الأحد ٢٨ اغسطس ٢٠١٦ -
٤٠:
٠١ م +02:00 EET
بقلم: البروتوبرسفيتيروس اثناسيوس حنين
Emprunts culturels et litteraires ا
لابن الاصغر لهارون (فنحاس ) يحمل اسما مصريا (سفر العدد 25 :7 ) ومعناه الاسود أو النوبى. يجد الباحثون تقاربا كبيرا وتأثرا متبادلا بين سفر حكمة سليمان وخاصة الاصحاحات 22 و23 وتعاليم أمنحوتب الحكيم المصرى . ان الاداب التاريخية الديموطيقية فى نهاية الحقيبة الفارسية وبداية الحقبة الهيللينية تذكرنا كثيرا بالاداب الرؤية التى وردت فى سفر دانيال. 5 –مصر أرض اللجوء والكنوز Egypte , terre d,accueil et de richesses بالرغم من الصورة السلبية التى تقدمها بعض اسفار العهد القديم عن مصر وذلك فى تاريخ اسرائيل والذى يبدأ باحداث الخروج كما وردت من سفر الخروج والى السبى البابليونى ونزول بقية الشعب الى مصر كما ورد فى سفر الملوك الثانى الاصحاح 25 ’ نقول بالرغم من الصورة السبية عن مصر الا أن الكتاب المقدس يورد الكثير من الاحداث التى تؤكد أن مصر هى أرض الضيافة واللجوء. هناك نصوص مصرية تشهد عن استنقبال مصر لشعوب المنطقة فى حالات الحروب والمجاعات.تظهر هذه الثقافة المضيافة فى بداية قصة ابراهيم ويوسف (تكوين 12 :10 – 20 وتكوين 42 ). تصير مصر ايضا ارض لجوء فى حالة الكوارث مثل اعداء سليمان (املوك 11 ’ 17 ) ’ ويربعام (1ملوك 11 :40 ) الذين لجأوا الى ارض هربا من الموت. يشير سفر ارميا الى نفس الامور التى اشار اتليها يوربعام (ارميا 26 :20 -23 ). وردت مصر ارض الضيافة ايضا فى العهد الجديد وفى بشارة متى والتى تتناول لجوء العائلة المقدسة الى مصر للهروب من ملاحقة هيرودوس. يرتبط موضوع مصر كارض ضيافة بقضية أخرى لا تقل أهمية وهى قضية غنى مصر وتعدد مصادر ثروتها وهذا الموضوع يتغلغل فى ثنايا الكتاب المقدس برمته . نجد فى سفر التكوين (13 ’ 10 ) الاشارة الى خصوبة أرض مصر الفردوسية .(كجنة الرب كأرض مصر ) , هنا يعقد الوحى الالهى على لسان موسى النبى مقارنة بين ارض مصر وجنة الله عدن . لقد تذمر الشعب العبرانى فى البرية على أرض مصر وطعامها الغنى وخصب ارضها .(سفر العدد 11’ 10 ).هذا الى جانب أن كتاب العهد الجديد قد تناولوا غنى مصر مثلما ورد فى الرسالة الى العبرانيين (11 ’26 ). 6 – مصر أرض الضيافة والملجأ النزول الى مصر والمهاجرين المصريين ورواية يوسف La descente en Egypte , la diaspora egyptienne et le roman de Joseph لقد حدث وبعد خراب اورشليم على يد البابليين أن قسما من سكان اليهيودية قرر اللجوء الى مصر (2ملوك25 ’ أرميا 42 -44 ) . يقول ارميا النبى فى الصحاح 44 والاية 1 أن هناك جماعات يهودية قد استقرت فى بلاد مصرية فى شمال مصر مثل مجدل ودافنى وممفيس وفتتروس . لقد انتقد كتاب سفرى ارميا وحزقيال هذا اللجوء الى مصر بشكل عنيف والسبب أنهم يعتبرون أن المهجرين من بابليون هم اسرائيل الحقيقى. لعل الرؤية الواردة فى ارميا 46 :15 -16 عن ممفيس تشير الى الحملة على مصر التى قام بها الملك الفارسى قمبيز عام 525 قبل الميلاد . هناك الكثير من نصوص سفر حزقيال تتهم اليهود بالزنا الروحى فى اللجوء الى مصر (16 و 23 ). يتهم حزقيال (الاصحاح 20 ) اسرائيل بأنها قد فضلت عبادة الهة المصريين على وصايا اله اسرائيل. لقد امتدت هذه الحرب الى الجماعات اليهودية التى استقلت فى منطقة فيلة المصرية والتى يرد ذكرها فى النصوص الارامية. لقد عبد اولئك اليهود المهاجرون مع اله اسرائيل يهوة الهين أخرين أنات وأشيم على مثال الثالوث المصرى. لقد ظهر لززن من اليهودية المتمصرة وذلك بالرغم من النقد الشديد الذى وجهه لها انبياء العهد القديم. أهم مثال على هذه اليهودية المتمصرنة هو قصة يوسف والتى تعبر عن "المهاجرون الجدد" , تقدم قصة يوسف صورة ايجابية عن مصر , صار من الممكن أن يتفاهم يوسف وفرعون حول معنى العناية الالهية لأن الاثنان يعرفان يهوة الاله الكونى . يقدر الباحث أن يقرأ فى العلاقة بين يوسف وفرعون مثال على امكانية التعايش بين اليهود والمصريين. يمثل يوسف نموذج لمهاجر يهودى ناجح فى ارض مصر . لقد نجح يوسف فى الانماج فى الثقافة المصرية بالرغم من الصعوبات فى البداية وتزوج مصرية (أسنات) وهى بنت كاهن مصرى مشهور (تكوين 41 :50 -52 ).ان قصة هجرة يوسف تمثل نجاح الهجرة العبرانية الى مصر وتأسيس التيار اليهودى المصرى الثقافى والذى أغتنى بالحقبة الهيللينية والبشرية مديونة لهذا التعايش الحضارى بترجمة التوراة الى اليونانية فى القرن الثالث قبل الميلاد .
7 – دور مصر فى المصالحة الحضارية لخير البشرية L,espoir d,une reconciliation بالرغم من أن جزء كبير من تاريخ الكتاب المقدس يقوم على تتبع الصراع بين مصر واسرائيل وأن مصر صارت قضية محورية فى الكثير من رؤى انبياء اسرائيل ’ الا أن قصة يوسف تقدم لنا الأمل على امكانية اختبار التعايش الحضارى والتكامل الثقافى فى منظومة التدبير اللاهوتى المشترك و لقد وصلت ايجابية بعض الرؤى النبوية العبرانية وخاصة فى الحقبة الهيللينية الى الاشارة الى امكانية ادماج مصر وشعبها وارضها فى خطة يهوة الخلاصية . أشعياء يرى أنت مصر سوف تصير شعب الرب على قدم المساواة مع اسرائيل "فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها ..فيعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم ..." . أن تحول مصر الى عبادة الرب الحقيقى فى العهد القديم ودورها فى صنع تراث البشرية الثقافى ’ سوف يعد البشرية للعبادة بالروح والحق ويفتح طريق العهد الجديد بكل عطاياه والتى تصدرت مصر وأرضها وأبائها وشعبها صفوف الشاهدين لها والمبشرين بها . وهذا هو ما نرجوه’ اليوم ’ من مصرنا الحبيبة لكى لا تخاف من صليب على قبة كنيسة أو من هلال على مئذنة جامع ولا من مجمع لليهود ’ بل أن تضع الجميع فى (خلاطها ) الحضارى وترش على الجميع من (بهرات) حبها وملح أرضها ورحيق حبها وزيت روحها ’ وتضرب الجميع فى هذا الخلاط (الميكسر) الحضارى ذو التاريخ العريق ’ وتخرج لنا شعبا واحدا مختارا من الله ’ شعبا متصالحا مع نفسه ومع التاريخ ومع الواقع ’ لينير العالم بمسيحيته العريقة واسلامه المعتدل وحتى ملحديه المثقفين ثقافة راقية .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع