الأقباط متحدون - التنمية والديمقراطية
أخر تحديث ٠٩:٥٣ | الأحد ١ مايو ٢٠١٦ | ٢٣برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩١٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التنمية والديمقراطية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

من بين أبرز الأسئلة المثارة فى مجال التنمية الشاملة السؤال الخاص بالعلاقة بين التنمية السياسية (الديمقراطية) والتنمية الاقتصادية، أيهما يقود إلى الآخر، هل إقامة نظام ديمقراطى حقيقى وإرساء قيم الحرية والعدل والمساواة وقاعدة المواطنة يقود إلى تحقيق التنمية الاقتصادية؟ أم أن تحقيق التنمية الاقتصادية بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسى سوف يقود لاحقاً إلى فرض الديمقراطية؟ القضية ليست محسومة وتجارب شعوب العالم تؤكد ذلك، فهناك دول فقيرة كانت تنتمى للعالم الثالث بنت نظماً ديمقراطية حقيقية، وتمكنت هذه النظم من خلال الالتزام بقيم العدل والحرية والمساواة وتبنى العدالة الاجتماعية وإقرار مبدأى الشفافية والمحاسبة من تحقيق معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة أخرجت الدولة من دائرة الفقر والتخلف وقفزت بها بعيداً عن العالم الثالث، ومثال على ذلك البرازيل والهند. تؤكد تجارب الشعوب أيضاً أن هناك دولاً كانت تخضع لنظم حكم غير ديمقراطية بالمرة، وتمكنت من تحقيق معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة أخرجت بلادها من حيز الفقر والتخلف وأدخلتها عالماً جديداً من الدول المتقدمة، وأن الحزم والانضباط والرؤية الوطنية التى يفرضها نظام الحكم نجحت فى تحقيق معدلات تنمية اقتصادية حقيقية سدت احتياجات المواطنين، وبعد إشباع الحاجات المادية الأساسية بدأ الطلب على الحرية والديمقراطية وقد كان، مثال على ذلك كوريا الجنوبية التى حققت معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة أخرجت كوريا الجنوبية من دوامة الفقر والتخلف ودائرة العالم الثالث إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً، ثم جاء الطلب على الحرية والديمقراطية من الشعب الكورى الجنوبى ليجبر النظام السياسى على التحول الديمقراطى ومن ثم باتت كوريا الجنوبية اليوم ضمن الدول الديمقراطية المتقدمة.
 

فى الوقت نفسه هناك تجارب كثيرة للغاية تفيد بأن غياب الديمقراطية وما يصاحبها من قيم إنسانية كالعدل والحرية والمساواة، وأيضاً انتشار الفساد عادة ما يقود إلى فشل اقتصادى وتدهور شامل ومثال على ذلك عديد من الدول العربية، لا سيما الجمهورية منها. أيضاً هناك تجارب شعوب تقول بأن بناء تجربة ديمقراطية لا يقود بالضرورة إلى تنمية اقتصادية شاملة، وإن ظلت الأمثلة محدودة للغاية.
 
خلاصة الأمر أنه لا توجد معادلة مستقرة لعلاقة التنمية الاقتصادية بالسياسية (الديمقراطية) فقد يحقق نظام غير ديمقراطى معدلات تنمية مرتفعة (الصين اليوم) وقد يفشل نظام ديمقراطى فى تحقيق التنمية الاقتصادية، لكن لدينا ترجيح يقول بأن النظام الديمقراطى أكثر قدرة على تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال إرساء قيم الحرية والعدالة والمساواة، واتباع قواعد الشفافية والمحاسبة، والفصل بين السلطات وتداول السلطة، ولدينا أيضاً من خبرات الشعوب ترجيح يقول بأن تحقيق نظام غير ديمقراطى لمعدلات مرتفعة من التنمية الاقتصادية ترتب مجموعة من النتائج. مثل ارتفاع معدلات التعليم، زيادة مساحة الطبقة الوسطى، على النحو الذى يزيد الطلب على الحرية والديمقراطية ويفرض الالتزام بحقوق الإنسان ومن ثم يبدأ التحول الديمقراطى.
 
السؤال هنا ما علاقة ما يحدث فى مصر اليوم بهذه الإشكالية المتمثلة فى علاقة التنمية بالديمقراطية؟ ذلك ما سوف نتناوله غداً إن شاء الله.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع