الأقباط متحدون - الأقباط مواطنون أم أهل ذمة؟
  • ١٧:١٩
  • الاثنين , ١٥ اغسطس ٢٠١٦
English version

الأقباط مواطنون أم أهل ذمة؟

سليمان شفيق

حالة

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الاثنين ١٥ اغسطس ٢٠١٦

 الأقباط مواطنون أم أهل ذمة
الأقباط مواطنون أم أهل ذمة
سليمان شفيق
مشروع القانون الحالي ينقلهم من ذمة الخليفة أو الملك اوالرئيس إلي ذمة المحافظ !!
السبت كان يوما للتضامن جمع المسلمين والأقباط من اجل المنيا صباحا والكنائس مساء
تحية لشباب ماسبيرو عنوان تضامن الأجيال.. ولتنسيقية المواطنة عنوان نسيج الوطن الواحد
نظمت مؤسسة مصريون ضد التمييز الديني  وقفة احتجاجية امس الاول السبت 13 أغسطس الجاري امام مكتب النائب العام حضرة نخبة من رجال الفكر والسياسة والقانون  وتقدموا ببلاغا ضد ما يحدث في المنيا مطالبين بتطبيق القانون ، وفي مساء نفس اليوم نظمت تنسيقية المواطنة مؤتمرا حاشدا في احد الفنادق حضرة أهل العلم والسياسة والفكر والقانون وأعضاء من مجلس الشعب منهم النائبة نادية هنري والنواب مجدي ملك ورضا نصيف وعمر وطني ، وفي الوقفة والمؤتمر كانت اللحمة الوطنية واضحة من مسلمين واقباط ، وللمرة الاولي تتوحد المنظمات القبطية علي كلمة رجل واحد من اتحاد شباب ماسبيرو وحتي والمجلس الاستشاري المصري ، وكأن السبت الماضي يريد ان يؤكد للكافة ان المجال الحيوي للنضال القبطي لازال في مصر ،وان النضال المصري من أجل المواطنة يجمع كل ابناء الشعب المصري المسلمين قبل الاقباط وان الكلمة الاولي والاخيرة تنطلق من مصر ، وان التضامن القبطي الحقيقي هو الذي جمع كل ألوان الطيف في سبت التضامن الحقيقي والوطني.
 
يثور الآن جدلا واسعا حول حول مشروع قانون بناء الكنائس ، وغرق المتحاورون في تفاصيل خارج نطاق السؤال الرئيسي: هل الأقباط مواطنون أم رعايا ؟ هذا ما لفت نظر المفكر سمير مرقس مقالا بعنوان :"تقنين مفهوم الطائفة في دولة المواطنة لا يستقيم " جاء فيه :
"فى نص القانون المقترح بشأن «تنظيم بناء وترميم الكنائس»، يذكر فى المادة (1)، والتى تتناول التعريفات المتعلقة بالموضوع، تعبير «الطائفة» (رقم 7 فى التعريفات) ويعرفها بأنها: «الطائفة الدينية التى تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية». كما يستخدم النص أيضا تعبير: «الممثل القانوني للطائفة»، ويعرفه بأنه: «شخص طبيعى من غير رجال الدين، يختص دون غيره باتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بأى من الأعمال المطلوب الترخيص بها وفق أحكام هذا القانون، ويحدده الرئيس الدينى الأعلى لكل طائفة فى كل حالة»... ويستمر القانون من خلال بنوده يكرر تعبير: «الممثل القانونى للطائفة». والسؤال الذى يطرح نفسه وبقوة هل يستقيم استخدام تعبير «الطائفة» فى دولة تناضل من أجل المواطنة بغض النظر عن أية اختلافات: بكل مواطنيها ولكل مواطنيها"
لكي ندرك جوهر هذا الكلام لابد ان نحدد رؤيتنا ، هل الأقباط مواطنون أم أهل ذمة ؟
لذلك نعود للعد العمري الذي صدر 15 هجري:
«بسم الله الرحمن الرحيم، (هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية)
واستمرت هذه الرؤية الدينية حتى تم تطويرها شكلا تبعا لظروف العصر ، وفي فبراير 1856 اصدر السلطان العثماني عبد المجيد ما سمي بالخط الهمايوني (أي الفرمان) :
1ـ المساواة بين كل مواطنين الدولة العثمانية في كل الحقوق والواجبات .
2ـ ينتخب بطاركة (رؤساء) الكنائس من كل الملل وتكون فترة لنتخابهم حتي مماتهم ولايحق لاحد نزع سلطة البابا الا من كنيستة علي وجوب ابلاغ فقط اسم البابا في كل مرة الباب العالي 3ـ السلطان شخصيا وفقط لة الحق في ترخيص بناء وترميم الكنائس والمقابر الخاصة لغير المسلمين .
4ـ اعفاء الكنائس والمعابد من الضرائب والمصروفات.
5ـتشكيل المجلس الملي مكون من رجال الكنيسة ( كهنة او رهبان) ورجال من خارج الكنيسة (مسيحيين من غير الرهبان والكهنة) لادارة شئون الكنيسة
6ـعدم أجبار اي شخص علي ترك دينة .
7ـ محو كل الالفاظ التي تمس فئة من الناس مثل الدين والملة .
8ـ الزام كل المواطنين بالخدمة العسكرية .
9ـتكون الدعاوي القضائية بين المسيحيين والمسلمين في دواوين (محاكم) خاصة يرائسها قضاة من الطرفين
واستمر الوضع حتي 1934 حيث تم تحديث الخط الهمايوني بالشروط العشرة لبناء الكنائس ، والتي اصدرها العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية وهي :
1ـ هل الارض المرغوب بناء عليها كنيسة عليها  هي ارض فضاء أو زراعية ، هل مملوكة للطالب ام لا ، مع بحث الملكية من انها ثابتة ثبوتا كافيا وترفق مستندات الملكية .
2ـ ما هي مقادير أبعاد النقطة المراد بناء كنيسة عليها عن المساجد والأضرحة الموجودة بالناحية ؟
3ـاذا كانت النقطة المذكورة من أرض الفضاء هل هي وسط اماكن المسلمين او المسيحيين؟
4ـاذا كانت بين مساكن المسلمين يوجد مانع من بنائها ؟
5ـ هل يوجد للطائفة المذكورة كنيسة بهذة البلد خلاف المطلوب بنائها ؟
6ـ ان لم يكن بها كنائس فمقدار بالمسافة بين البلد وبين اقرب كنيسة لهذه الطائفة؟
7ـ ماهو عدد افراد الطائفة المذكورة الموجودين بهذة البلدة ؟
8ـ إذا تبين أن المكان المراد بناء كنيسة علية قريب من جسورالنيل والترع والمنافع العامة بمصلحة الرى فتؤخذ رأى تفتيش الرى وكذا إذا كانت قريبة من خطوط السكك الحديدية ومبانيها فيؤخذ رأى المصلحة المختصة
9ـ يعمل محضر رسمى عن هذه التحريات ويبين فيه مايجاور النقطة المراد إنشاء كنيسةعليها من محلات السارية عليها لائحة المحلات العمومية والمسافة بين تلك النقطة وكل محل من هذا القبيل ويبعث به اإلى الوزارة
10ـيجب على الطالب أن يقدم مع طلبه رسماً عملياً بمقاس واحد فى الألف يوقع عليه من الرئيس الدينى العام للطائفة ومن المهندس الذى له خبره عن الموقع المراد بناء الكنيسة به وعلى الجهه المنوطة بالتحريات أن تتحقق من صحتها وأن تؤشر عليها بذلك وتقدمها مع أوراق التحريات)
والان في دولة المواطنة ووفق مواد الدستور : وتنص المادة 235من الدستور ، ضمن المواد الانتقالية ، " يصدر مجلس النواب في اول دور انعقاد لة بعد العمل بهذا الدستور قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس ، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية "
والمتتبع لسياق تطور بناء الكنائس يجد ان الرؤية الدينية والتي كانت متقدمة في حينها تردت في الشروط العشرة 1934، وانتكست في رؤية المشروع الحالي ، وبالطبع حماس القيادات الدينية المسيحية لذلك المشروع انه يحافظ علي سلطاتهم كأهل أختصاص ، ومن ثم اي ان كان هذا القانون فهو يعود بنا للقرون الوسطي، ومن حفر قانون لاخية وقع فيه.
يبقي ان نوجة التحية لكل ابناء الشعب المصري والذين تجمعوا في الصباح امام مكتب النائب العام وفي المساء في المؤتمر غير مبالين بأي مخاطر او تهديدات ، ولا يعرف الشوق الا من يكابدة " واللي ايدة في المية غير اللي ايدة في النار" وعمار يا مصر.