تنفجر من حين إلى آخر توترات طائفية فى مصر، وتحديداً فى صعيد البلاد ومناطق الطبقة الدنيا والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، وباتت هذه التوترات معروفة جيداً سواء من حيث الأسباب أو من حيث سبل العلاج، فمنذ أحداث الخانكة الطائفية عام ١٩٧٢ وتقرير «لجنة العطيفى»، لا تخرج الفتن الطائفية فى مصر عن صعوبات بناء وصيانة الكنائس نظراً للتضييق الشديد فى هذه العملية والتعقيدات المحيطة بها التى تجعل من شبه المستحيل استيفاء الأوراق المطلوبة وبناء الكنيسة نظراً لما يحدث فى منتصف الطريق من تعقيدات وأبرزها بناء مسجد بالقرب من المكان فلا يتوافر شرط من اشتراطات بناء الكنائس وهو الابتعاد لمسافة معينة عن أقرب مسجد (وهو شرط لا يطبق على المساجد التى يمكن بناؤها فى مواجهة أو بجوار الكنائس). أيضاً حالات التحول من المسيحية إلى الإسلام وهى الغالبة، والتحول من الإسلام إلى المسيحية وهى حالات قليلة ومحدودة، وفى الحالتين عادة ما تنفجر توترات طائفية ويكون هناك حديث عن حالة «خطف» فى حين أنها ليست كذلك، وتأتى المشاكل من انحياز مؤسسات الدولة وعدم حيدتها فى هذه القضية الحساسة،
فالتحول من المسيحية إلى الإسلام عادة ما يلقى كل التسهيلات من مؤسسات الدولة، يجرى استخراج الأوراق بسرعة ويحصل من يريد التحول إلى الإسلام على بطاقة هوية جديدة بالبيانات الجديدة، وهو أمر لا يحدث فى حالة التحول المعاكس. أيضاً تتسبب بعض القوانين وتفسيراتها فى تفجر أحداث عنف طائفية، ومن بين ذلك إتباع الأبناء القصر بالمتحول إلى الإسلام سواء كان الأب أو الأم من خلال تفسير يقول بأن الأبناء «يتبعون صاحب الديانة الأفضل أو الأعلى»، وهو يقصد الإسلام، وقد تسبب هذا التفسير فى عشرات المآسى الإنسانية عندما ينزع القانون الطفل ليتبع أحد والديه الذى تحول للإسلام بصرف النظر عن رغبته هو وإرادته. كذلك من بين مسببات التوتر الطائفى تغييب القانون وعدم تطبيقه فى حالات التغرير بقاصرات، حيث تكررت وقائع تحول قاصرات للإسلام وتزويجهن من شباب ورجال دون أن يصلن إلى سن الزواج، التكييف القانونى هنا هو «التغرير بقاصر»، وإذا ترتب على ذلك مواقعتها جنسياً فإن العقوبة تصل إلى الإعدام، ما يحدث فى مثل تلك الحالات هو أن أجهزة الدولة، وتحديداً الأمنية، عادة ما تتستر على مثل تلك الوقائع وتعطل القانون، بل تأخذ تعهداً خطياً من أهل الفتاة بعدم التعرض لها أو لمن تزوجها، فيشعر أهل الفتاة القاصر بالغبن الشديد والظلم البين، وينتشر الشعور بقلة الحيلة الذى قد يصل إلى مرارة الشعور بالاضطهاد من قبل الأقباط.
يترافق مع ذلك أيضاً المواءمات التى تقوم بها الأجهزة الأمنية والسيادية بقرارات سياسية عليا والتى تفضى إلى إعادة سيدة أو فتاة تحولت أو كانت فى طريقها للتحول إلى الإسلام (واقعة سيدة أبوالمطامير لأن زوجها كان كاهناً ومن ثم تمسكت بها الكنيسة وأصرت على استعادتها فكان لها ما أرادت)، مثل هذه الواقعة جعلت البعض يعتقد أنه يمكن استرداد سيدة بعد هروبها أو تحولها للإسلام من خلال الاحتجاجات والمظاهرات. وهو ما حدث بالفعل فى قرية جبل الطير، فقد هربت سيدة مسيحية متزوجة مع رجل، فكان الاحتجاج والحديث عن خطف السيدة والاعتداء على نقطة الشرطة، وردت قوات الشرطة بحملة تأديب لأهل القرية وتحطيم الأثاث والأجهزة الكهربائية، فصورت بعض الفضائيات عمليات التحطيم وجرى بثها فى الخارج باعتبارها دليلاً على «اضطهاد الأقباط» فى مصر، وهناك من حاول توظيف الحدث للتشويش على أول زيارة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى نيويورك للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
نقلا عن الوطن