الأقباط متحدون | زيارة إلى دير "مار موسى الحبشي" في "النّبك" بـ"سوريا"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٤٥ | الخميس ٩ ديسمبر ٢٠١٠ | ٣٠ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس أخبار وتقارير من مراسلينا
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٧ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

زيارة إلى دير "مار موسى الحبشي" في "النّبك" بـ"سوريا"

الخميس ٩ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

كتبت: مارغريت خشويان
لدى زيارتي لـ"سوريا" مؤخرُا، قادتني قدماي إلى دير لأول مرة، كنت أسمع باسمه، إلا أنني لم أكن قد متَّعت نظري بين جوانبه، ألا وهو دير "مار موسى الحبشي". فالذي يدخله لأول وهلة، يشعر أن كل تعبه قد وضعه على الدرجات الأخيرة من سلم الدير؛ حيث ترتاح النفس حينما تطير أطياف بصره في حناياه.
 
يُعد دير "مار موسى الحبشي" من أبرز الأماكن والأديرة المسيحية السريانية الموجودة على الأراضي السورية، وبالتحديد في منطقة جبل القلمون أو الجبل المدخن. يرتفع بمقدار 1320م عن سطح البحر. وهو دير سرياني قديم يبعد مسافة ثمانين كيلومتر عن "دمشق" باتجاه الشمال، ويبعد عن مدينة "النبك" حوالي (15) كيلومتر باتجاه الشرق عن طريق العرقوب.
 
القديس موسى الحبشي
وقد سُمي الدير بـ"مار موسى الحبشي"، ذلك أن القديس "موسى" كان ابنًا لملك من ملوك الحبشة، أراد أن يزوِّجه، وأن يعده لخلافته على العرش؛ فرفض المُلك والأمجاد الدنيوية، وترك البلاد باحثًا عن الملكوت، فهاجر إلى "مصر"، وزار الأماكن المقدَّسة في "فلسطين"، ثم ترهَّب في دير "مار يعقوب" بالقرب من بلدة "قارا" شمال "النبك"، فرغب بالتوحد، وأتى إلى وادي جبل القلمون، وأقام في أحد المغائر متنسكاً. وقد استشهد الراهب الحبيس "موسى" على يد جنود الإمبراطور، ووصل خبر استشهاده إلى الحبشة؛ فأتى رسول من طرف أهله ليأخذ جثمانه حتى يواريه الثرى في مسقط رأسه؛ فرفض أهل المنطقة أن يتخلوا عن رفاة قديسهم. وعندما فتحوا القبر، وجدوا إبهام يده اليمنى منفصلاً عن الجثمان، وكانت تلك لهم علامة ربانية؛ فاحتفظ الرهبان بإبهام يده اليمنى ذخيرة يتباركون منها، ولا تزال محفوظة حتى أيامنا هذه في كنيسة "النبك" السريانية.
 
دير القديس "موسى الحبشي"
يتكوّن الدير من مجموعة من القلالي التي كان يتوحد فيها الرهبان للتعبد والتنسك، وبعض منها صارت كمجموعة لقربها من بعضها، وأصبحت كأنها دير قائم بذاته، حيث قيل أن هناك أديرة ثلاثة صغيرة محيطة بدير "مار موسى الحبشي".
 
كان الدير تابعًا للكنيسة السريانية الأنطاكية. وتدل الكتابات العربية على جدران الدير أن بناء الكنيسة الحالية يعود إلى سنة 450 للهجرة 1058 للميلاد.
 
ولابد لنا من التنويه إلى أن ملكية الدير انتقلت إلى الكنيسة السريانية الكاثوليكية عام 1832م. حينما سكنه الأسقف "غريغوريوس متى النقار الموصلي"، إذ كان قد انتمى إلى الكثلكة في تلك الأثناء. وفي هذه الفترة ساءت أحوال الدير، وانطفأت فيه الحياة الرهبانية، إلا أن العمل عاد من جديد بتضامن بعض المكرسين ليضيئوا الحياة الرهبانية بشموع القداسة.
 
