الأقباط متحدون - نحو رشدية عربية (1)
أخر تحديث ٠٦:٠١ | الأحد ٣ يوليو ٢٠١٦ | ٢٦ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٧٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

نحو رشدية عربية (1)

مراد وهبة
مراد وهبة

 عنوان هذه السلسلة الجديدة من المقالات القادمة له قصة جديرة بأن تُروى. بدايتها عندما كنت طالباً فى السنة الثانية بقسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) فى عام 1944، وكان أستاذى العظيم والمتواضع اسمه محمود الخضيرى، ومتخصصاً فى الفلسفة الإسلامية. طبعتُ محاضراته على «الآلة الكاتبة» ومازالت عندى فى مكتبتى الخاصة.

 
واللافت للانتباه فى محاضرته الأولى مسألتان: المسألة الأولى خاصة بتحديد المقصود من مصطلح الفلسفة الإسلامية، وكان رأيه أن الفلسفة الإسلامية تشتمل على عدة علوم هى على النحو الآتى:
 
(1) الفلسفة أو الحكمة، ونعنى بها دراسة الفكر الإسلامى الذى هو امتداد للفكر الفلسفى اليونانى.
 
(2) علم الكلام أو التوحيد أو أصول الدين، وهو العلم الذى يختص بانتصار العقيدة الدينية.
 
(3) التصوف، وهو يؤثر الوجدان على العقل.
 
(4) علم أصول الفقه، وقد أضافه مصطفى باشا عبدالرازق وهو ينشغل بالبحث فى اختبار أحكام الاستدلالات الفقهية.
 
أما المسألة الثانية فخاصة باتصال الفلسفة الإسلامية بالفلسفة اليونانية، وهو الأمر الذى يستلزم دراسة الترجمة، أى ترجمة الكتب اليونانية فى الفلسفة، سواء عن اليونانية مباشرة أو عن لغات أخرى سبق أن ترجمت إليها المؤلفات اليونانية ومدى تأثيراتها فى مختلف وجوه الفكر الإسلامى.
 
إلا أن الذى لفت انتباهى فى المحاضرة الثانية هو قول أستاذى الخضيرى إن حركة الترجمة أكثر مما نهض بها هم من غير الإسلاميين، بل يكاد يكون كل التراجمة من غير المسلمين، وليس من العدل إخراج هؤلاء من الفلسفة الإسلامية. هؤلاء جميعاً كتبوا باللغة العربية. فإذا سميناها فلسفة عربية صدقت الكلمة عليهم وانصرفت إليهم وإلى غيرهم. وهنا دار فى ذهنى سؤالان:
 
السؤال الأول: لماذا يكاد كل التراجمة من غير المسلمين؟
 
والسؤال الثانى: هل الأصوب أن يقال فلسفة إسلامية أم فلسفة عربية؟
 
ولم أكن مؤهلاً فى حينها للجواب عن هذين السؤالين، وبالتالى لم أكن مؤهلاً للدخول فى حوار فلسفى حولهما مع أستاذى فأجلت الجواب.
 
وفى السنة الثالثة كرس أستاذى الخضيرى محاضراته لشرح نظريات الفيلسوف الإسلامى ابن سينا فى كتابه المعنون «النجاة»، وهو كتاب معقد فى تركيباته الفلسفية، ومع ذلك فقد كنا نردد عبارة هى على النحو الآتى: «شرح الخضيرى على ابن سينا أصعب من كتابات ابن سينا». ومن هنا كان أستاذى الخضيرى يحرضنا على مشاركته فى ذلك الشرح. وكنت أنا من الذين استجابوا لهذا التحريض لكى أدرب عقلى على فهم ما هو مغلق وتفكيكه فى عبارات مغايرة. وفوجئت بأن أستاذى يدخل معى فى حوار من أجل مزيد من الفهم.
 
والجدير بالتنويه أنه طلب أن يكتب كلٌّ منا بحثاً فى إحدى نظريات ابن سينا. وقد كان عنوان بحثى «نظرية الفيض عند ابن سينا»، وكان التقدير «ممتاز». ومع ذلك فالسؤال لازم: ماذا كان يقصد ابن سينا بنظرية الفيض؟
 
كانت المعضلة عند ابن سينا وغيره من الفلاسفة الإسلاميين كيف تفيض الكثرة عن الله الواحد الأول الذى لا كثرة فيه؟ وجاء جواب ابن سينا على النحو الآتى: يفيض عنه فى البداية عقل واحد تبدأ عنده الكثرة بسبب أن هذا العقل يفكر فى الله الذى هو علته ويفكر فى ذاته فتفيض عنه ثلاثة أشياء: عقل ونفس وجسم. ويستمر الفيض حتى العقل العاشر المسؤول عن إدارة هذا العالم الذى نعيش فيه.
 
وليقل ابن سينا ما يقول ولكن تقدير «ممتاز» فتح شهيتى للبحث عما يقوله فلاسفة إسلاميون آخرون فماذا حدث؟
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع