بقلم : مراد وهبة | الاثنين ١٦ مايو ٢٠١٦ -
١٠:
١٠ م +02:00 EET
مراد وهبة
إثر عودة جماعة كوبنهاجن إلى القاهرة صدر بيان وقّعه 250 من المثقفين من مصر وفلسطين والأردن ولبنان استنكروا فيه «إعلان كوبنهاجن»، ثم عقدوا مؤتمراً فى القاهرة وأعلنوا فيه تأسيس «جمعية مناهضة التطبيع». وفى هذا السياق أصدروا بيانهم فى عبارات سياسية تقليدية فيما عدا الخاتمة التى جاءت على النحو الآتى:
«إذ يستنكر الموقعون أدناه لقاء كوبنهاجن والبيان الصادر عنه وكل نشاط يترتب عليه فإنهم يهيبون بعموم المثقفين والكُتاب والفنانين العرب والنقابات والأحزاب والهيئات أن تعلن موقفها الواضح والحاسم حتى لا يدَّعى أفراد معدودون حق تمثيل الإرادة الشعبية والتعبير عنها، وأن يصونوا حقهم فى العمل المشترك كمثقفين وطنيين تتراص صفوفهم فى جبهة صاعدة تعبّر عن تحالف أصيل فى مواجهة العدوان على مصالح الأمة العربية ومستقبلها».
وتعليقى على هذه الخاتمة يأتى على هيئة سؤال وجواب:
- مَنْ مِن المشاركين فى حوار لويزيانا بكوبنهاجن ادعى أنه ممثل للإرادة الشعبية؟
- لا أحد.
- مَنْ الذى له الحق فى فرض وصاية على المثقف فى أن يلتزم بما يلتزم به مثقف آخر؟
- لا أحد.
- مَنْ الذى له الحق فى وصف مثقف بأنه وطنى؟
- لا أحد.
- من البيّن أن الإجابات كلها بالسلب.
والسؤال إذن:
ماذا تعنى الإجابات لو كانت إيجابية؟
تعنى أن ثمة إجماعاً ثقافياً هلامياً يتهم الخارج عليه بأنه خائن. وهذا النوع من الإجماع يذكرِّنى بما حدث فى القرن الثانى عشر عندما تم إجماع دينى على إدانة ابن رشد بالكفر والإلحاد بسبب دعوته إلى تأويل دينى للنص القرآنى استناداً إلى إعمال العقل. واللافت للانتباه أنه بعد هذه الإدانة دخل العالم الإسلامى فى عصور وسطى مظلمة. فهل هذا الرد على «إعلان كوبنهاجن» يُدخله مرة أخرى فى عصور وسطى جديدة؟
أغلب الظن أنه كذلك، بل هو بالفعل كذلك. ولا أدل على ذلك من وسائل الإعلام الورقية والسمعية والفضائية التى لم تتوقف عن تخوين جماعة كوبنهاجن، وعن الدعوة لعزلهم من المجال الثقافى حتى لا يتلوث. وقد استجابت لهذه الدعوة جميع النقابات وفى مقدمتها نقابة الصحفيين. ومن هنا نشأت إدانة «التطبيع الثقافى». وهى إدانة تدخل فى تناقض حاد مع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى أبرمت فى 26 مارس 1979 والتى تنص على تكوين علاقات «طبيعية» فى جميع المجالات بين البلدين.
ومع ذلك كله فقد أصرّت جماعة كوبنهاجن على مواصلة السير فى عملية السلام، فأقدمت على زيارة إسرائيل فى يوم السبت 22 /3 /1997 إيماناً منها بأن الاتصال بين الشعوب له أهمية حيوية من أجل إقامة السلام فى المنطقة. وإثر هبوط الجماعة فى مطار بن جوريون اتجهت بالسيارات إلى حى هارخوما بجبل أبوغنيم بالقدس الشرقية حيث كان اللقاء مع إسرائيليين من «حركة السلام الآن». وبعد نصف ساعة من التحرك من المطار أذاع راديو إسرائيل أن قنبلة ألقاها شاب فلسطينى انتحارى من حماس على مقهى فقتلت ثلاث فتيات وجُرح ثمانية وثلاثون. وهنا دار فى ذهنى سؤال: هل القنبلة ترمز إلى رفض التطبيع؟ وفى اليوم التالى نشرت جريدة «جيروزالم بوست» محادثة تليفونية بين نتنياهو وعرفات لإعادة القادة الإرهابيين إلى السجن. وقد استجاب عرفات لهذا المطلب تعبيراً عن مواساته.
وفى ٢٣/٣/ 1997 صدر بيان مشترك من «حركة السلام الآن» وبيت الشرق الفلسطينى وجماعة كوبنهاجن.
والسؤال إذن:
ما هى النقاط الأساسية فى ذلك البيان؟
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع