الأقباط متحدون - بفك ارتباطه بالقاعدة، هل تخلى الجولاني عن قيادة القاعدة الأم بعد رحيل الظواهري؟
أخر تحديث ١٤:١٨ | الاربعاء ٣ اغسطس ٢٠١٦ | أبيب ١٧٣٢ش ٢٧ | العدد ٤٠٠٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

بفك ارتباطه بالقاعدة، هل تخلى الجولاني عن قيادة القاعدة الأم بعد رحيل الظواهري؟

بفك ارتباطه بالقاعدة هل تخلى الجولاني عن قيادة القاعدة الأم
بفك ارتباطه بالقاعدة هل تخلى الجولاني عن قيادة القاعدة الأم

 ميشيل حنا الحاج

محاولات كثيرة جرت على مدى سنتين، لاقناع أبو محمد الجولاني، أمير جبهة النصرة، بالتخلي عن ارتباطه بتنظيم القاعدة الأم، ومع ذلك فشلت كل تلك المحاولات، وتشبث الجولاني بعناد واضح بولائه للقاعدة.  
 
وكانت دولة قطر قد حاولت مرارا اقناعه بالتخلي عن ارتباطه بها، وقدمت له العديد من الاغراءات المالية والتسليحية،لكن دون جدوى. فالرجل قد ظل متشبثا بذاك الولاء للظواهري ولتنظيم القاعدة.  
 
وحاولت الولايات المتحدة الشيء ذاته أكثر من مرة، فقدمت له كرشوة مقنعة، معلومات استخبارية عن مواقع الضعف للجيش السوري في محافظة ادلب،  مما مكنه من السيطرة على تلك المحافظة واتخاذ ادلب عاصمة لدولة النصرة الاسلامية، فبات الجولاني بعدها، يقف على قدم المساواة مع غريمه أبو بكر البغدادي الذي كان وما زال يسيطر على مدينة سورية كبرى هي الرقة،اذ بات الجولاني بعد تلك المعركة الحاسمة نوعا، يسيطر أيضا على مدينة سورية كبرى هي ادلب وعلى كامل تلك المحافظة. 
 
وعندما تعذر تطبيق وقف اطلاق النار على جبهة النصرة، وهو وقف اطلاق نار شمل الأراضي السورية التي  تسيطر عليها ما يسمى بالمعارضة المعتدلة، وذلك لكون تلك الجبهة، لم تصنف من المعارضة المعتدلة نظرا لتشبثها بانتمائها لتنظيم القاعدة، فاستمر لذلك القصف الروسي والسوري الجوي عليها... انبرى يومئذ أنس العبدة، رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض،  في حوار معه على قناة بي بي سي عربي، لمناشدة الجولاني، علنا وعلى الهواء  مباشرة... انبرى مناشدا الجولاني للتخلي عن ارتباطه بتنظيم القاعدة لتجنب الضربات الجوية الروسية، ولتجنيب التنظيمات الأخرى المعارضة، لكن المنضوية تحت لواء جيش الفتح الذي تقوده النصرة، (كأحرار الشام والجبهة التركمانية وغيرهما) من آثار ونتائج تلك الضربات، نظرا لالتحام مواقعها مع مواقع جبهة النصرة، وبالتالي كان يطالها القصف الروسي والسوري المستهدف لجبهة النصرة المستثناة من قواعد وقف اطلاق النار،كما سبق وذكرت، نظرا لتصنيفها بحركة ارهابية دون التنظيمات الأخرى المعارضة التي شاركت في مؤتمر الرياض وصنفت بالتنظيمات المعتدلة.  فتخلي جبهة النصرة عن انتمائها لتنظيم القاعدة، سيؤدي الآن الى شمولها بوقف العمليات العسكرية ضدها نظرا لانتفاء صفة الارهاب عنها بعد فك الاتباط ذاك.
 
ومع ذلك، واظب الجولاني على عدم الاستجابة لذاك المطلب المتكرر، وخصوصا الصادر عن رئيس الائتلاف السوري المعارض، والذي يشكل عمليا القيادة الرسمية للمعارضة السورية. كما رفض من قبل التوسل القطري والاغراءات الأميركية، مما اضطر الولايات المتحدة ازاء عناد الجولاني، للتنسيق مؤخرا مع روسيا الاتحادية لاتخاذ موقف مشترك من جبهة النصرة، بتأكيد مشروعية الضربات العسكرية الموجهة ضدها، واحتمالات مشاركة التحالف الأميركي في توجيه ضربات مشابهة على جبهة النصرة، حتى ولو أدى الأمر لأن تطال تلك الضربات حلفاء جبهة النصرة المنضوين تحت تحالف جيش الفتح العتيد، بعد رفضهم الاستجابة للنداءات المتكررة التي تطالبهم بالابتعاد عن مواقع النصرة.
 
ويرجح  البعض، ومنهم شخصي المتواضع الذي طرح ذلك في مقال سابق لي، أن أحد الاسباب التي استدعت ابو محمد الجولاني للتشبث بانتمائه وولائه لتنظيم القاعدة الام،  هو وعود قطعت له بان يكون أمير تنظيم القاعدة الأم بعد رحيل ايمن الظواهري عنها.  فقد سمي عمليا  ولكن سرا، بولي عهد الظواهري، كما كان الظواهري ولي العهد الظاهر لأسامة بن لادن،  مما دفع الجولاني للتشبث بولائه للتنظيم، وبرفض كل الاغراءات التي قدمت له دون جدوى، مقابل التخلي عن ولائه للقاعدة.  
 
وعزز هذا الاحتمال،  أن العديد من  قيادات تنظيم القاعدة، قد باتوا ينقلون تدريجيا من مواقعهم في اليمن ومن غيرها من المناطق التي تواجدت فيها تنظيمات موالية للقاعدة، ليصبحوا مقيمين في الاراضي السورية، وخصوصا في محافظة ادلب، التي باتوا ينظرون اليها كموقع القيادة المستقبلي لتنظيم القاعدة، عوضا عن موقعها الحالي في افغانستان،  خصوصا وأن هناك احتمال بان تتخلى طالبان عن حماية القاعدة  لاحقا، اذا ما نجحت مفاوضات، تارة سرية وأخرى علنية، بينها وبين الدولة الاميركية، لوضع حد للاقتتال في افغانستان، وهوالقتال الذي ما زال يطال  بضرر كبير بقايا القوات الاميركية المتواجدة في افغانستان.
 
ويذكر الكاتب تشارلز ليستر في مقال له، أنه من بين الشخصيات القيادية في تنظيم القاعدة التي انتقلت من مواقع أخرى الى سوريا، كلا  من عبد المحسن عبد الله ابراهيم الشريخ الملقب بصنافي النصر (وهو أحد أقرباء أسامة بن لادن)، وكذلك أحد قيادات تنظيم القاعدة البارزين في ايران وهو محسن الفضلي، وكذلك عددا من القيادات الجهادية الواردة أسماؤهم على قائمة أكثر المطلوبين سعوديا (كما قال الكاتب)، ومنهم عبد الله سليمان صالح الدباح الملقب بأبو علي القاسمي، اضافة الى عدد من الجهاديين السوريين المعروفين بقدراتهم على صناعة القنابل، ومنهم رضوان نموس الملقب بأبو فراس السوري، وكذلك أبو همام السوري .
 
ومع التبدل المفاجىء في موقف أبو محمد الجولاني من رفضه الممتد في الزمن، للتخلي عن انتمائه لتنظيم القاعدة، ثم تخليه عنها فجأة، بل واستبدال اسم تنظيمه من جبهة النصرة لجبهة فتح الشام، يجري التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا التخلي المفاجىء. فهل هو فك ارتباط حقيقي وفعلي بتنظيم القاعدة، أم مجرد حركة تضليلية صورية تستهدف تجنب القصف السوري والروسي عليها، وربما الأميركي أيضا بعد اتفاق روسيا والولايات المتحدة مؤخرا على تكرار تصنيف جبهة النصرة  كحركة ارهابية، وتأكيد اتفاق الطرفين على مشروعية قصفها بسبب انتمائها ذاك لتنظيم الدولة الاسلامية. 
 
أضف الى ذلك تباطوء تركيا مؤخرا في مد يد العون لجبهة النصرة في معركتها الضارية للاحتفاظ بمواقعها في مدينة حلب، التي استطاعت القوات السورية أخيرا استكمال محاصرتها بعد محاولات عديدة سابقة فاشلة في تحقيق ذلك. ولم يعرف أحد الأسباب الكامنة وراء هذا التطور المفاجىء في الموقف التركي المائل الى الصمت والحياد، بعد أن كانت تأذن خلال تلك المعارك، بعبور عدد من المقاتلين لتعزيز موقف جبهة النصرة وجيش الفتح في معاركها السابقة المشابهة للمعركة الحالية في حلب، كما كانت تشاغل أحيانا القوات السورية المهاجمة، بقصف مدفعي من الأراضي التركية، تزعم أنه صادر عن الجبهة التركمانية  وكتائب السلطان التي تضم جنودا أتراكا يعملون تحت غطاء كونهم منتمين لجبهة السلطان المعارضة للنظام السوري.  
 
هذا التبدل في الموقف التركي المفاجىء لم تعرف أسبابه بعد. فهل كان مرده انشغال الرئيس أردوغان بمشاكله الداخلية نتيجة الانقلاب العسكري الفاشل في 15 تموز، أم أن مرده اتفاق سري بينه وبين روسيا الاتحادية، بالتخلي عن دعم النصرة، على الأقل كتائبها المتواجدة في حلب وادلب، مقابل قيام بوتين بالغاء العقوبات الاقتصادية عن تركيا، وتطبيع العلاقات معها، وهو التطبيع الذي جاء مفاجئا بل وسريعا جدا، ويكاد يكون مذهلا بسرعته، مما قد يعزز احتمال تواجد اتفاق سري ما بين أردوغان وبوتين.  
 
فالتخلي الجولاني عن ارتباطه بتنظيم القاعدة، لم يتبعه اعلان ولائه أو مبايعته  لأبو بكر البغدادي خليفة الدولة الاسلامية، أسوة بما فعلته العديد من التنظيمات الأخرى التي تخلت عن ارتباطها بتنظيم القاعدة الأم، ومنها تنظيم بيت المقدس السيناوي، وبوكو حرام، وتنظيم أهل الشريعة في كل من تونس وليبيا، وغيرها من التظيمات الكثيرة التي فكت ارتباطها بالقاعدة. وهذا يوحي باحتمال وجود توجه آخر لدى الجولاني يخالف توجه الآخرين الكثر الذين سبق وفكوا ارتباطهم ذاك.  فالولاء هنا ظل للجولاني وليس للبغدادي. وهو اذن بالتالي، فك ارتباط  مختلف وله طبيعة أخرى خاصة، مما قد يستدعي التساؤل ان كان فك ارتباط حقيقي، واستبدال الاسم استبدالا حقيقيا، كاعلان فعلي عن التخلي  الجدي عن الارتباط بالقاعدة، أم كان عملية ممهدة لاستبدال اسم تنظيم القاعدة الأم ذاتها باسم آخر تكون جبهة النصرة التي باتت الآن جبهة فتح الشام ... هي نواته؟
 
فهل كان فك الارتباط ذاك فك ارتباط حقيقي، أم مجرد استبدال ثوب بآخر مع بقاء الجسد الذي سيرتدي ذاك الثوب الجديد، هو ذات الجسد الذي ارتدى على مدى سنوات ذاك الرداء القديم؟
 
ذلك أن تخلي جبهة النصرة تخليا حقيقيا عن جبهة القاعدة، له آثار أخرى مختلفة لا تقتصر على تجنب الضربات العسكرية السورية الروسية وربما الأميركية أيضا، بل تعني على أرض الواقع، تخلي أبو محمد الجولاني عن حلمه القديم، والذي من أجله تشبث برفض فك ارتباطه بالقاعدة ، وهو أن يصبح أمير القاعدة مستقبلا لدى رحيل أيمن الظواهري.  وهذا هو حلم كبير من أجله عانى الجولاني في السابق كثيرا من أجل الحفاظ عليه.
 
ومن هنا يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها. فما يجري على الأرض ... أرض الحقيقة والواقع، وفي عمق الرؤية والتحليل، أن أبو محمد الجولاني لم يتخل فعلا عن تنظيم القاعدة، بل أن القاعدة ذاتها هي التي تخلت عن اسمها وتاريخها، بل وعن موقعها في  أفغانستان، لتؤسس تنظيما باسم آخر جديد، هو تنظيم جبهة فتح الشام، التي سيكون أميرها أبو محمد الجولاني، خصوصا وأن أيمن الظواهري وقد بلغ من العمر عتيا، (ان لم يكن قد توفي فعلا وحجبت أخبار وفاته كما حجبت من قبل ولشهور عديدة وفاة الأمير المؤسس لطالبان) لم يعد قادرا (اذا بقي حيا) على قيادة التنظيم باسمه القديم أو الجديد، وسيشرع الجولاني الآن بقيادته من سوريا (الموقع الجديد للقاعدة القديمة كما يبدو). وهذا يعني أن الجولاني لم يتخل قط عن حلمه بامارة التنظيم، بل عزز حلمه بالانتقال السريع والفوري الى امارة ذاك التنظيم، ولكن باسمه الجديد غير المدرج  على قائمة الارهاب، نظرا لتنفيذه بنود المطالبة الرسمية الدولية له بفك ارتباطه بالقاعدة، وها هو قد فك ارتباطه بها، وحقق بالتالي الكثير نتيجة لذلك.  ومن بين ما حققه، حلمه بالامارة الكبرى، اضافة الى تجنب فك عنقه عن جسده، نتيجة استمرار الغارات الجوية على موقعه، والتي كان من المحتمل أن تدق أو تفك عنقه في يوم قادم من الأيام.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter