من بين أبرز الأسئلة المثارة فى مجال التنمية الشاملة السؤال الخاص بالعلاقة بين التنمية السياسية (الديمقراطية) والتنمية الاقتصادية، أيهما يقود إلى الآخر، هل إقامة نظام ديمقراطى حقيقى وإرساء قيم الحرية والعدل والمساواة وقاعدة المواطنة يقود إلى تحقيق التنمية الاقتصادية؟ أم أن تحقيق التنمية الاقتصادية بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسى سوف يقود لاحقاً إلى فرض الديمقراطية؟ القضية ليست محسومة وتجارب شعوب العالم تؤكد ذلك، فهناك دول فقيرة كانت تنتمى للعالم الثالث بنت نظماً ديمقراطية حقيقية، وتمكنت هذه النظم من خلال الالتزام بقيم العدل والحرية والمساواة وتبنى العدالة الاجتماعية وإقرار مبدأى الشفافية والمحاسبة من تحقيق معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة أخرجت الدولة من دائرة الفقر والتخلف وقفزت بها بعيداً عن العالم الثالث، ومثال على ذلك البرازيل والهند. تؤكد تجارب الشعوب أيضاً أن هناك دولاً كانت تخضع لنظم حكم غير ديمقراطية بالمرة، وتمكنت من تحقيق معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة أخرجت بلادها من حيز الفقر والتخلف وأدخلتها عالماً جديداً من الدول المتقدمة، وأن الحزم والانضباط والرؤية الوطنية التى يفرضها نظام الحكم نجحت فى تحقيق معدلات تنمية اقتصادية حقيقية سدت احتياجات المواطنين، وبعد إشباع الحاجات المادية الأساسية بدأ الطلب على الحرية والديمقراطية وقد كان، مثال على ذلك كوريا الجنوبية التى حققت معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة أخرجت كوريا الجنوبية من دوامة الفقر والتخلف ودائرة العالم الثالث إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً، ثم جاء الطلب على الحرية والديمقراطية من الشعب الكورى الجنوبى ليجبر النظام السياسى على التحول الديمقراطى ومن ثم باتت كوريا الجنوبية اليوم ضمن الدول الديمقراطية المتقدمة.