المجلس الملي : صراع العلمانيين والاكليروس
سليمان شفيق
الاثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦
بين سبعة بابوات وستة ثورات
سليمان شفيق
تأسس المجلس الملي 1872 بعد ان شملت رياح التغيير الوطن وطالت الكنيسة ،حيث دخل المسيحيين مجلس شوري النواب (1866 ـ 1869) عضوان من 75 عضوا ،وسبق ذلك اللائحة السعيدية التي 27 عائلة مسيحية ملكيات زراعية تتراوح بين الفي وثلاثين الف فدان ومنهم عائلات مثل: غالي وسميكة وعبد النور والمنقبادي واخرين .
في هذا السياق تأسس اول مجلس ملي وانتخب اعضاؤة في 16 يناير 1874 ، واختير بطرس باشا غالي وكيلا ، وكيرلس الخامس رئيسا ولكن ما لبث البطريرك ان اعتبر ان المجلس يمثل اعتداء علي سلطاتة فحل المجلس 1875، ولكن بطرس غالي القريب من السراي والانجليز سعي حتي صدر الامر العالي في 13 مارس 1883 بأعادة المجلس واعيد انتخاب بطرس غالي وكيلا مرة اخري في 14 مايو 1883،ونصت اللائحة علي (النظر في كافة مصالح الاقباط الداخلية ، وان يختص بحصر اوقاف الكنائس والاديرة والمدارس وجميع حججها ومستنداتها وتنظيم حسابات الايراد والمنصرف وحفظ الارصدة ، وان يكون من واجبة ادارة المدارس والمطبعة ومساعدة الفقراء ، وحصر الكنائس وقساوستها ، والاديرة ورهبانها والامتعة والسجلات الموجودة بهذة الجهات ،وذلك فضلا عن اعتبارة محكمة للاحوال الشخصية للاقباط تنظر منازعات الزواج والطلاق وغيرها ، ......)
الاان البطريرك والمجمع رفضوا اللائحة ، وعندما اراد المجلس تجديد انتخاب اعضائة 1891، رفض البطريرك واختلفا ولكن تم حل وسط ) :ان تبقي اوقاف الاديرة تحت اشراف البطريرك ، وان تحتفظ الاديرة بفائض ايرد اطيانها والا يكون للمجلس علاقة بديوان البطريركية ، وان تكون رئاسة المجلس في حالة غياب البطريرك ليست لوكيلة بل لمن ينيبة البطريرك من الاكليروس ، وان يكون للبطريرك حق تعيين الثلثين ) ورغم ان هذا الاتفاق يسحب الكثير من اختصاصات العلمانيين بالمجلس الا ان البطريرك رفضة، فأسرع غالي بشكوي البطريرك الي الحكومة فقامت بنفي البطريرك الي دير البراموس ونفي مساعدة الانبا يؤانس الي دير الانبا بولا ـ صار الانبا بولا بطريركا بعد نياحة البطريرك كيرلس الخامس ـ
هذة اللمحة التاريخية مهمة جدا لكي تأصل لصراع الاكليروس والعلمانيين علي قيادة الادارة الكنسية ،واستمرت الخلافات فيما بعدنياحة كيرلس الخامس وفي انتخابات البطريرك يؤانس البطريرك يؤانس حول لائحة انتخاب البطريرك ،وشهد انتخابات البطريرك لاول مرة منذ القرن الرابع ترشح القمص يوحنا سلامة ـ ارمل ـ وحبيب جرجس علماني ، واستمرت الخلافات وفي عهد البطريرك مكاريوس الذي اعاد للمجلس الملي كافة الصلاحيات واختلف مع المجمع المقدس وصار المجمع ينعقد بدون البطريرك ، واشتد الخلاف ووجد البطريرك نفسة وحيدا بين المجمع المتشدد والمجلس الملي الاكثر تشددا هجر البطريركية الي دير الانبا بولا،وبعد توسط احمد باشا ماهر رئيس الوزراء عاد البطريرك في 8 أكتوبر 1944 وجمع البطريرك المجمع واعاد لة صلاحياتة علي حساب حلفائة في المجلس الملي واعطي اوامرة الاتصرف اي اموال الابتوقيعة شخصيا وتواترت المشاكل حتي نياحتة في 31 أغسطس 1945.
واستمرت الخلافات علي اشدها في عهد البطريرك الانبا يوساب ، وقصة خطفة من جماعة الامة القبطية معروفة ، وخلافاتة مع وكيل المجلس د المنياوي الخ
وجأت يوليو 1952، وتغيرت لائحة البطريرك ، واعتلي كرسي مار مرقص القديس الانبا كيرلس السادس ، وتجددت الخلافات وادعي المجلس ان البابا القديس لايستطيع الانفاق علي البطريركية والكنيسة ، وانة استدان من جمعية التوفيق القبطية الفي جنية ليدفع مرتبات الموظفين ، وانة رجل صلاة ولا يهتم كأسلافة بأمور الكنيسة!!
بعدما نشر بعض اعضاء المجلس الملي هذة الانتقادات في صحيفة "مصر" حينذاك ذهب البابا الي عبد الناصر وعرض علية الامر ، فأمر عبد الناصر في ذلك الوقت بصرف تبرع من الدولة وقدرة عشرة الاف جنيها مصريا مع حل المجلس الملي الذي ثبت فشلة وشمل القرار تشكيل لجنة برئاسة البابا كيرلس عام 1967 لادارة اوقاف الكنيسة ، وكانت نتيجة ذلك ان عبرت الكنيسة ازمتها المالية وسددت ديونها وارتفع رصيدها الي 150 الف جنية .
استمر المجلس محلولا حتي اعادة قداسة البابا شنودة المتنيح في 1971.. الذي رسم كل اعضاء المجلس الملي شمامسة ـ اي صاروا جزء من الاكليروس ـ !!
هكذا لايمكن ادراك وفهم المجلس الملي دون ادراك تلك الصراعات التي تحدث من 1973 وحتي 2016 ، سبعة بطاركة (كيرلس الخامس ويؤانس ومكاريوس الثالث ويوساب الثاني وكيرلس السادس وشنودة الثالث وتواضروس الثاني ) 18 مجلسا مليا ، شهدت جميها خلافات ومشاكل وقضايا بين الاكليروس والعلمانيين الا في عهد قداسة البابا شنودة الثالث الذي رسم الاعضاء شمامسة فصاروا درجة من الاكليروس وليسوا علمانيين .
لم اكتب التاريخ من أجل التاريخ بل من أجل الحاضر الاتي الذي يؤكد علي ان مفهوم ورؤية المجلس الملي قد انتهي عمرها الافتراضي ، ولابد من عقد مؤتمر علمي بين المجمع المقدس وبعض الاراخنة من اجيال مختلفة لمناقشة أعادة النظر في مجمل علاقة الكنيسة بالعلمانيين ، وبالمسألة التمثيلية ، ولائحة المجلس ، وقاعدة النخبين ، ومكانة الشباب لانة (ليس أحد يجعل رقعة من قطعة جديدة علي ثوب عتيق لان الملء يأخذ الثوب فيصير الخرق اردا، ولا يجعل خمر جديدة في زقاق عتيقة لئلا تنشق الزقاق فالخمر تنصب والزقاق تتلف بل يجعلون خمرا جديدة في زقاق جديد فتحفظ جميعها ) ـ مر2ـ 18: 22)
لان الحديث عن المجلس الملي بشكلة القديم كمن يدخل الكنيسة بطربوش عثمانلي !!