بقلم : د.عبدالخالق Øسين
هذا المقال هو تكملة لمقالنا السابق الموسوم: (عواقب خروج بريطانيا من الإتØاد الأوربي).
من المعرو٠أن من يستخدم الكذب والخديعة ÙÙŠ السياسة أو ÙÙŠ أي مجال آخر، قد ÙŠØقق غاياته على المدى القصير، ولكنه على المدى البعيد لا بد وأن ÙŠÙشل، وتنكش٠أØابيله الشطانية، ويدÙع الثمن باهظاً. هذا ما أكده التاريخ ÙÙŠ جميع الصراعات بين معسكري، الخير والشر. ولكن من يتابع ما Øصل ÙÙŠ بريطانيا اثناء وبعد استÙتاء الخروج من الاتØاد الأوربي، وما اتبعه قادة الخروج من وسائل الخداع والتضليل، ورغم ما تØقق لهم من النصر Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø®Ø±ÙˆØ¬ØŒ يرى أن المنتصرين سرعان ما Ùقدوا متعة انتصارهم، ÙˆØلت عندهم الØيرة والأسى، بل وخلال أيام قليلة تØول نصرهم إلى هزيمة وانتØار سياسي.
لقد اعتمد قادة Øملة خروج بريطانيا (Brexit) من الاتØاد الأوربي، على الخديعة والكذب لتضليل شعبهم، Ùقد ضخموا تكالي٠البقاء وأخÙوا المناÙع الكثيرة منه، وكالوا للشعب الوعود المعسولة الزائÙØ© بÙوائد الخروج الوهمية.
إن أنشط وأهم قادة Øملة الخروج، هما بورس جونسن (عمدة لندن السابق)ØŒ Ùˆ زميله مايكل غو٠Michael Gove (وزير العدل الØالي)ØŒ ودون التقليل من دور نايجل Ùاراج، زعيم Øزب المملكة المتØدة المستقلة (UKIP)ØŒ ولكن الأخير رقم ثقله ÙÙŠ الاعلام المضلل، إلا إنه لا وزن له ÙÙŠ البرلمان البريطاني.
وأخيراً كشÙت الأيام Øقيقة هذين الشخصين (جونسن وغوÙ)ØŒ ونواياهما من Øملتهما بØماس، إذ تبين أن كل منهما كان يستخدم الآخر لتØقيق طموØاته الشخصية، أن ÙŠØÙ„ Ù…ØÙ„ ديÙيد كاميرون ÙÙŠ زعامة Øزب المØاÙظين ورئاسة الØكومة، ولكن بذريعة "تØرير" بريطانيا من سلطة بروكسل، أي (الاتØاد الأوربي). Ùادعوا أن ما تدÙعه بريطانيا 350 مليون جنيه أسبوعياً كثمن بقائها ÙÙŠ الاتØاد الأوربي، وإذا ما تØقق الخروج Ùسو٠يوÙرون هذه المبالغ ويخصصونها لتØسين الخدمات الصØية التي هي درة النظام البريطاني. ولكن ما أن تØقق لهم الخروج Øتى وتنكروا لهذا الوعد، وقالوا أن الناس أساءوا Ùهم ما أعلناه ÙÙŠ Øملتنا الدعائية. ولكن الدعاية كانت واضØØ© لا تقبل التأويل، وهذا هو رابط البوستر:
https://twitter.com/graysmith100/status/740795457379684353/photo/1
أما عن الهجرة، Ùهي الأخرى تنصلوا عنها، أو إعطاء أي تعهد بإيقاÙها، أو Øتى بتخÙيضها. وكانوا قد كذبوا على الشعب البريطاني أنهم إذا ما خرجوا من الاتØاد Ùسيتمكنون من الاستÙادة من مناÙعه ودون أن يتØملوا التكاليÙ. ولكن كانت صدمة بالغة لهم Øين أكد رؤساء الاتØاد أن المناÙع مرتبطة بØرية تنقل شعوب الاتØاد والأموال بين دول الأعضاء، وليس هناك أي مجال انتقائي ÙÙŠ كسب المناÙع وتجنب التكاليÙ.
المهم، لقد تبين أن الثنائي، بورس جونسن ومايكل غوÙØŒ كان كل منهما قد استخدم الآخر لطموØاته الشخصية ÙÙŠ زعامة الØزب ورئاسة الØكومة. إذ كان جونسن هو الأوÙر Øظاً ÙÙŠ الÙوز بالمنصب، أما غوÙØŒ ÙØتى قبل أيام كان يصرّÙØ Ø¹Ù„Ù‰ الدوام أنه لم ينوي مطلقاً لمنصب زعامة الØزب Ùˆ الØكومة، وأن Ø£ØµÙ„Ø Ø´Ø®Øµ لهذا المنصب هو جونسن، وأنه يدعمه ÙÙŠ Øملته إلى النهاية. ولكن قبل ساعات من انتهاء موعد تقديم الترشيØات، أعلن بورس جونس عن انسØابه من السباق، وأعلن مايكل غو٠عن ØªØ±Ø´ÙŠØ Ù†Ùسه، وأنه سØب دعمه لجونسن... لأن الأخير ØŒ Øسب زعم غوÙØŒ غير قادر على جمع شمل الØزب بعد أن Ùرقه بسبب اللغة العنيÙØ© التي استخدمها ÙÙŠ Øملة الاستÙتاء.
ÙÙŠ الØقيقة، وكما ØµØ±Ø Ø¹Ø¯Ø¯ من زملائهما من النواب المØاÙظين، أن مايكل غو٠كان قد وضع نصب عينيه زعامة الØزب ورئاسة الØكومة منذ أشهر، وأخÙÙ‰ نيته هذه عن زميله جونسون Øتى الساعات الأخيرة. أما دعمه لجونسن Ùكان لأغراض تكتيكية واستخدام إمكانياته الخطابية والدعائية للإستÙتاء، ومن ثم يتخلص منه بذريعة عدم قدرته على لم الشمل. ولذلك Ùقد كش٠غو٠عن انتهازيته، وخسر مصداقيته ومكانته ÙÙŠ الØزب، وثقة زملائه به. أما جونسون Ùكما قال عنه مايكل هسلتاين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، أنه، بعد أن ألØÙ‚ كل هذه الأضرار بالØزب Ùˆ الشعب، تخلى عن ØªØ±Ø´ÙŠØ Ù†Ùسه ليواجه تبعات عمله، وشبَّهه بالجنرال الذي قاد قواته إلى ساØØ© الØرب، وبعد أن جعلهم ÙÙŠ مرمى نيران العدو، تخلى عنهم وهرب.
ثم هناك سبب آخر لانسØاب جونسن واØتمال Ùشل غو٠ÙÙŠ الÙوز، وهو أن 75% من نواب Øزب المØاÙظين كانوا مع البقاء ÙÙŠ الاتØاد، وبعد إعلان النتائج تنامى شعورهم بالعداء إزاء كل من ساهم ÙÙŠ الدعاية Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø®Ø±ÙˆØ¬ØŒ Ùˆ لا يمكن أن يصوتوا لأي من جونسن وغوÙ. لذلك انسØب الأول للØÙاظ على ماء الوجه، وهناك اØتمال كبير بÙشل الثاني.
نستنتج من كل ما تقدم:
أولاً، أنه Øتى الشعوب المتقدمة Øضارياً، والعريقة ÙÙŠ الديمقراطية مثل الشعب البريطاني، معرضة للخديعة، وتتأثر بوسائل الإعلام المضلل، لذلك لا عتب على شعوبنا البائسة. ولكن هناك Ùرق كبير بين الشعوب الغربية وشعوبنا العربية، Ùالشعوب الغربية تكتش٠الخديعة بسرعة وتعاقب المخادعين، بينما شعوبنا العربية تنطلي عليها الأكاذيب ÙتكاÙئ الكذابين بالمناصب ولن تكتش٠أكاذيبهم إلا بعد Ùوات الأوان.
ثانياً، وبناءً على الاستنتاج الأول، Ùرغم انتصار قادة الخروج ÙÙŠ نيل غايتهم من الاستÙتاء، إلا إنهم وكما شاهدنا أقوى القياديين ÙÙŠ الØملة وهما (بورس جونسون ومايكل غوÙ)ØŒ سرعان ما انكشÙت ألاعيبهما، Ùˆ قد انتØرا سياسياً، وهذه نتيجة كل من يعتمد على الخديعة لتØقيق أغراضه. ÙØبل الكذب قصير، ولا ÙŠØيق المكر السيئ إلا بأهله.
Ùهل من يتعظ بهذا الدرس البليغ؟
المقال الموضوع يعبر Ùقط عن رأي صاØبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع