الأقباط متحدون - مبادرة تليق بالأزهر
أخر تحديث ١٠:٢٥ | الاثنين ٢٣ مايو ٢٠١٦ | ١٥بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٣٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مبادرة تليق بالأزهر

د. محمود خليل
د. محمود خليل

شعور طيب من الشيخ «الطيب»، شيخ الأزهر الشريف، نحو الطالب «أسامة» صاحب عبارة «ماتت أمى ومات معها كل شىء»، فقد قرر الشيخ كفالة الطالب حتى إتمام دراسته الجامعية، تشارك معه فى ذلك أيضاً محافظ شمال سيناء اللواء عبدالفتاح حرحور الذى التقى «أسامة» ومنحه شهادة تقدير، ومبلغاً مالياً، وعدة جوائز عينية، ووعده برحلة لزيارة معالم القاهرة. هذه مشاعر طيبة أستطيع أن أتفهمها، فقد تعاطف المسئولان مع حكاية الطفل، وربما تعاطف بعد ذلك آخرون، وقد تهرول المزيد من وسائل الإعلام وراء «أسامة»، كى تجرى معه حوارات، لكننى أسأل: هل ما يحدث يصب فى صالح الطفل المكافح؟. قد تستغرب إذا أجبتك قائلاً: لا!.

وجهة نظرى أن كل ما يحدث يضر بتلك الحالة الإنسانية المعبرة عن طفل أنبته تحدى فقد الأم وعجز الأب عن العمل، وولّد لديه إحساساً عميقاً بالحياة وبالأحياء، كما حكيت لك بالأمس، كان أول شىء فعله الطفل بعد التكريم أن طلب التقاط صورة «سيلفى» مع اللواء «حرحور»، وعندما سأله المحافظ: أين الموبايل الذى ستلتقط به الصورة؟ أجابه أسامة بأنه لا يملك «موبايل»، فاستعار أحد الموبايلات من الحاضرين والتقط الصورة معه، وربما يكون المحافظ قد أشفق على «أسامة» أكثر فمنحه «موبايل» هدية، أو ربما اشتراه «أسامة» فيما بعد بالمكافأة التى حصل عليها.

يكفى لكى تدرك الخطر الذى دخل فيه أسامة بمجرد التكريم أن تتابع تعامل الأطفال مع الموبايلات، وكيف لا يتركون هذا الجهاز من أيديهم، ويقضون أمامه الساعات الطوال التى تهدر طفولتهم، وتضر بهم عقلياً ونفسياً وجسدياً أشد الضرر، كما أكدت العديد من الدراسات. لن يستفيد «أسامة» من الموبايل شيئاً، ولن يستفيد من اللمعان المؤقت ثم الانطفاء شيئاً، ولن يستفيد من انصرافه عن حياته البسيطة المتحدية شيئاً، بل ربما أدت هذه الأمور إلى الإضرار به وبمستقبله. لست أقصد من هذا الكلام بالطبع اتهام أى من الأزهر أو محافظ شمال سيناء بالإضرار بالطفل، لكننى فقط أريد أن أنبه إلى أن الإنسان الذى يترك للتعامل مع ظروفه ومعطياته، قد يكون أوفر حظاً من الإنسان الذى تمتد إليه يد الشفقة فتفقده القدرة على التحدى.

أتصور أن بإمكان الشيخ «الطيب» واللواء «حرحور» القيام بما هو أفضل وأكثر إيجابية. من الممكن أن يتبنى الأزهر فكرة إنشاء صندوق رعاية للحالات الشبيهة بأسامة والتى تضطرها ظروف الحياة إلى النزول إلى العمل من أجل رعاية أسرهم، تتعاون معه فيه كل المحافظات، وعلى رأسها محافظة شمال سيناء. ذلك أجدى وأنفع، فإذا كان التعاطف مع حالة فردية جميلاً، فالأجمل منه أن يبادر المسئولون المتعاطفون إلى حل أزمات كل الحالات الشبيهة، والمساهمة فى التخفيف عنها، دون صخب لا فائدة منه، ويكاد يكون ضرره أكثر من نفعه. تبنى هذه المبادرة هو ما يليق بالأزهر الشريف، وما يتناغم أيضاً مع تعاطف محافظ شمال سيناء مع «أسامة» الذى يجب أن يعود إلى حياته المكافحة التى لا أشك فى أنها ستثمر نجاحاً مبهراً.. وكله بإذنه.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع