الأقباط متحدون - السيسي وبناء الإنسان المصري
  • ٠١:٣٥
  • الأحد , ٨ يناير ٢٠١٧
English version

السيسي وبناء الإنسان المصري

د. نجيب جبرائيل

مساحة رأي

٥٦: ٠١ م +02:00 EET

الأحد ٨ يناير ٢٠١٧

 السيسي وبناء الإنسان المصري
السيسي وبناء الإنسان المصري
بقلم   نجيب جبرائيل 
شهدت مصر منذ اكثر من مايقارب خمسة عقود من الزمن تيارات مختلفة كان أكثرها مايحاول طمس الشئون المصرية وهو تيار الإسلام السياسي هذا التيار دعمته أنظمة سياسية .حكمت مصر علي مدار الفترة الماضية وتعاملت معه تارة بالمداعبة والمغازلة وتارة أخري بالوعيد والثبور  وكان ذلك عبر تحقيق مصالحها وظل الإسلام السياسي هكذا إلي إن اوجد تربة وبيئة خصبة تماما لظهور تيارات أخري اشد فتكا من السلاح نفسه وهو التيار التكفيري الذي نما بصورة واضحة في العقدين الأخيرين فظل يكفر كل من لا ينتمي إلية أو يؤمن  بفكرة وساعده علي ذلك تقاعس الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن مواجهته وكان ذلك يتأرجح علي قاعدة الملائمة والموائمة التي تلعب بها الدولة إلي إن زاد إتباع الحركات التكفيرية ووصل الحد إلي تهديد الحاكم نفسه والجيش و الشرطة وربما ماحدث من عمليات إرهابية وصلت إلي وسط العاصمة وكانت تلك العمليات مظهر من مظاهر تغلغل هذا الفكر التكفيري والذي رأينا أوج انعكاساته في حادث البطرسية  الأخير الذي راح ضحيته حتى ألان ثماني وعشرون شهيدا .
وكان ابرز هذا الفكر التكفيري هو تكفير المسيحيين تلك الفتوى الصريحة بهدم كنائسهم وإلزامهم بدفع الجزية وتكفير دينهم بل وصل الحد إلي أنة حتى إذا وصل الأمر إلي الموافقة علي بناء كنيسة أو ترميما شريطة ذلك إن تكون بلا قبة أو عدم ظهور صليب عليها أو دق جرس فيها وكانت دعوات هذا الفكر أصبحت يجهر بها حتى من علي بعض منابر المساجد بل وصل الحال إلي بعض الفضائيات وكان ذلك دون إن يحرك احد ساكنا ومن أجهزة الدولة التي  يمكن إن تبدي فقط لوما أو استياء لكن لم تفعل شيئا إزاء هذا الخطر الذي بات لا يهدد المسيحيين فحسب وإنما يهدد رأس الدولة بفتاوى لا اعتقد إن لن يقبلها السلام الوسطي المعتدل الذي عرفناه .
وكان لزاما  إن يكون للأمر وقفة فجاء حادث البطرسية الأليم الذي فجع قلوب المصريين جميعا فهب رأس الدولة المصرية الرئيس عبد الفتاح السيسي ليعالج الأمور من جذورها ولكن في اعتقادي إن معالجة الأمور بحسم  لم يكن فقط إعادة بناء البطرسية ودفع تعويضات  لأسر الشهداء والمصابين او الجنازة العسكرية والشعبية الذي تقدمها السيسي بنفسه بتشييع شهداء البطرسية ثم جاءت مبادرة السيسي التاريخية غير المسبوقة  لروساء مصر منذ نصف قرن من الزمان اذ حضر مع الاقباط عند دخولة الكاتدرائية ليلة عيد الميلاد متأبطا ذراع قداسة البابا تواضروس و استقبالة بالورود والفرح والترانيم 
ثم اعلانة عن اعتزام الدولة عن بناء اكبر كنيسة ومسجد في العاصمة الجديدة واعتبارة اول المتبرعين لهذا العمل العظيم 
كل ذلك حسنا وممتاز بطبيعة الحال ولكن لا يمكن ان ينظر الي تلك المبادرة او تلك الزيارة في حدود الفرصة بالتهنئة او انها تعكس تضميد جروح البطرسية ومسح دموع اسر الشهداء هذا جيدا بطبيعة الحال ولكن المحلل الذكي ينظر  اليها ابعد من ذلك بكثر فرسائل الزيارة عدة لعل من جوهرها هي رسالة لكافة أجهزة الدولة في المقام الأول ان عهد عدم قبول الامر قد انتهي والي غير رجعة وان شراكة الوطن لا يعني تبادل القبلات في المناسبات وتبويس اللحي واستنكار واستهجان مايحدث للمسيحيين من حوادث 
لكن الزيارة التاريخية  ابعد من ذلك بكثر الزيارة تعني ان لابد من إعادة بناء الانسان المصري من جديد علي أساس التعايش الحقيقي بدون مجاملة او تطيب للخواطر لا تعايش المصالح او الرد علي بيانات او قرارات حيث وانما فعلا نحن شركاء هذا الوطن جميعا نقتسم نعمه ونتحمل غرمة جميعا 
إعادة بناء الانسان المصري في ان يري نفسة في الاخر في ان يترك الدين للديان وان نمد جميعا يدنا لبناء هذا الوطن بان نرد علي الدعاوي التكفيرية واصحابها بانة ليس لهم وجود بيننا ان لم يتخلوا عن هذا الفكر الأسود . 
رسالة السيسي الحقيقية ان نعيد بناء منظومة تعليمية وان نكون جميعا شركاء فيها حتي لا نكون عقلية أطفال اسوياء ولا نخرج إرهابيين وهذا في المقام الأول لانة ان صلح التعليم صلح كل شيء في مصر . 
رسالة الي جميع أجهزة الدولة باعمال قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص ومحو تماما التمييز علي أساس الدين . ان رسائل السيسي حين زار الكاتدرائية المرقسية لهي دروس ينبغي ان تدرس في مناهج التربية والتعليم وان يبين منها الدروس المستفادة . 
حقا نحن غير خائفين ولكن واثقون كل الثقة في بناء مصر الحديثة في إعادة بناء الانسان المصري الذي حاول ان يدمره الفكر التكفيري لان مصر لا يمكن ان تبني الا علي سواعد ابناءها ولا يمكن ان نجني ثمارها لا بجميع أبناؤها فالفرح قريب والثمار قريبة بأذن اللة . 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع