الأقباط متحدون - أوجاع الأطفال في مستشفى 57357
أخر تحديث ٠٥:٥٩ | الاربعاء ٢٩ يونيو ٢٠١٦ | ٢٢ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٧٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

أوجاع الأطفال في مستشفى 57357

أوجاع الأطفال في مستشفى 57357
أوجاع الأطفال في مستشفى 57357

 من أهم الصروح الطبية التي نجحت جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان في تشيدها بجهود ذاتية في وقت غابت فيه الدولة عن تقديم الرعاية الصحية لمواطنيها على مدار عقود طويلة، وبقدر نجاح مؤسسة 57357 في تشيد المستشفى الأول في مصر لعلاج الأطفال الذين يُعانون من وجع الأورام قبل أكثر من عشر سنوات إلا أنها فشلت في تقديم خدمة طبية توازي المستشفيات الدولية بالخارج والتي تخصصت في علاج ذات المرض.

نقلت مستشفى 57357 تجربة العلاج وفق أحداث التجارب والأبحاث التي أجريت في معامل ومستشفيات بالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي تهتم باكتشاف كل جديد لهذا المرض، واعتمد القائمون عليها على نظام تشغيل قريب الشبة من هذه المستشفيات في الدول المتقدمة طبيًا، ولكنها فشلت في ذات الوقت في تقديم خدمة علاجية وصحية مصاحبة للطفل المريض على مدار شهور العلاج وسنينه الطويلة، هي في حقيقة الأمر لا تقل في الأهمية من العلاج ذاته.

يتم تقديم العلاج للأطفال في مستشفى 57357 وفق بروتوكولات علاجية ثبت أنها الأقرب لشفاء الأطفال المصابين وفق تجارب طبية لمراكز بحث علمي تفوق فيها أطباء الخارج فنقلناها ولم ننجح في التعامل بها، ولم يبق أمام مستشفى 57357 غير تقديم الخدمة الطبيبة وما يُصاحبها من مضاعفات، وهذا مربط الفرس الحقيقي في ضعف نسب الشفاء في المستشفى مقارنة بغيرها في الخارج رغم عمر المستشفى الطويل، وهو ما يجعل البعض يهرب بمريضه للعلاج في أرقى المستشفيات الدولية أو يسعى لتقديم خدمة تُبلي رغباته بمقابل في المستشفيات الخاصة للقادرين.
 
مستشفى 57357 من أهم الصروح الطبية في مصر والشرق الأوسط، تفوقت في مبناها ولكنها مازالت متواضعة في معناها حتى أصبحت مُصدرًا للآلام والوجع للمئات من الأطفال إزاء التشخيص المتأخر لبعض الحالات أو الإهمال المتعمد وغير المتعمد للطاقم الطبي، فليس كل أنين لطفل داخل المستشفى بسبب المرض، فقد يكون الإهمال جزءًا من الوجع سواء في الكشف ومرحلة المعاناة في العيادات الخارجية والتي تبدأ فجر يوم الكشف على الطفل ولا تنتهي إلا مع غياب شمس نفس اليوم وقد يستلزم طبيعة الكشف وإجراء بعض التحليلات صيام الطفل فيختلط صراخ الأطفال الصغيرة وجعًا وألمًا بحرمانها من الطعام فترة قد تمتد أكثر من ثماني ساعات وقد تصل لعشر ساعات، فبدلًا من تنظيم رحلة الكشف واختصار وجع المرضى تزداد الآلام بإهمال يزيد من المعاناة والوجع، والأكثر وجعًا وألمًا أن يستبيح الآخر عذرًا لنفسه غير مبال بهذه الآلام مدعيًا أن السبب الحقيقي كثرة الحالات المرضية التي تتردد على المستشفى، والحقيقة أن سبب الوجع عدم وجود عقول قادرة على الإبداع والعطاء وغير ناجزة في اختصار الألم، فباتت تحفظ وتكرر دون وجود نية لتخفيف الوجع والألم. 
 
المعاناة الحقيقية لأطفال 57357 ليست في رحلة العلاج الطويلة وليست في معاناة قد تستلزم حكمة وبصيرة لاختصار الوجع من قبل القائمين على تقديم هذه الخدمة، وإنما في التشخيص الخاطئ أو المتأخر لبعض الحالات فتزداد المعاناة وقد يزداد الألم عندما تجد من يقدمون لك الخدمة يقاروننها بأحط المستشفيات الحكومية، فعقد المقارنة بالمعهد القومي للأورام يدفعك دفعًا للرضي بالأمر الواقع ويكفيك أن تحمد الله أنك نجحت في أن تطأ قدميك أرض 57357 بأنينك الداخلي والذي يزداد بفهم الآخرين الخاطئ لأدوارهم.
 
إذا أردت زيارة المنتجع الطبي الأول في مصر لعلاج سرطان الأطفال فأول ما تراه عينيك رجل الأمن ممسكًا بسيجارته فحظك التعيس إذا كان بصحبتك مريض فقد يستنشق الهواء غير النقي داخل المشفى الطبي العريق بأصالته، وقد تصطدم بطريقته في الاعتراض على دخولك المستشفى، فأغلب العاملون في أمن المستشفى قد تقمصوا شخصية رجل الأمن فتخيل بعضهم أنه يعمل داخل قسم شرطة وليس مستشفى لعلاج الأطفال، ويزداد الأمر سوءً لو كان رجل الأمن من سكان حي السيدة زينب التي تقع المستشفى في نطاقها الجغرافي، وأغلبهم من سكان هذا الحي، فسوف تختلط الأخلاق بالطريقة الخاطئة وبتقمص شخصية ضابط المباحث التي يعيش البعض بداخلها، فلن ترى عينيك أسوأ من ذلك.
 
ينقسم رواد المستشفى بين زائر لا يرى إلا مبنى متميز في تصميمه وفق أحدث الصيحات، وقد يمر الزائر على الأقسام المختلفة للمستشفى ويطلع على برامج تعمل عليها هذه الأقسام لا تقل تميزًا، بل تتفوق على كل المستشفيات الأخرى بما لها من رؤية وطموح وإمكانيات سُخرت لعمل هذه الأقسام.
 
ولكن إذا كنت مقيمًا في المستشفى لظروف العلاج التي يخضع لها نجلك أو ابنتك أو كنت طالبًا للخدمة بين الوقت والآخر، فسوف ترى وجهًا مختلفًا لنظم التشغيل العالمية من خلال مصريين يعملون على هذه النظم لا يقلون بيروقراطية وفسادًا وفق منظومة مصرية ترى أن قطع العيش من المحرمات بينما لا ترى مانعًا من ألم طفل بسبب هذه المنظومة، فيتهدم الصرح الطبي أمامك كما تتهدم الخلية التي تعاني انكسارًا أمام المرض اللعين.
 
قد يحالفك الحظ للتعامل مع أقسام مختلفة داخل المستشفى فتظهر لك عورات وأحشاء الصرح الطبي الكبير، غير أن ذلك لا يمنعك من الإشادة بعمل قسم المتطوعين داخل المستشفى، أولئك الذين يعملون من وراء الكواليس وبدون مقابل مادي بغية الإيمان برسالة إنسانية أقسم فيها هؤلاء الشباب بتخفيف معاناة الأطفال وأوجاعهم لا بتصدير هذه الآلام، وللحديث بقية. 
نقلا عن البوبة نيوز

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع