الجمعة البيضاء!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦
تحتفل الولايات المتحدة الأمريكية، فى آخر جمعة من شهر نوفمبر، بعيد الشكر، وهو عيد اجتماعى يُعد من أبرز طقوسه الخصومات الهائلة على الملابس والأجهزة الإلكترونية وكل شىء.
ناس وناس، ناس تحتفل بناسها، وناس تجلد نفسها وناسها، هناك عيد واحتفالات وتخفيضات، وهنا كومكسات وتويتات وتغريدات، السخرية المرة من زحام المصريين على المولات والمحلات التى صاحبت الجمعة الماضى محزنة وتحزن وحاجة تقرف.
هناك طائفة من البشر وكأنهم متسلطون علينا، يضنون على المصريين بفرحة، يهرعون إلى وأد الفرحة ما إن تطل، حتى ولو كانت فى شكل خصومات وتخفيضات تعين الغلابة على شراء كسوة الشتاء أو خزين الطعام، نازلين تريقة وسخرية ومسخرة، وسباق فى الأذية، والأذية طبع.
لو كنت من وزير التموين اللواء مصيلحى لاستغل الإقبال وحركة الأسواق، وكررها مراراً، ولخصص الجمعة من كل أسبوع للتخفيضات، ولنسمها الجمعة البيضاء، بيضاء إن شاء الله على المصريين كافة.
الجمعة الماضى وما شهده من زحام وشراء، أسعد الفنان الجميل مأمون المليجى، وبقدر سعادته بالزحام والشراء وإحساس الفرحة التى غمرت الكثير أمام المولات والمحلات، بقدر حزنه وضيقه وألمه من التنطع الذى مارسه ويمارسه نفر مأفون على وسائل التواصل الاجتماعى وعلى الفضائيات من جلد للمصريين، يستكثرون الفرحة فى عيون لم تعرف لمعة الفرحة منذ سنوات، وكتب مشاعره فى هذه الكلمات.. نصاً يقول:
«أتعجب وأندهش من هجوم بعض الإعلاميين على فعاليات اليوم المسمى ببلاك فرايداى وسخريتهم ونقدهم للمواطنين الذين سارعوا لاستغلال الخصومات المعروضة عليهم من أصحاب المحلات الذين يحاولون بقدر استطاعتهم تحريك السوق للوفاء بالالتزامات التى عليهم من قيمة إيجارية عالية ومرتبات العاملين لديهم وكهرباء.. إلخ.. إلخ.
فهذا اليوم كان بمثابة فائدة مزدوجة للطرفين.. فبدلاً من السخرية من المواطنين كان على الإعلام استغلال هذا الحدث وتصديره للفت انتباه المستثمرين من أنحاء العالم على أنه برغم الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار فى مصر إلا أن القوة الشرائية للشعب المصرى لا تضاهيها أى قوة فى أى مكان آخر فى العالم، مما يشجعهم على القدوم للاستثمار فى مصر.
بالإضافة للفت أنظار العالم إلى حالة الاستقرار والأمان التى أصبحت عليها مصر، حيث لم يتم تسجيل أى حادثة تحرش أو سرقة أو اعتداء، برغم هذا الزحام الشديد مما يشجع السائحين على العودة لمصر.
لقد أصبح أسلوب بعض الإعلاميين فى نقد وجلد الشعب المصرى منفراً ووقحاً للغاية.. لقد نصّبوا من أنفسهم مربين ومعالجين نفسيين لهذا الشعب العظيم.. تساؤلات غبية توضح مدى انفصالهم عن الناس.. وأول هذه التساؤلات: من أين أتى هذا الكم من البشر بالأموال؟.
منذ الطفولة ونحن نعلم أن رب الأسرة المصرية يدخر طوال العام من راتبه الشهرى جزءاً ضئيلاً من أجل كسوة الشتاء، فما المانع أن يحاول أفراد الأسرة الحصول على مشترياتهم بتخفيضات كبيرة.. وأخيراً أحب أن أذكر مذيعى (التوك شو) أن ليس كل أفراد الشعب المصرى يحصلون على الملايين التى يتقاضونها للجلوس على كرسى وتوجيه السخرية والتهكم بالمواطنين الشرفاء البسطاء الذين لو كانوا يملكون أموالاً وفيرة ما كانوا عرضوا أنفسهم للزحام والبهدلة وكلام اللى يسوى واللى ما يسواش.. نستطيع أن نقول إن أى إنجاز يقدمه الشعب يتم سحقه وعدم استغلاله من الإعلام والحكومة».
فعلاً نظرة من عيون فنان، نظرة إيجابية، نظرة تلقط الإيجابيات ولا تغفل السلبيات، وفيها قدر من الإحساس العام بالضائقة الاقتصادية التى نعيش فى أسرها، وتمسك بخناقنا، وتتوالى أعراضها قاسية فى مسلسل أزمات أجبرت البسطاء على تعديل الأولويات، وضغط النفقات؛ مما كان له الأثر السالب والخطير على الأسواق، حيث تكاد تفلس تماماً.
نقلا عن المصري اليوم