فى مثل هذا اليوم 10 أغسطس 1807..
سامح جميل
أرسل الجنرال "فريزر"، قائد الحملة الإنجليزية على مصر عام 1807، بعثة للتفاوض مع "محمد على باشا"، لإخلاء سبيل أسرى معركة رشيد، فأنزل محمد على البعثة فى خيام بإمبابة فى مثل هذا اليوم " 10 أغسطس 1807 "، ويروى الجبرتى حادثا مضحكا وقع لأفراد البعثة، فعندما خلعوا ملابسهم وناموا، ثم استيقظوا فى الصباح فلم يجدوا ملابسهم، فاضطروا إلى ارتداء بعض الملابس القديمة، وكان رئيس البعثة أحضر معه هدية من "فريزر" عبارة عن قدح قهوة مرصع بالماس لـ"محمد على"، فرد "الباشا" بأربعة خيول أصيلة هدية.
فى قصة "حملة فريزر" صفحات من نضال ومقاومة المصريين لمحتل غازى، جاء يوم 13 مارس عام 1807 بسفينة حربية إلى الإسكندرية كطليعة لأسطول قادم اكتمل وصوله يوم 16 مارس، وطلب "فريزر" من حاكم المدينة التركى "أمين أغا" التسليم دون قتال، وبعد مناوشات تافهة فى يوم 20 مارس تم توقيع شروط تسليم الإسكندرية على أن ينقل الموظفون الأتراك بسفينة بريطانية إلى أحد الموانئ التركية، أما بقية الحامية (277 جنديا) فينقلون أسرى حرب إلى مالطة، ووقع على الاتفاق اثنان هما الحاج "محمد خطاب ابن شقيق الشيخ المسيرى والشيخ إبراهيم باشا عبد الله، وكان الثمن الذى دفعه الإنجليز فى ذلك هو ستة قتلى وثمانية جرحى.
ظن "فريزر" أن سهولة احتلاله الإسكندرية سيتكرر معه فى باقى مصر حتى وصوله إلى القاهرة، لكنه فوجئ بمقاومة عنيفة تجسدت عظمتها فى "رشيد"، حيث لقى هزيمتين فيها، فعلق قائلا: "لقد انسقت إلى الاعتقاد بأن أهل البلاد جميعها باستثناء الأتراك والأرناؤوط، أصدقاء للإنجليز، وسوف يعاونوننا فى تحريرهم من نير الاستبداد الذى فرضه عليهم ظالموهم، ولكن بدلا من هذا لم يتقدم رجل واحد منهم لمعاونتنا"، وبلغ تعجب "فريزر" من أن النجدات التى كانت تسير من القاهرة إلى رشيد لم يتطوع أحد لإخبار الإنجليز ولا أحد عملائهم بها، حتى شيخ دسوق الذى وعد بمد الإنجليز بألف من أتباعه مسلحين لم يرسل لهم قصاصة ورق يقول لهم: "احذروا فإن أهل مصر بكم محيطون".
فى الهزيمة الأولى بـ"رشيد" يوم 31 مارس 1807، بلغت خسائر الإنجليز من الضباط والجنود 185 قتيلا وجرح 382، فى مقابل 40 شهيدا و100 جريح، وأسر 40 إنجليزيا، أما الهزيمة الثانية فقتل فيها من 1200 و1400 إنجليزى.
ينقل "الجبرتى" صورة شيقة عن رؤوس قتلى الإنجليز وأسراهم الذين أرسلهم "على بك " حاكم رشيد إلى القاهرة للإعلان عن النصر، وهم من تفاوض عليهم محمد على قائلا: "أشيع وصول القتلى ومن معهم من الأسرى إلى بولاق فهرع الناس إلى الذهاب للفرجة وصحبتهم جماعة العسكر، وكان بينهم فسيال "ضابط" كبير وآخر كبير السن، وهما راكبان على حمار والبقية مشاة فى وسط العسكر ورؤوس القتلى معهم على نبابيت وعدتها 14 رأسا والأحياء 25، وفى يوم الاثنين وصل أيضا جملة من الرؤوس والأسرى إلى بولاق وعددهم 121 رأسا و13 أسيرا وفيهم جرحى. ..!!