الأقباط متحدون - معضلة الأمن الإقليمى بين عون وترامب
  • ٢٢:٠٠
  • السبت , ١٩ نوفمبر ٢٠١٦
English version

معضلة الأمن الإقليمى بين عون وترامب

د. جهاد عودة

مساحة رأي

٤٨: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١٦

عون وترامب
عون وترامب

د.جهاد عودة
من الواضح أن لبنان ليس ضمن أولويات الولايات المتحدة، على الأقل فى المرحلة الحاليّة، وبالتالى فإن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لن يغيّر شيئاً فى المعادلة، إلا فى حال تقلّبت الظروف الأمنية اللبنانية ودمجت بالواقع الإقليمي.

وفى قول آخر، إن اللاعبين السعودى والإيرانى وهما الآن صانعا التوازن السياسى والدستورى الجديد فى لبنان، حيث ميشيل عون، رئيس الجمهورية، يعيش فى الظل الايرانى وسعد الحريري، رئيس الوزراء يعيش فى الظل السعودي، وهما الطرفان اللذان لهما عداء أيديولوجى فى المقام الأول مع الرئيس الجديد المنتخب دونالد ترامب. ويقول مدير التحالف الأمريكى - شرق أوسطي، توم حرب، حليف ترامب: لا أحد يستطيع أن يساعد لبنان، إلا اللبنانيون أنفسهم، والمجتمع الدولى سيكون إلى جانبهم فى أى قرار قد يتخذونه.

ويضيف، حرب،: «هناك قرارات دولية وضعت لمساعدة لبنان، ويجب تطبيقها ولا يستطيع المجتمع الدولى أن يطبقها إذا كان اللبنانيون لا يريدون ذلك، من 1559 وصولاً إلى 1701، هل رئيس الجمهورية ميشيل عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يقدران على اتخاذ قرار كبير مثل نزع سلاح حزب اللهب؟، طبعا لا فى ظل الوضع الجديد فى لبنان، وأمام هذا الواقع لن يأتى ترامب وينفذ قرارات دولية، اللبنانيون يتهربون منها، وعليهم أن يعوا ماذا يريدون من الإدارة الأمريكية.

وفعلياً، يمثل ملف اللاجئين السوريين وضرب «داعش» أولوية لترامب بعد إعادة النظر فى الاتفاق النووى الإيراني، يقول حرب إن: «الرئيس الأمريكى الجديد سيسعى إلى إقامة مناطق آمنة للاجئين السوريين فى الداخل السورى وحمايتهم من أى اعتداء، والحفاظ عليهم فى بلدهم والعمل على إعادة المنتشرين فى دول الجوار ومنع تهجيرهم إلى لبنان والأردن وتركيا وأوروبا».

ويصرح توم حرب بأن ترامب غير متمسك باستمرار بشار الأسد، فى السلطة ولا يعنيه رحيله.

ويرى حرب : «الخطوة الثانية والضرورية تكوين جيش ردع عربى كى يدخل إلى سوريا ويحررها من داعش، وذلك طبعاً بالتنسيق مع المجتمع الدولى وروسيا تحديداً التى قد تطلب بقاء الرئيس السورى بشار الأسد فى منطقة محايدة، وبعد معرفة الشروط العربية التى قد تطلبها للقيام بذلك، وأبرزها الاتفاق على مصير الأسد».

إدارة ترامب ستسعى إلى تحسين العلاقات مع الدول العربية، وبدأت بذلك خلال الانتخابات مع مصر والأردن وتريد فعلاً إنهاء الأزمات فى المنطقة العربية والتى تصل امتدادها إلى دول العالم كافة.

وعن العلاقة مع السعودية، يقول حرب:ترامب لا يستطيع أن يعادى المملكة، وسيعمل فى الوقت نفسه على الانفتاح وتحسين العلاقات معها ويجب أن يكون وفق شروط محددة، ويجب مناقشته على طاولة مفاوضات وسيكون أبرز الشروط الأمريكية، وقف دعم المجموعات الإرهابية.

من المرجح أن يلعب ليس ميشيل عون أو سعد الحريري، ولكن سمير جعجع، دوراً محوريا بين ترامب والفواعل اللبنانية، الأمر الذى يذكرنا بشخصية ودور كميل شمعون، ليس فقط لعلاقته التاريخية مع وليد فارس، المرشح المسئول عن ملف الشرق الأوسط فى الإدارة الجديدة حيث كان عضواً سابقاً فى القوات اللبنانية ولكن لعلاقة جعجع الاستراتيجية مع السعودية ومصر والأردن، من ناحية ومع عون من ناحية أخري.

سمير جعجع من أكبر صانعى اتفاق الطائف وشريك فيه - قبل أن ينقلب عليه. كما أنه بات فى موقع الحليف اللبنانى المسيحى الأول للمملكة فى لبنان، وربما الشريك المحلى الأبرز فى استراتيجية كبيرة للمواجهة، استراتيجية قررت القيادة السعودية الجديدة اعتمادها دفاعاً عما تبقى من هوية عربية لهذه المنطقة من العالم فى وجه الهجمة الإيرانية عليها من جهات متعددة، وتحديات الدورين المتصاعدين لإسرائيل وتركيا، وظروف هى الأسوأ لانشغال مصر بأحوالها السيئة وتفكك أنظمة ودول من حولها. وتكسب قوى 14 آذار بعض أوكسجين، معنوياً على الأقل، وسط مخاوفها المتصاعدة من آثار للاتفاق النووى بين إيران ودول الغرب تتحرر طهران بموجبه من قيود تجارتها واقتصادها وتحصل على نحو 150 مليار دولار يمكن أن تصرف بعضاً منها على دعم الحركات والميليشيات الدائرة فى فلكها من لبنان إلى اليمن مروراً بسوريا والعراق حتى البحرين.

دونالد ترامب رجل أعمال يسعى الى كسب صفقات ماليّة من دول العالم حيال ما يعتبرها خدمات حماية تقدّمها دولته العظمى الى دول العالم أكان فى الشرق_الأوسط أم أوروبا ووصولاً الى الصين، حتى إنه يفكّر فى الاستفادة ماديّاً من جارته المكسيك وبناء سور فاصل بين البلدين على نفقة الحكومة المكسيكية واقتطاع المبالغ المترتبة من أموال المكسيكيين العاملين على الأراضى الأمريكية ومصادرتها فى حال رفضت الدولة الجارة بناء السور. وفى هذا الإطار يسعى ترامب يحاول إجبار الدول الكبرى على دفع خوّة اى مبالغ مالية مقابل حمايتهم فى اوروبا. ومع الصين أيضاً التى تمتلك فائضاً فى الميزان التجارى حيث ينوى معاقبتها اقتصادياً فى حال لم تخضع لمطالبه. وهذا ما اخاف جميع الدول وأثار قلقهم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع