حزام ناسف من سيلولوز
مقالات مختارة | خالد منتصر
الاربعاء ١٤ ديسمبر ٢٠١٦
كنت قد كتبت مقال الأمس وأرسلته مبكراً قبل كشف ملابسات حادث الكنيسة البطرسية بالتفصيل واكتشاف أنه قد تم بحزام ناسف وليس قنبلة، وتساءلت عمن زرع القنبلة فى الكنيسة؟، وما زال جوهر السؤال مطروحاً وبشكل أكثر خطورة وهو سؤال عمن ربط الحزام الناسف على خصر هذا الإرهابى؟، أظنه لم يكن حزاماً ناسفاً على الخصر بقدر ما كان حزاماً ناسفاً على العقل، وأخطر أنواع الأحزمة الناسفة ليست المصنوعة من الـ«تى إن تى» ولكنها المصنوعة من سيلولوز، المصنوعة من ورق، إنها الكتب التى شكلت عقل ووجدان هذا المحمود شفيق مصطفى، ابن العشرينات، وغيره من الإرهابيين، وبالطبع أقصد بالكتب حزمة المؤثرات السمعية والبصرية من خطب وشرائط كاسيت وسيديهات..إلخ، كيف تشكل عقل هذا الانتحارى؟، ا
لسؤال خطير وصادم عندما تتصور شاباً يهرول نحو حتفه بهذا الإصرار وهو متأكد وعلى يقين تام أنه سيصير نتفاً وأشلاء بعد ثوانٍ قليلة، بل والأخطر أنه يعدو مبتسماً منتشياً سعيداً واثقاً من أنه أمر إلهى، وأن هناك مكافأة ربانية على قتله للمسيحيين، هناك فردوس سيتمرغ فى حريره وإستبرقه وأنهار عسله ولبنه، وسبعون حورية تنتظره، كل منهن بيضاء شفافة تظهر شرايينها من خلف جلدها!!، كل حورية لها سبعون وصيفة وكل جماع سيستغرق سبعين سنة من المتعة التى حرم منها فى الدنيا!!، هذه هى صفات الحوريات فى الجنة تضمها صفحات كتاب هو الأكثر مبيعاً فى معرض الكتاب بجانب كتاب «أكثر أهل جهنم من النساء»، وإلى جانب شرائط أحمد أديدات وهو فى مناظرات حول المسيحية والإسلام ومعها شرائط أحمد الحوينى وحسان ويعقوب» عن الأقباط والمرأة والفرقة الناجية، هذه الحزمة الورقية من السيلولوز هى الحزام الناسف الأول الرئيسى الذى ارتداه هذا الشاب المقبل من أعماق ريف الفيوم، حيث موطن منظر الجهاد عمر عبدالرحمن، هذا الشيخ الضرير الذى أنار الطريق أمام باقى العصابة والذى أفتى بذبح نجيب محفوظ بعد أن أهدانا حزامه الناسف السيلولوزى الورقى وهى رسالة الدكتوراه عن الولاء والبراء التى تعنى باختصار وبالبلدى الصريح أن «المسيحى ماينفعش مديرى ولا وزير ماليتى وممكن ماينفعش يعيش أصلاً»، ولذلك أفتى بقتلهم وسرقة محلاتهم!، هذا الإخوانى الذى ارتدى الحزام الناسف تربى فى نظام الأسر الإخوانية، لقنوه وحفظوه أن دية الذمى ليست مثل ديتنا نحن أصحاب الدم الأزرق، وأن مرونة تطبيق الحدود عليه ليست مثل مرونتها علينا نحن الفرقة الناجية، وأن ممنوعاً عليهم بناء أى كنيسة جديدة فى أى قرية أو مدينة، وأن المسيحية التى تزوجت مسلماً لا تدفن فى مقابر المسلمين ومن الأفضل بقر بطن الجثة لدفن ابنها المسلم معنا وإنقاذه من المصير الجهنمى، طبقاً لما كتبه مفتى الإخوان!، وزعوا عليه فتوى مرشدهم مصطفى مشهور بحرمة تجنيد الأقباط، هرول الفتى الإخوانى الإرهابى تجاه كوكتيل الكفر الذى يراه ويمثل وسواساً قهرياً له، كوكتيل الأقباط مع النساء، اتجه لتفجير المسيحيات السافرات اللاتى يرددن صلوات تستفزه وتضغط على أعصابه العارية الملتهبة المكتوية المصهورة فى أفران «البنا كومبانى» ومخابز سيد قطب ودليفرى بديع.
ملاحظة أخيرة على الهامش: هل يعلم الرئيس وهل يعلم وزير الثقافة أن رئيس اتحاد الناشرين المصريين حتى شهور مضت كادر إخوانى رسمى نظمى وابنته هى المتهمة الرئيسية فى قضية التخابر مع قطر وينشر كتباً متطرفة للأطفال وتعرض فى جناح من أكبر الأجنحة فى المعرض؟!، هل وصل إلى علمكم هذا الخبر؟، هل فعلتم شيئاً للتصدى والمواجهة؟، وهل سيسمح له بنشر فيروساته وأحزمته الناسفة فى معرض الكتاب المقبل؟، وأخيراً هل نحن نتعلم من الدرس فعلاً؟!.
نقلا عن الوطن