هذا وقد وصل قبل سنوات إلى "الشام" قادمًا من "روما" الراهب اليسوعي "باولو" (بولص) إلى دير "مار موسى الحبشي" في صيف 1982. طالبًا قضاء عشرة أيام فيه من أجل خلوة روحية. واكتشف أثناء خلوته التواضع والمحبة والرسالة؛ فبدأ على هذا الأساس بتنظيم عملية ترميم الدير في صيف 1982 بتعاون مشترك بين أبناء رعية "النبك" لـ"السريان" الكاثوليك، والمديرية العامة للآثار، والمتاحف في "سوريا". كما تعهَّدت وزارة الخارجية الإيطالية إرسال خبراء من معهد الترميم في "روما" للهدف ذاته، واستمر ذلك النشاط حتى صيف عام 1991، حيث بدأ الأب "بولص" بإعادة الحياة الرهبانية إلى هذا الدير مع الشماس الحلبي "يعقوب مراد" الذي صار كاهنًا يخدم اليوم في إيبارشية "الشام".
 
رسوم الدير
تعكس الرسوم على جدران الكنيسة تأثير وتطوُّر الفن البيزنطي في المنطقة من مشهد معمودية يسوع على يد "يوحنا المعمدان"، إلى جانبه نجد صور "سمعان العامودي". إضافة إلى بعض الرسومات ذات الطابع السرياني الأصيل والكتابات السريانية، وصور الرسولين "بطرس وبولس"، وصورة الإنجيليين الأربعة "متى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا". ومن اللوحات البارزة أيضًا في الدير، لوحة الدينونة؛ حيث نرى المسيح الديان مرسومًا في أعلى اللوحة مقابل لوحة البشارة.
 
مكتبة الدير
وتتضمن المكتبة مخطوطات سريانية وعربية وكتب نادرة، وذلك بفضل همة ونشاط الرهبان في نسخ وتأليف كل ما هو غالٍ؛ حيث جعلوا من الدير مكتبة زاخرة بالمخطوطات السريانية والعربية منها الدينية والتاريخية. ولكن مع كل أسف، تفرَّقت المخطوطات إلى أماكن متعدِّدة من العالم، وتعرَّضت أيضًا للسلب والنهب والسرقة من قبل الغزاة.
 
مخطوطات الدير
ومن أبرز المخطوطات التي يمكن نذكرها، مخطوط لإنجيل نفيس مكتوب بالخط الأسطرنجيلي المنمَّق، وهو مخطوط على رق الغزال، وحاليًا توجد المخطوطة في دير "الشرفة" بـ"لبنان". ومما قِيل عن هذه المخطوطة، أن عرب "العنزة" قاموا بسرقتها من الدير مع غيرها من مخطوطات إلى مدينة "حلب". ومخطوطة أخرى توجد اليوم في المتحف البريطاني تحت رقم (585) وعدد صفحاتها (468). هذا بالإضافة إلى المخطوطات التي تشمل مقاطع ليتورجية، خاصةً الصلوات الاحتفالية في أيام الأعياد والمناسبات. ومن أبرز هذه المخطوطات، مخطوطة خاصة بالصوم الأربعيني توجد اليوم في مكتبة "باريس" تحت رقم (159)، ومخطوطات أخرى توجد في "اكسفورد" يعود تاريخ كتابتها إلى عام 1625م. إلى جانب مئات المخطوطات النفيسة المتعلقة بتاريخ الكنيسة وسير القديسين المحفوظة في خزانة مكتبة دير "الشرفة" للسريان الكاثوليك، وخزانة بطريركية السريان الأرثوذكس بـ"دمشق".
 
ومما يجذب النظر إلى الدير، حياة التواضع والسكون؛ فالذي يعيش فيه فترة ما، يرغب أن يعود إليه لاستكمال الروحانية التي استمدها، فيتجدَّد في ذلك بعلاقته مع الله والتأمل في علاقته مع البشر.
 
جدير بالذكر، أن ما ورد من معلومات جاء بمساعدة الأخ "بطرس عبو" الذي التقينا معه بالدير، فى لقاء قصير معه.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :