى تمكنهم من تناول هذا الملف، أعرف أن هناك العشرات من الدراسات والأبحاث فى الجامعات المصرية، حبيسة أرفف المكتبات، ونحن لا نحتاج – فقط – نشرها، بل أن نواصل هذه الدراسات، فى مختلف المجالات والتخصصات.
 
بالتأكيد لن نحتفل بذكرى غزو واحتلال أجنبى لمصر، وأنا ممن يصرون على أنه كان غزواً واحتلالاً، رغم انتمائى إلى الجيل الذى تعلم فى المدارس وفى الكتب العامة أنه كان «فتحاً»، وهناك عنوان محفوظ لدى جيلى اسمه «الفتح العثمانى لمصر»، وهناك مدرسة من المؤرخين والباحثين توقفت وتمسكت بهذا العنوان، حتى إن بعضهم أطلق على احتلال نابليون لمصر سنة 1798«الفتح»، ونشرت كتب ومقالات استعملت هذا التعبير.
 
يهمنا دراسة غزو سليم الأول والجيش العثمانى لمصر، الآن، وبعد مرور خمسمائة عام على وقوعه لأسباب عديدة، منها أن «العثمانيين الجدد» عادوا يطلون علينا، بنفس عقلية وروح سليم الأول، وأذكر أننى سنة 1993 نبهت وحذرت من «العثمانيين الجدد»، واعتبر البعض وقتها ذلك التحذير نوعا من الإغراق فى التاريخ بأثقاله وابتعاده عن الحاضر والواقع، لكننا اليوم ومنذ سنوات نعانى من «العثمانيين الجدد» الذين يصرون على استعادة الماضى وجرنا إليه جراً، مهدرين نضالات طويلة لهذا الشعب فى التحرر من العثمانية والعثمانيين، واكتمل لنا ذلك بصدور تصريح 28 فبراير 1922، إثر ثورة الشعب المصرى العظيمة سنة 1919.
 
غزو «سليم الأول» يحمل الكثير من الدلالات والمعانى، لعل من أهمها، أن ما حققه سليم هو «إسقاط الدولة المصرية»، وذلك تحقق بوسائل عديدة، بدأت بالحرب النفسية والدينية، حيث استصدر فتوى من «مفتى الأنام» فى الأستانة بأن مصر «ديار كفر»، وجاء مصر غازياً، ورغم الضعف الاقتصادى الذى كانت عليه مصر، فإنه لم يتمكن من الانتصار إلا بالخيانة، حيث اشترى عدداً من كبار أعوان السلطان «قانصوه الغورى»، بأن منَّاهم بمواقع ومناصب حلموا بها، وحتى بعد دخول سليم القاهرة، قاومه السلطان العادل «طومان باى»، وبنفس المنطق أمكن سليم الأول التغلب عليه.
 
وبمجرد أن استتب له الأمر فى مصر، بشنق طومان باى على باب زويلة، قام بتخريب مصر، وذلك بأن عمل على تدمير القوى الناعمة، على النحو الذى سجله باقتدار المؤرخ المصرى العظيم ابن إياس، فقد ألقى القبض على كل الفنانين المهرة والصناع والمهنيين، وأرسلهم إلى الأستانة، وصارت مصر خالية منهم، ولم يقتصر على ذلك، فما أعجبه من مبان فاخرة، قام بتفكيك بعضها، حيث حمل الأعمدة الرخامية معه إلى الأستانة، عبر البحر.
 
بعد ذلك قام العثمانيون، بتعديل حدود مصر، بأن أدخلوا المنطقة من رفح وحتى العريش ضمن التقسيم الإدارى لغزة، وظل الحال على هذا النحو، حتى جاء محمد على، وقام بإعادة الحدود إلى الوضع التاريخى والدولى لمصر.
 
العثمانيون الجدد متواجدون الآن بكثرة خارج مصر وداخلها، يحملون أسماء ومسميات جديدة، وفى مواقع مختلفة، هدفهم واحد، هم يسعون إلى استعادة الغازى «سليم الأول»، بروحه وأفعاله..
 
الغريب أن واحداً من أهم شوارع القاهرة يحمل اسم «سليم الأول»، ولم يتم تغييره، رغم المطالبات المتكررة بالتغيير، فلا يليق أن نضع اسم من احتل مصر على شارع من شوارعها؛ ومن يدقق فى أسماء بعض الشوارع فى القاهرة والإسكندرية، سوف يكتشف أسماء غريبة على بعضها، أسماء لا يليق أن توضع، بينما هناك أسماء لوطنيين عظام لم يتم تكريمهم ولا ذكرهم إلى الآن.
 
ومن المهم أن نجلس لنتدارك ذلك كله، ونعيد دراسة تلك اللحظة الحزينة من تاريخ مصر، لقد سجلها راوئياً محمد سعيد العريان فى روايته «على باب زويلة»، ودونها بحثياً د. حسين فوزى فى كتابه «سندباد مصرى»، حدث ذلك إبان تألق روح الاستقلال لدى النخبة المصرية بعد ثورة 1919، وعلينا أن نواصل الطريق، خاصة فى ظل المخاطر التى تحيط بنا منذ ثورة 25 يناير– 30 يونيه.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع