الأقباط متحدون - البابا مريض..
أخر تحديث ١٠:١٧ | الاثنين ٣٠ مايو ٢٠١٦ | ٢٢بشنس ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٤٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

البابا مريض..

حمدي رزق
حمدي رزق

أقل واجب، أجرى البابا تواضروس الثانى، الجمعة، اتصالاً هاتفياً مع سيدة المنيا المكلومة، وطيّب خاطرها، ونقل عن قداسته: «ما حدث لها كان موقفاً مشيناً ومؤلماً للغاية، لكن أنا واثق أن الله يمرر كل شىء بهدوء وسلام».

اتصال البابا بالسيدة سعاد، سبقه بيان كنسى معتبر، صدر من الكاتدرائية المرقسية فى العباسية، لم يعوضا غيبة البابا بشخصه عن المشهد الحزين، نفر من شباب الأقباط تساءل عن غيبة البابا، وطالب بعضهم قداسته بقطع رحلته والعودة فوراً إلى القاهرة، وصار فى الأفق حديث خبيث يلمس علاقة البابا بالشعب، ما قطعه اتصال البابا بالسيدة سعاد.

الشديد القوى هو ما منع عودة البابا إلى مصر فى هذا الظرف الدقيق، البابا فى رحلته العلاجية السنوية فى النمسا حيث يعالج من آلام فى فقرات الظهر داهمته منذ أن كان مساعداً للأنبا باخوميس، تقريبا نفس الآلام التى عانى منها قداسة البابا الراحل شنودة الثالث لسنوات طويلة، وثقلت عليه فى أواخر أيامه قبل أن يداهمه الفشل الكلوى.

البابا عنده ديسك، ولولا المرض الذى يثقل عليه ويستند منه إلى عصاه بكلتا يديه فى عظات الأربعاء الطويلة، لكان بابا الأقباط فى طريقه إلى المنيا يغطى بمحبته هذه السيدة التى تعرت من قبل عقورين لا يرعوون لدين ولا لقيمة أخلاقية.

بعيدا عن المنيا، وقريبا منها، تبقى الحالة الصحية للبابا سراً حتى على أبنائه من أقباط هذا الوطن، وكأنها سر من أسرار الكنيسة، محاطاً بالكتمان، مخفوراً بصمت الآباء الكهنة، ولولا تساؤلات خبيثة حلّقت من حول رأس البابا، ما خرج الأنبا موسى أسقف الشباب عن صمته ليقطع الطريق على الصائدين فى المياه العكرة، ويصرح بأنها لم تكن رحلة رعوية، تفقدية، لكنها رحلة علاجية.

البابا مريض.. كل هذا التكتم يثير الفضول، ماذا ألم به فجأة، عندما يكون هناك من يصيد فى المياه بين البابا وشعبه، لماذا لا تتمتع الكنيسة بالإفصاح المطلوب، لماذا تتكتم الأمر، لماذا لا تصلى علانية ومعها الشعب لشفاء البابا وعودته سالماً معافى؟..

أيام مرت ورحلات سبقت، والناس تضرب أخماساً فى أسداس، أين البابا مما يجرى، ولماذا تكثر رحلاته الخارجية؟.. بعضهم تساءل متعجباً المنيا أقرب من النمسا، لماذا لم يغبر قدميه إلى هناك مُقبلاً رأس هذه السيدة الطيبة، ويمدون اللسان طويلا، كل هذه الرحلات الخارجية، لماذا يفضل الرحلات الرعوية فى الخارج ولا يفعلها فى الداخل، فليرتحل داخل مصر أولا؟!..

يقينا لو كان معلوماً سبب سفر البابا، وعلّته، وسبب رحلته، شفاه الله وعافاه، لما طالت الألسنة، ليكن معلوماً أن الشعب المصرى وفى القلب منه شعب الكنيسة تغير، عينيه فتحت عن آخرها، فى حاجة دوما إلى معلومات وتوضيحات وبيانات، الشعب المصرى صار فاهماً وواعياً ومقدراً، غادر بالكلية مربع الصمت، ولن يرتد إليه ثانياً، لن يدخل الجُب!

الشعب الذى سجن رئيسين خرج من سجن نفسه، صار حراً فى وطن حر، ويجب على المؤسسات السياسية والدينية التحلى بالإفصاح المطلوب، ودّعنا مرحلة «صحته زى الفل»، لا ينتقص أبداً من كفاءة ولياقة وأهلية المسؤول أن يمرض، أليس بشراً، يأكل ويشرب وينام ويمرض أيضا، إلى متى سيظل مرض الكبير سراً، ومرض البابا سراً من الأسرار!

كان مطلوبا ولايزال من الكاتدرائية إصدار بيان يحدد علة البابا، وخطورتها، ولماذا النمسا، ولماذا لم يعالج فى مصر، أعتقد: بيان أقيم، ويمتن علاقة الكاتدرائية بالشعب، ويضع البابا فى قلب الشعب، يضع المسؤول فى قلب الشعب، يقربه من الشعب، الحالة الصحية للبابا لا تهم المسيحيين فحسب بل تهم الشعب المصرى، ليس بابا المسيحيين ولكن بابا المصريين، وإن لم يتحصل بعد على لقب بابا العرب الذى حازه الراحل الكبير البابا شنودة الثالث عن جدارة وطنية وباستحقاق.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع