الأقباط متحدون - خريطة العلاقات بين روسيا وتركيا بعد اغتيال السفير الروسى
  • ٠٠:٢٤
  • الاربعاء , ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
English version

خريطة العلاقات بين روسيا وتركيا بعد اغتيال السفير الروسى

مقالات مختارة | سليمان شفيق

٠٢: ٠٧ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦

سليمان شفيق
سليمان شفيق

>>روس وأتراك وإيرانيون وسوريون أثبتوا أن المصالح تتخطى الأديان والمذاهب
فى أعقاب حادث الاغتيال الإرهابى التركى للسفير الروسى فى أنقرة أندريه كارلوف، عقد صبيحة اليوم التالى لقاء ثلاثى ضم وزراء دفاع وخارجية روسيا وتركيا وإيران دون أى تأثر بحادث الاغتيال، وأكد وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو أن «موسكو وأنقرة وطهران مستعدون للعب دور الضامنين لدفع التسوية السورية قدمًا إلى الأمام»، مؤكدًا أن «الولايات المتحدة لا تتمتع بنفوذ فعلى على الوضع».

وفى لقاء سيرجى شويجو مع نظيره التركى فكرى إيشيق، قبل انطلاق جلسة المحادثات الثلاثية، أكد شويغو نجاح عملية الفصل بين المعارضة المعتدلة والمتشددين فى حلب، بدوره قال إيشيق إن الجانب التركى يأمل فى أن يساهم التعاون الروسى التركى فى سوريا فى تعزيز العلاقات الثنائية بين موسكو وأنقرة فى مختلف المجالات.

كل تلك العبارات تؤكد على أن كلا الجانبين الروسى والتركى يدركان أن واقعة الاغتيال، كما صرح وزير الخارجية التركى مولود جاويش «الهدف الرئيسى للقاتل كان الإضرار بالعلاقات الروسية التركية ووقف التقدم الذى تحقق عبر جهودنا المشتركة»، وفى تناغم قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إن قتل السفير الروسى «كان يهدف لمحاولة عرقلة الحرب ضد الإرهاب فى سوريا «وللمزيد من الدلالات على تجاوز الأزمة قررت تركيا إطلاق اسم السفير المغتال على الشارع الذى تقع فيه السفارة الروسية فى أنقرة تكريمًا له.

الأهم أن البيان المشترك أكد على وحدة الأراضى السورية، وبقاء الرئيس بشار الأسد كجزء من الحل؛ ولعل كل ذلك يتفق مع ما تداولته بعض المصادر الروسية بأن «اغتيال السفير الروسى تم بمعرفة دوائر من الأمن التركى والموالية للموساد والسى أى إيه، ومن وراء الاغتيال أرادوا ضرب عصفورين بحجر واحد، ضرب التحالف الروسى التركى من جهة، ومن جهة أخرى محاولة استعادة تركيا مرة أخرى لبيت الطاعة الأمريكى خاصة بعد توتر العلاقات بين البلدين عقب محاولة الانقلاب، والذى اتهمت تركيا فيه الولايات المتحدة بإيواء المتهم بتدبير المحاولة الفاشلة فتح الله جولن، حتى أن رئيس الوزراء التركى قال وقتذاك إن «الدولة التى تستضيف مدبر الانقلاب فى حرب مع تركيا وليست صديقة».

بكل تأكيد فإن جريمة الاغتيال تستهدف ضرب التحالف التركى الروسى بعد أن استطاع الروس اختراق تركيا «عسكرى درك حلف الأطلنطى فى المنطقة» بعد أن أصبحت أنقرة مرتعًا لكل مخابرات العالم.

كما أنه قد فشلت كل مخططات الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وثبت زيف ادعاءاتها كما حدث من قبل فى خديعة ادعاء امتلاك نظام الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، ولعل أبلغ ما قيل فى هذا الصدد ما كتبه روبرت فيسك فى الإندبندت فى 14 ديسمبر الماضى ونصه «حان الوقت لقول الحقيقة الأخرى بأن الكثير من المتمردين الذين دعمناهم فى الغرب» هم من أكثر المقاتلين قسوة فى الشرق الأوسط. ففى الوقت الذى كنا نعبر عن رفضنا وانزعاجنا من شناعة داعش خلال حصار الموصل، وهو الحدث المشابه جدًا لحلب، علمًا بأنك لن تتلمس ذلك فى قراءة روايتنا للقصة، تجاهلنا عمدًا سلوك المتمردين.

فى حلب سيكون على السياسيين والخبراء والصحفيين الغربيين أن يعيدوا كتابة قصصهم فى الأيام المقبلة من جديد، وقد استعاد جيش بشار الأسد السيطرة على حلب الشرقية.

سنكتشف ما إذا كان المدنيون الـ250 ألفًا المحاصرون فى المدينة كانوا فعلًا بهذا الكم. وسنسمع المزيد عن عدم قدرتهم على المغادرة حين قصفت الحكومة السورية وسلاح الطيران الروسى الجزء الشرقى من المدينة.

وسنعرف المزيد عن المتمردين الذين نحن فى الغرب، الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى جانب حلفائنا قاطعى الرءوس فى الخليج، قمنا بدعمهم. قبل أسابيع قليلة فقط قابلت إحدى العائلات المسلمة التى هربت من شرق حلب خلال الهدنة. أخبرنى الوالد أنهم أبلغوه بأن المتمردين سيقومون بإعدام شقيقه لأنه اجتاز الخطوط الأمامية مع زوجته وابنه. لقد اتهم المقاتلين بإقفال المدارس وتخزين الأسلحة بالقرب من المستشفيات علمًا أنه لم يكن مواليًا للنظام بل إنه كان من المعجبين بسلوك داعش فى الأيام الأولى للحصار.

هؤلاء المسلحون هم الذين قاموا بعد احتلالهم لتدمر بذبح عالم الآثار البالغ من العمر 82 عامًا والذى حمى كنوزها، ثم وضعوا له نظاراته على رأسه المقطوع.

أكاذيب غربية خليجية:

يقول الجنرال السورى عمر معربونى على صفحته:
(الذين نزلوا إلى شوارع حلب فرحين بتحرير مدينتهم ليسوا إيرانيين شيعة
ولا من الروس الأرثوذكس..إنهم مئات الآلاف من السُنة الأحناف المتجذرين

بأرضهم منذ مئات السنين استشهد منهم بفعل إجرام الجماعات الإرهابية 12 ألف حلبى أكثر من 70 فى المائة من وحدات الجيش فى حلب التى حررت الأحياء الشرقية هم من أبناء حلب وأكثرهم من أبناء الأحياء المحررة.

فى حلب يتعانق الجامع الأموى بالكنيسة العربية الإنجيلية - من انتصر فى حلب هم أهل حلب السُنة المعتدلين الذين رفضوا الوهابية والتكفير.

عشرات الساعات من البث المباشر تبين خروج أكثر من 80 ألف مدنى إلى مراكز الإيواء برعاية الدولة ومؤسساتها مؤكدين ولاءهم لقائدهم ودولتهم وجيشهم..

- تسوية أوضاع 5000 مسلح شملهم مرسوم العفو.

- ومع ذلك تصدقون أكاذيب لا سند لها وغير موثقة فقط لأن حقدكم وعهركم يأبى إلا أن تكونوا صمًّا بكمًا عميًا.. لا تفقهون).

العلاقات الروسية التركية:
العلاقات الروسية التركية عمرها خمسة قرون، حينما تبادل ايفان الثالث الامير الكبير حاكم روسيا 1492 الرسائل مع السلطان العثمانى بايزيد الثانى حول التجارة البحرية بين البلدين، وافتتحت 1701 السفارة الروسية فى القسطنطينية، وفى 1991 أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا الاتحادية بصفتها الوريث للاتحاد السوفيتى.

العلاقات التركية الروسية ترتكز بالأساس على الروابط الاقتصادية كونها المحدد الأكبر للعلاقات بين البلدين، وحجر الزاوية الذى يمنع من تدهورها بأى شكل من الأشكال، خاصة فى ظل وجود جهاز مؤسسى للتعاون المشترك تسمى «المجلس الأعلى للتعاون التركى الروسى».

وتكمن عوامل القوة فى أن روسيا تعتبر أهم مورِّد للغاز الطبيعى لتركيا، إذ تستورد الأخيرة سنويا 16 مليار متر مكعب من الغاز الروسى عبر الخط البحرى (قرابة نصف وارداتها من الغاز الطبيعى)، إضافة إلى 12فى المائة من وارداتها النفطية، وهى ثانى أكبر شريك تجارى لتركيا.

فى المقابل، تعد تركيا سابع شريك تجارى لروسيا، وثانى أكبر سوق تصديرية لها بعد ألمانيا، وهى الوجهة الأولى للسياح الروس الذين يصل منهم إلى تركيا خمسة ملايين سائح سنويًا.

وقد وقع البلدان أكثر من ستين اتفاقية فى مجالات التعاون المختلفة خاصة فى مجالات الطاقة الكهربائية، وبناء سفن الشحن والنقل البحرى، وبينهما تبادل تجارى يزيد على 33 مليار دولار سنويًا، ويتوقع أن يرتفع إلى مئة مليار بحلول عام 2023.

وأصبح البروتوكول الخاص بانتهاء المباحثات الثنائية حول دخول السلع والخدمات الروسية للأسواق التركية فى إطار انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية والذى تم توقيعه فى 19 إبريل 2005 بأنقرة أصبح حجر الزاوية فى ارتكاز العلاقات بين البلدين، كما جرت فى 2007 فاعليات سنة الثقافة الروسية فى أنقرة، وفى 2008 جرت فى موسكو فاعليات سنة الثقافة التركية.

وتعد منتجعات تركيا أفضل أماكن الاستجمام والسياحة للروس، وعلى سبيل المثال زار عدد غير مسبوق من السائحين الروس لتركيا فى 2010 يقدرون بـ (3.11) مليون سائح روسى.

ولا ننسى أن 66 فى المائة من شركات السياحة الروسية رأسمال روسى تركى مشترك، وربما هذا يلعب دورًا كبيرًا فى تأخر استئناف رحلات الطيران الروسية لمصر.

كذلك فإن تركيا أردوغان تناور بعلاقاتها مع روسيا كمعادل موضوعى للتوازن مع عضويتها فى الناتو والتبعية للغرب الأمريكى من جهة، وللضغط على الاتحاد الأوروبى من جهة أخرى، ولا تبتعد رؤية بوتين عن رؤية أردوغان، تركيا للدب الروسى هى المخرج الوحيد للشرق الأوسط، وتمثل لرجل المخابرات السابق بوتين اختراقًا لعسكرى الدرك لحلف الأطلنطى، وفى سوريا غض بوتين النظر عن إزاحة الجيش التركى للأكراد واحتلال شريط حدودى مقابل أن تغض تركيا البصر عن كل معارك الجيش العربى السورى وحليفة الروسى ضد الغرب والسعودية وقطر، وليس فى الأمر تكتيك ومناورة وقتية لأن كلًا من روسيا وتركيا ليس من مصلحتهما إقامة أى مناطق حكم ذاتى للأكراد حتى لاتمتد العدوى للأناضول أو منطقة شرق روسيا الكردية.

نحن أمام معادلات كثيرة ومعقدة يأتى فيها تبادل المصالح أهم من الأديان والعقائد (المسيحية الأرثوذكسية الروسية، وتركيا المسلمة السُنية، وإيران الشيعية الاثنى عشرية، وسوريا الشيعية العلوية )، إضافة أن تقارب ثلاث حضارات عريقة (الفارسية والعثمانية والروسية )، وسقوط الاستقواء بالمذهب يشكل مؤشرًا مهمًا جدًا نحن المصريين أبناء الحضارة الأعرق، ليس هناك محور شيعى ومحور سُنى، المصالح تجعل المختلفين دينيًا وعقائديًا بينهم وحدة دم أكثر من متفقى المذهب، بل وتجعل روسيا تتغاضى عن إسقاط طائرتها ثم تقفز على دم السفير نحو حلب!!
هل نعى الدرس ؟
نقلا عن بوابة اللصباح

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع