لا يكف ياسر برهامى عن الفتوى، ماكينة فتاوى متحركة، يفتى فينا آناء الليل وأطراف النهار، وفى كل فتوى يغمز فى جنب إخوتنا المسيحيين، وكأن بينه وبينهم «تار بايت»، يبتدرهم دوماً العداء، ويمعن فى إيذائهم، فصار لهم عدواً، ويزدريهم ودينهم وكنائسهم، وكأنه مكلف بهم من جهات تضمر لإخوتنا فى وطنهم شراً.
على موقع «أنا سلفى» يستقبل سؤالاً عجيباً نصه: «لى أقارب فى (كندا) حدث عندهم منذ فترة اعتداء من اليمين المتطرف على المسجد الخاص ببلدتهم، فحرقوه ودمروا محتوياته، فتضامنًا من أصحاب الأديان الأخرى دعوهم لأداء صلاة الجمعة داخل الكنيس اليهودى، وفئة أخرى ذهبت وصلت الجمعة داخل كنيسة للكاثوليك.. فهل يجوز للمسلم أن يصلى داخل معابد يُشرك بالله ويُعصى فيها؟».
ويكمل السائل: «ولماذا فى رأيك يا شيخ فعلوا ذلك معهم، بالرغم من أنهم يبطنون الكره والحقد للمسلمين، بل إن اليهود هم مَن يمولون فى الواقع حركات التطرف اليمينى فى تلك البلاد، ويروجون الكراهية للمسلمين فى وسائل إعلامهم؟ وبمَ تنصح المسلمين هناك تجاه هذا الأمر؟».
عجبا فتح المسيحيون الكنائس لصلاة الجمعة، ورحب اليهود بالمسلمين فى المعابد، فى لوحة تضامنية رائعة، وروح تسامحية سامية، وتجسيد على الأرض لمعنى إنسانية الأديان، نفسى أرى هذه الروح تسرى فى نفوس المصريين، ونضرب النموذج والمثال.
لا حول ولا قوة إلا بالله، تضامن أهل الديانات الأخرى مع المسلمين لم يَرُقْ لإمام السلفيين، وبدلاً من أن يثمّن هذه الروح الطيبة، ويقف منها موقف الشاكرين، ويحمد لهؤلاء حسن صنيعهم، يصعق السائل الذى هو من نفس طينة المجيب، يقول سامحه الله: «فلو صلوا الجمعة والجماعة فى بيت أحدهم لكان أفضل لهم، وتُكره الصلاة فى مكان فيه شعار الشرك، مع صحتها»!!.
لم يكتف برهامى بقطع الطريق على هذه الآية من آيات التضامن بين أصحاب الأديان السماوية، بل يصمها بالشرك، أى بالكفر، الكنيسة مشركة مثل المعبد عند برهامى، مكان فيه شعار الشرك، تُكره فيه الصلاة، على صحتها، ولو شاء لأبطلها، ولكنه محكوم بالسوابق الإسلامية، وجواز الصلاة فى الكنيس، الكنيسة مشركة، والصلاة مكروهة!
يهود ومسيحيو كندا بالضرورة لا يلزمهم أمثال برهامى الذى يصمهم بالكفر، ومسلمو كندا حتما ستعتريهم الدهشة المصحوبة بالفزع من هذا الذى يفتى فى شؤونهم فى بلادهم التى تقاوم العنصرية والتطرف والاجتراء على دور العبادة، عجبا لهذا الذى يفتى بما لا يعلم من شؤون هذه البلاد البعيدة، ويُشيع بينهم هذه الأفكار الغريبة، عن الشرك والمشركين، وهم لا يتعاطون مثل هذه الفتاوى الشاذة.
برهامى بعد أن بارت بضاعته فى مصر، وكُشِفَ عنه غطاؤه، وبرز كارهاً لإخوتنا فى الوطن، ويحاكَم بتهمة ازدراء الأديان، يصدّر فتاواه إلى كندا، يصدر إليهم فتاوى متفجرة، هذا الرجل تخصص تفخيخ مجتمعات، لا يرتاح على جنبه إلا وأثار فتنة مجتمعية، ينام قرير العين بعد أن ينكد على المسيحيين، ما الذى بين هذا الرجل والمسيحية كدين، وإخوتنا كمسيحيين، حد داس لهذا الرجل على طرف، هذا الرجل لا يرحم هذا الوطن، يعمد إلى بذر بذور الفتنة الطائفية ويسقيها بسيل من الفتاوى السامة.
لا أناقشه على أرضية إسلامية، الله أعلم، ولكن على أرضية وطنية، ما الذى يضيرك أن تكون العلاقة بين المسلمين والمسيحيين كأسرة واحدة، طعام وشراب وأخوة وجيرة وغوث وسلام ووئام، ما الذى يزعجك أن يتجاور المسجد بالكنيسة بالمعبد، المنارة مقابل المئذنة منيرتان، الأذان مع أجراس الكنائس تنبه الغافلين، لماذا تصم أذنيك أجراس الكنائس، لماذا تقف منهم هذا الموقف العدائى، اللدد فى الخصومة والعياذ بالله، قال عز من قائل: «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً للّذِينَ آمَنُوا الّذينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى..» صدق الله العظيم.
نقلا عن الوطن